أنا أحصد اللايكات… إذن أنا موجود. لدى المواقع الإخبارية… لدى مشاهير الفن والسياسة والأدب… وحتى لدى بعض المثقفين.
بالفعل، من الطبيعي أن يتابع مدير الموقع أو الكاتب أو الفنان عدد وطبيعة المتابعات التي يحصل عليها وأن يسعد لانتشار مقالاته أو أخباره. لكن حين يتحول ذلك إلى هوس يبرر أي شيء، فهذا يصبح إشكالا حقيقيا.
العديد من المواقع التي يفترض أنها تنتمي لإعلام محترم… العديد من الواجهات الإلكترونية لجرائد يفترض أنها جادة وجدية، أصبحت على الأنترنيت مستعدة لكل أنواع المنشورات.. من أجل الحصول على اللايكات… “شاهد فضيحة فلانة”… “دخل غرفة نومه ولن تصدق ماذا وجد”. “شاهد كيف قتل ابنه وقطعه أطرافا”. “اكتشفت أنه يخونها. شاهد كيف انتقمت منه”. “رأى الرسول في منامه. شاهد ماذا قال له”. “اضغط لايك إن كنت تحب رسول الله”.
كل العناوين صالحة للحصول على أكبر عدد من اللايكات. وفي الغالب، يكتشف القارئ أن العنوان أصلا كاذب.
اللايك يصبح هدفا في حد ذاته. غاية تبرر كل الوسائل. حتى من يُعتبرون “مؤثرين” علي الرأي العام من كتاب وإعلاميين وفنانين، أصبح بعضهم مهووسا بعدد اللايكات أكثر من اهتمامه بجودة ما يقدم من فن أو أدب أو فكر.
هذه السطحية يشترك فيها بل ويصنعها المتابع أيضا، الذي يهتم أحيانا بالإثارة أكثر من اهتمامه بالخبر والتحليل والمعلومة الصحيحة. كما أن بعض التعليقات تترجم سطحية عدد كبير من المعلقين، سواء كانت تنويها أو انتقادا. كشخص يعلق مثلا اعتمادا على العنوان فقط، حيث يكون تعليقه بعيدا جدا عن صلب الموضوع، وآخر يشتم الكاتب بدل الحديث عن الموضوع. حين تكون الكاتبة امرأة، يعلق البعض على صورتها وليس على المقال، على جمالها المفترض، على عدم تحجبها، أو حتى بإيحاء جنسي لا تكون له علاقة بتاتا بالموضوع الذي تتحدث عنه…
باختصار… الأنترنيت يفضح عاهاتنا بشكل أكبر، سواء كفاعلين أو كمتلقين…
هل فعلا تظنين أنه هوس اللايكات ؟؟ أنا أرى اننا اليوم أمام صحافة “الكليك” تسمية جديدة للصحافة الصفراء التي تنشر الإشاعات من أجل الربح المادي وبيع أكبر عدد من الصحف . وبما أننا اليوم أمام صحافة إلكترونية فإنه من الطبيعي أن ترغب هذه الأخيرة في الكسب المادي ، لذلك فهي تحاول جمع أكبر عدد من “الكليكات” التي تربحها بعض السنتيمات لكل كليك أو زيارة . ونتيجة لكل هذا أصبحت هذه المنابر تنشر كل شيء مثير ، يصلح لا يصلح ، ليس مهما بقدر ما أنه مثير و يرفع عدد الزيارات و الكليكات .