اعتبر الباحث الأكاديمي والكاتب فوزي الصقلي أن الانتخابات التشريعية ل7 أكتوبر 2016 مكنت من صعود “قطبين سياسيين حقيقيين”.
وأوضح الباحث الصقلي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه “المرة الأولى في التاريخ الديمقراطي للمغرب التي يظهر فيها بجلاء صعود قطبين سياسيين حقيقيين”، مستندا في طرحه على فوز حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، على التوالي بالرتبتين الأولى والثانية خلال هذه التشريعيات.
وأضاف أن الأمر يتعلق بقطبين سياسيين “ليس لحصدهما لأكبر عدد من أصوات الناخبين فحسب، ولكن لقوة التعبئة التي سخراها لهذا الاستحقاق وللوضوح الذي طبع خطابهما الإيديولوجي”. وقال “إننا مررنا ، بذلك ، من ديمقراطية كمية إلى أخرى نوعية تقوم على امتدادات إيديولوجية حقيقية”.
وتابع أن هذه الديمقراطية تستمد قوتها من التوجهات الإيديولوجية “التي تعبر مجتمعنا”.
وأوضح المتحدث أن هذه الاتجاهات تتشكل بطريقة “تميل إلى قطبية ثنائية مع شبه تقريبي بينهما، وهي ثنائية مؤسسة على مرجعيات ثقافية مختلفة عن البنيات التقليدية يمين/يسار كما هو متعارف عليه في الديمقراطيات الغربية”، مسجلا ، في هذا الصدد ، أن “هناك تباعدا بين اليسار واليمين اللذين يظهر أن أثرهما ضعيف في سياقنا الاجتماعي، مما يفسر تراجع عدد بعض أحزابنا المعروفة تاريخيا بتوجهها إما يميني أو يساري بعدما وجدت صعوبة في الاستمرار في ذلك”.
وأشار إلى أن هذا لا يعني أن القيم والأفكار التي تتبناها بعض التشكيلات السياسية من قبيل بعث الدينامية في الاقتصاد (بالنسبة للأحزاب الليبرالية) ومبادئ التضامن والحقوق الاجتماعية (كما هو الحال لدى أحزاب اليسار)، أضحت متجاوزة أو عفا عنها الزمن.
ويرى الأكاديمي الصقلي أنه “من الضروري أن تستمر هذه الأحزاب في التزاماتها وما تؤمن به من أفكار من أجل إشاعة قيمها وتوسيع قاعدتها الاجتماعية”، وأن تراعى في التحالفات الحكومية شروط الانتماء السياسي الإيديولوجي والاجتماعي.
وأكد أن الأمر يتعلق بمسلسل “مدعو لأن يقود إلى (…) استعادة الأحزاب السياسية بالمغرب لمصداقيتها وقدرتها على تعبئة اجتماعية أكثر لكون هذه الأخيرة تبدو في الوقت الراهن جد ضعيفة”.
ولاحظ أن إحدى الإشارات الكبيرة التي بعث بها استحقاق 7 أكتوبر، تتمثل في صعود اتجاهات جديدة على الساحة السياسية المغربية، حاملة لمشاريع لها صدى قوي داخل المجتمع.
وكرست هذه التشريعيات التي تعد الثانية من نوعها في ظل الدستور الجديد للمملكة، هيمنة حزب العدالة والتنمية على المشهد السياسي الوطني بحصوله على 125 مقعدا من أصل 395 مقعدا يعدها مجلس النواب، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة الذي استحوذ على 102 من المقاعد.