يونس مجاهد يكتب : حزب من كرسي الإحتياط

ثمة لعبة معروفة في الإشهار التجاري، وقد تم إقتباسها أيضا في الدعاية السياسية، تتمثل في إطلاق أوصاف وتصنيفات، ليست بالضرورة حقيقة وواقعية، والترويج لها بقوة، عن طريق التكرار واستعمالها باستمرار، كما لو كانت فكرة مسلّمة، يتقاسمها الجميع. من قبيل ذلك، ما يحاول البعض تمريره، بادعاء أن حزب العدالة والتنمية، ينتمي للصف الوطني الديمقراطي.
بل أكثر من ذلك، يتجرأ بعض المكلفين، بهذا الإشهار السياسي، بتنصيب الحزب المذكور، قائدا لهذا الصف الوطني الديمقراطي، ويدعون الأحزاب الأخرى، التي يعتبرونها ضالة، للإلتحاق به.
مصطلح الصف الوطني الديمقراطي، أطلق في المغرب، على الأحزاب التي عارضت نظام الحسن الثاني، وهي معروفة، تنتمي لليسار، باستثناء حزب الإستقلال، الذي لا ينتمي للتيار اليساري. أما حزب العدالة والتنمية، فلم يكن أبدا في صف معارضة هذا النظام، بل على العكس من ذلك، لقد تم إنشاؤه في حضن حزب كان باستمرار حليفا لهذ النظام، وخٌلق من طرفه، من أجل التصدي للصف الوطني الديمقراطي.
هل يتجرأ المكلفون بالإشهار السياسي، من طرف هذا الحزب، للإدعاء بأن الدكتور عبد الكريم الخطيب، مؤسس حزب العدالة والتنمية، كان شخصية من الصف الوطني الديمقراطي؟
هذا من حيث المنشإ، أما من حيث المسار، فقد تكلف هذا الحزب بمعارضة حكومة التناوب، التي كان يقودها المجاهد عبد الرحمن اليوسفي، في مرحلة وزير الداخلية، الأسبق، إدريس البصري، وما بعده. ولم يعرف أبدا عن هذا الحزب، أنه إتخذ موقفا ديمقراطيا، من أية قضية، بل كان أداة للتوجهات الرجعية، مثل ما حصل عندما مناهضته لخطة إدماج المرأة في التنمية.
ظل هذا الحزب، باستمرار أداة يستعمل في التصدي للتوجهات الوطنية الديمقراطية، منذ نشأته منتصف تسعينيات القرن الماضي، ضد الكتلة الديمقراطية، وضد حكومة التناوب، وبقي في كرسي الإحتياط، ليلعب نفس الدور، ضد حركة 20 فبراير، حتى تم إدماجه كلاعب رسمي في الفريق الحكومي، بعد دستور 2011، في إطار خطة تجاوز آثار ما سمي بالحراك العربي. وهذا ما صرح به أمينه العام، عبد الإله بنكيران، في اعترافاته.
الآن يسعى هذا الحزب، ليستمر في دور اللاعب الرسمي، بعد أن تبين له أنه مرغوب فيه ليعود إلى كرسي الإحتياط، لذلك يحاول تقمص دور آخر، لم يخلق له، يتمثل في إيهام الرأي العام، بأنه ينتمي للصف الوطني الديمقراطي، فقط في إطار المنافسة الإنتخابية، ضد حزب الأصالة والمعاصرة، وهذا ليس كاف لتغيير جلدة الحزب.

مأخوذ عن ركن بالفصيح المنشور في جريدة الإتحاد الإشتراكي

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة