التلفزيون الأرضي الرقمي حرب السيادة المقبلة

17 يونيو 2015 ليس تاريخا عاديا، ولن يكون يوما عاديا، بل هو نهاية مرحلة وبداية أخرى بالنسبة إلى المجال السمعي البصري في المغرب، حيث سينتهي العمل بالبث التماثلي وينتقل المغاربة إلى التلفزة الرقمية الأرضية TNT التي تمنح العديد من المزايا.
وحسب المؤشرات المتوفرة، يحق لنا أن نتساءل: هل سيكون المغرب جاهزا في التاريخ المحدد؟ هل سينجح الانتقال؟ ما الذي يعرقل المرور السلس إلى المرحلة الجديدة؟ ومن يتحمل المسؤولية في حالة الاخفاق المحدق؟

Haca 15112011 Bz (1)

لكي نفهم ما سيقع يجب أن نعود قليلا إلى الوراء. ففي 2006 صادق المغرب على الاتفاقية الدولية لتنظيم الاتصالات جنيف 2006 في إطار الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة. ما يجعله مجبرا على احترام Switch off المحدد في 17 يونيو المقبل من أجل الالتزام بتعهداته الدولية. حيث سينتهي العمل بالتردد UHF نهائيا (دوزيم نهائيا والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في بعض المناطق)، وتردد VHF في 17 يونيو 2020 (الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة نهائيا).

ويمكن المرور من التماثلي إلى الرقمي من الحصول على على صورة رقمية عالية الجودة وصوت شديد النقاء، كما يمكن من بث قنوات أرضية متعددة في حيز ترددي واحد خلافا للقنوات التماثلية التي تسمح بقنوات واحدة لكل تردد إضافة إلى مميزات كثيرة أخرى.

إلا أن التحول من التناظري إلى الرقمي يفصلنا عنه ثلاثة أشهر والوضع الحالي غير مشجع بالمرة بل يمكن أن يؤدي إلى تهديد استمرار الخدمة العمومية، إذ أن حوالي 6 في المائة فقط من الأسر المغربية مجهزة بديكودور TNT ما يعني أن 94 في المائة من المغاربة خارج المعادلة التلفزيونية الآن، ما يشكل كارثة حقيقية تمس حسب « نوفل الرغاي » السيادة السمعية البصرية الوطنية سيكون من بين تمظهراتها تشويش قنوات البلدان الجارة (الجزائر، إسبانيا…) على البث التلفزيوني الوطني.
ثلاث حالات:
سيوافق الانتقال من البث التناظري إلى الرقمي، شهر رمضان الذي يعرف اقبالا كبيرا على التلفزيون، حيث سيكون المشاهد أمام ثلاث حالات:
الحالة الاولى لأسرة تعيش في منطقة لا تخضع لتغطية TNT في التاريخ المحدد، ولن تجد قنواتها المعتادة على البث الهرتزي، فتنتقل بالتالي إلى الساتل مباشرة حيث تغرق القنوات المغربية وسط عرض يفوق 900 قناة في النايل سات لوحده، بالاضافة الى مشاكل الحقوق التي لن تمكنها من مشاهدة كل ما يبث على التلفزيون المغربي.
الحالة الثانية لأسرة تملك « تي إن تي » وتعيش في منطقة يشملها الارسال، ولن تعرف مشكلا في الانتقال إلا أنها فئة لا تتجاوز 6 في المائة من المغاربة.
والحالة الثالثة لأسرة تعيش في منطقة يشملها الارسال لكنها غير مجهزة بالديكودور الرقمي، فيكون أمامها حلان: اقتناء ديكودور ولاقط هوائي، أي مصاريف اضافية (20 في المائة فقط تتوفر على هذا اللاقط)، أو الانتقال الى الساتل لتنظم إلى كوكبة أغلبية المغاربة. وسنكون بالتالي أول بلد يشاهد منتوجه المحلي على الساتل أو بعابرة أخرى يعيشون “حريك إرادي”.

شركاء:
نحن أمام خمسة عناصر فاعلة في القضية تجد نفسها أمام تحدي كبير :

1 – الهاكا:
رافقت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ملف التلفزة الأرضية الرقمية منذ إطلاقه في 2007 ، كما أنه من مهامها منح التراخيص للقنوات التلفزيونية الخاصة، بصفتها الزبون المقبل لهذا النوع من البث.
إلا أن الهيأة ومجلس حكمائها تراجع مستواهما كثيرا حتى أنها قدمت مؤخرا للحكومة استشارة ملتبسة (منشورة على الموقع الالكتروني للهيأة)، سبق وأن قدمتها في 2013.

2 – القطب العمومي:
يعتبر القطب العمومي شريكا أساسيا في مشروع التلفزة الرقمية الأرضية لأنه أول من أطلق “تي إن تي” في 2007، وهو أيضا من مكن اليوم من تغطية 84 في المائة من التراب الوطني بالتلفزيون الرقمي الأرضي. لكن الولوج إلى الرقمي ضعيف جدا بينما الولوج إلى الساتل كبير بحكم عروضه المغرية.
النسب الفزعة مردها المضمون الضعيف للقنوات التلفزيونية الحالية التي لا تتميز بأي جاذبية، ما دفع فيصل العرايشي، رئيس القطب العمومي، إلى القول في تصريح ل »الأيام » إن الانتقال إلى الرقمي خطوة أولى سيتبعها تغيير على مستوى المضمون.

3 – الحكومة:
تمثل دورا محورا في عملية المرور إلى الرقمي لأن لها اختصاصات تمويلية في تنفيذ السياسة العمومية، لكنها اخلت بالكثير من أدوارها حيث كان عليها توفير الميزانية لاستكمال التغطية الرقمية، وتساهم في منح الأجهزة للمواطنين الأمر الذي يطرح إشكالات عدة خصوصا في سنة انتخابية (الكلفة: مليار درهم).
في ماي 2013، أعلنت الحكومة، على لسان وزير الاتصال مصطفى الخلفي، عن دعم الأسر ذات الدخل المحدود لاستقبال TNT”، وتبنى الخلفي مشروع المخطط الوطني للتلفزة الرقمية الأرضية مشيرا إلى “الاستجابة للالتزامات الدولية في مجال الانتقال إلى البث الرقمي، وحماية للسيادة الوطنية في هذا المجال”. وأشارت الصحافة حينها أن الوزير بسط “آلياته الحربية وأجملها في اعتماد مخطط وطني للتلفزة الرقمية الأرضية، وإرساء لجنة وطنية للانتقال إلى التلفزة الرقمية الأرضية، ووضع جدول زمني متعارف عليه لإنهاء خدمات البث التناظري، وتعبئة موارد مالية مهمة من أجل إنجاح مخطط الانتقال، وذلك من خلال إحداث صندوق لتمويل حساب خاص يدرج في مشروع ميزانية 2014“.
لا شيء من هذا تحقق، أضف إلى ذلك أن إنشاء اللجينات الادارية لا يحل المشاكل ولا يقدم الحلول الناجعة بل إن المرور في حاجة إلى خبراء ومهنيين في كافة المجالات المعنية بالانتقال (اللجنة التقنية التي قدمت المخطط الوطني للانتقال، الذي لم ينجز منه شيء، لا تضم الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري لأنها رفضت المشاركة فيها لأنه يرأسها وزير الاتصال وهو ما اعتبرته منافيا لوضعها كمؤسسة دستورية مستقلة).

4 – ميدي 1 تي في:
أصبحت هذه القناة، التي عرفت تحولات كبيرة منذ إنشائها بقرار سياسي، خاصة في 2014، حيث سيكون وضعها مقتصرا على الساتل بكل معوقاته (مشاكل حقوق البث مثلا)، إذا لم تنتقل بسرعة إلى الرقمي.
وحتى يتأتى لها ذلك لابد من التفاوض مع القطب العمومي المالك الحصري للبنية التحتية في إطار عقد تجاري يجمع الطرفين. لكن السؤال الكبير يطرح بخصوص الاستثمارات المالية الضخمة (حوالي 50 مليون درهم) التي صرفتها القناة منذ زمن قريب على البث التماثلي.

5 – قنوات المستقبل:
من أجل تجاوز معضلة المرور إلى التلفزة الرقمية الأرضية لابد من الإسراع بإطلاق تراخيص قنوات تلفزيونية خاصة، ومنحها البث الرقمي الأرضي الذي من مهامه انعاش التلفزة الرقمية الأرضية. ففي فرنسا، التي نستأنس بتجربتها في العديد من المجالات، لم تكن مؤسسة «فرانس تيليفزيون» الجاذب الوحيد ل»تي إن تي» بل إن القنوات الخاصة هي التي فتحت شهية الفرنسيين للوافد الجديد (تي إف 1، وإم 6، ودي 8…).
وستكون القنوات الخاصة أوفر حظا من ميدي 1 تي في لأنه لن يتم منح تراخيص جديدة إلا في إطار التلفزة الرقمية لكن ستكون بدورها مجبرة على إبرام عقد تجاري مع القطب العمومي للاستفادة من البنية التحتية الخاصة بالبث الرقمي.

مشروع سيادي
إن مشروع التلفزة الرقمية الأرضية يحمل بعدا سياديا على مستويين: مستوى تقني لوجستيكي وآخر متعلق بالمضمون.
على المستوى التقني فإن الانتقال من البث الهرتزي إلى البث الرقمي الأرضي يتطلب تغطية مائة في المائة لمجموع التراب الوطني (84 في المائة اليوم)، وتجهيز البيوت ب”ديكودور” (6 في المائة اليوم). نحن إذن  في حاجة الى عملية أشبه بعملية مارشال لتجهيز البيوت. إذ أن مسألة التجهيز أساسية وتتطلب إمكانات مالية كبيرة وحلولا عبقرية. فقد سبقتنا دول اخرى  في هذا المجال، وكل منها تبنى حلا أو حزمة حلول لمعضلة التجهيز إما عبر توزيع أجهزة الاستقبال، أو منع دخول التلفزيونات التي لا تتوفر على «تي إن تي» مدمج، أو سحب الأجهزة من السوق، أو بيع أجهزة الاستقبال بثمن رمزي… وكلها حلول لها كلفة مالية علما أن ميزانية الدولة مثقلة بهموم أخرى.
في إطار تحقيق الانتقال، اعتمدت البرتغال على ساعي البريد للوصول الى المناطق النائية لمساعدة الناس في التجهيز والتركيب.
وفي فرنسا ساعدت الدولة في توزيع أجهزة الاستقبال بثمن رمزي هو ثلاثين أورو. ولابد من الإشارة هنا إلى مذكرة أصدرتها وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة، في عهد حكومة عباس الفاسي، تتضمن معايير جديدة لاستيراد أجهزة التفزيون ذات «تي إن تي» مدمج.
المعادلة واضحة إذن: الحكومة توفر الكلفة المالية، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون تنجز، والهيأة العليا للاتصال السمعي البصري تقدم الخبرة وتمنح التراخيص وهما لحد الآن مهمتان زهدت فيهما.
من جهة أخرى فإن المضمون يطرح بدوره مشكلا سياديا، إذ أن المضمون الضعيف لا يغري بالمشاهدة واقتناء الأجهزة المزودة ب»تي إن تي». فقناة أفلام مثلا انشأت بميزانية 0 درهم، وبرمجتها لا تضم أفلاما حديثة ولا تشتري حقوق بث الإنتاجات الهوليوودية الجاذبة لنسب المشاهدة. والقناة الرياضية متوفرة على الساتل وتقدم البطولة الوطنية على غرار القناتين الأولى والثانية. أما الرابعة فمسخ تلفزيوني بلا تصنيف.
الساحر:
لقد تعاملت الحكومات المتعاقبة على مدى سنوات مع فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون ورئيس القطب العمومي، كالساحر الذي يطلب منه خلق القنوات من العدم. فميلاد القنوات التلفزيونية كان تنفيذا لسياسة حكومية محضة وليست لحاجيات مجتمعية حقيقية. كما نفذ الإعلام العمومي على مدى سنوات سياسات عمومية، ورضخ لإملاءات حكومية عجيبة إذ نحن الوحيدون الذين ينشئون قنوات تلفزيونية بشراكة مع وزارات! (الرابعة مع وزارة التربية الوطنية، والسادسة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية).

تحول مجتمعي:
إن الانتقال الرقمي تحول جوهري في المجال السمعي البصري بل داخل المجتمع ككل مثله مثل الانتقال الديمقراطي، يجب ألا يكون مجالا للمزايدات السياسوية.
فملف التلفزة الرقمية الأرضية أصبح طريدة تسيل اللعاب، في حين أن الفاعلين الثلاثة (الحكومة والقطب العمومي والهاكا) معنيون بهذه الثورة الرقمية بشكل عادل ومتساو.

ماذا بعد؟
إن الوضع الملتبس الذي لا يدعو إلى التفاؤل ليس إلى نتاج لترددات زلزال دفاتر التحملات، حيث الحرب الخفية والمعلنة بين التلفزيون ومصطفى الخلفي مفتوحة على كل الاحتمالات، أما الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري فتتحاشى الخوض في أي شيء، أو اتخاد موقف واضح وصارم في أي شيء خوفا من أن يقع لها ما وقع لسابقيها.
إلا أن الخاسر الكبير من هذه الضبابية هو الحقل السمعي البصري في المغرب، وهو المواطن أولا وأخيرا الذي وعد في كثير من المناسبات بثورات لم تتم… إن المجال السمعي البصري المغربي يتميز ب »عبقرية كبيرة » تجعله يتحرك، نعم، لكنه لا يتغير.

 

نوفل الرغاي°: ينبغي طرح سؤال السيادة السمعية البصرية الوطنية بجدية

نوفل الرغاي

ما هي رهانات التحول إلى التلفزة الرقمية الأرضية ؟
يمثل المرور إلى التلفزة الرقمية الأرضية رهانا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كبيرا، وفرصة لإصلاح شامل للحقل السمعي البصري، ولتغيير عادات الاستهلاك التلفزي للمغاربة.
كما أنه يسمح بالرفع من عرض المنتوج السمعي البصري، وتحسين جودة الصوت والصورة وتقديم قنوات بتقنية عالية الوضوح وتطوير العرض السمعي البصري المحلي. وإذا ما تمت مزاوجة المرور للتلفزة الرقمية الأرضية وتطوير الاتصالات والانترنت ذات الصبيب المرتفع، فسيصبح من الممكن تقديم مجموعة كبيرة من الخدمات التفاعلية المساهمة في النمو الاقتصادي.
لكن الرهان الرئيسي بالنسبة إلى المغرب، من وجهة نظري، ليس تقنيا واقتصاديا بقدر ما هو مجتمعي، ومرتبط باستمرارية التلفزة الأرضية المغربية وبعلاقة المتفرج المغربي بقنواته الوطنية. لأن الانتقال الناجح نحو التلفزة الأرضية الرقمية سيشجع على إنشاء قنوات محلية وجهوية تبث برامج مرتبطة بالمواطن وتشكل رافعة لمشروع الجهوية المتقدمة. وسيمكن هذا الانتقال أيضا من ضمان تواجد القنوات المغربية العمومية والخاصة بطريقة مميزة لدى المواطنين، ومختلفة عن طريقة تلقيهم للقنوات الدولية التي تبث عبر الأقمار الصناعية، والتي تستقطب يوميا أكثر من 60 في المائة من الجمهور المغربي.
يجب ان نفهم أن قرارا بسيطا مثل تغيير القناة داخل باقة أرضية وطنية قبل المرور إلى القنوات الدولية أمر مهم في ما يتعلق بالرفع من نسب مشاهدة الجمهور المغربي للقنوات الوطنية، لأن هاته الأخيرة إن لم تتم مشاهدتها إلا من خلال الأقمار الصناعية، سيجعل تموقعها داخل اختيار الجمهور امرا محدودا ولصيقا بمواعيد محددة مثل نشرات الأخبار بالنسبة إلى القنوات الكبرى (الأولى دوزيم) كما من شأنه خلق إهمال كلي لباقي القنوات الموضوعاتية، ولكم أن تتخيلوا الأضرار التي يمكن أن يسببها هذا الوضع على الأهداف الاجتماعية والثقافية المسطرة لهذه القنوات، وعلى صحتها المالية. كما أن استهلاك القنوات المغربية حصريا عبر الأقمار الصناعية ستترتب عنه آثار كبيرة على تشكيل شبكة البرامج لأسباب تتعلق بحقوق الملكية، فشراء حقوق بث مباراة رياضية أو مسلسل أجنبي يساوي الكثير في حال بثه عبر الأقمار الصناعية مقارنة بالبث الأرضي. وبالنظر للتنافسية التي تشكلها بعض المجموعات السمعية البصرية الدولية في شراء حقوق البث، خصوصا بث المنافسات الرياضية، حتى الوطنية منها مثل بطولة كرة القدم، فليس هناك أي نموذج اقتصادي يمكن القنوات الوطنية من تقديم مثل هذا المنتوج للمتفرج، سوى عن طريق البث الأرضي.
أما فيما يخص المحتوى التحريري، ففي حالة تحول عادات المشاهدة لدى المغاربة حصريا إلى البث الفضائي سيعمق ذلك من اكتساح القنوات الفضائية لنسب مشاهدة الجمهور المغربي، ولكم أن تتخيلوا أن يصبح المتفرج المغربي لا يتلقى سوى أخبارا من وجهة نظر أجنبية وبلغات مختلفة بينها العربية… ولهذا فأنا أتحدث منذ سنوات، مثل تدخلي في داكار في إطار ندوة إفريقية حول التحول نحو التلفزة الرقمية الأرضية سنة 2012، عن السيادة السمعية البصرية الوطنية.

هل ترون أن المغرب سائر في الطريق الصحيح في ما يخص التحول نحو التلفزة الأرضية الرقمية؟
كما تعلمون فقد تم تقرير إنهاء البث التناظري في يونيو 2015 على موجات التردد العالي UHF خلال الندوة الدولية للاتصالات سنة 2006، أي منذ 9 سنوات. فعلى بعد 100 يوم من التاريخ المقرر، السؤال الذي ينبغي طرحه هو عما إذا كان المغرب قد نجح في تحوله أم لا.
باستثناء انشاء شبكة الإرسال الرقمي الأرضي، فالحصيلة اليوم هي 8 قنوات عمومية وواحدة خاصة، تتم مشاهدتها غالبا من خلال الأقمار الصناعية، و8% من البيوت المغربية فقط تتوفر على جهاز مستقبل التلفزة الرقمية الأرضية.
يبدو إذن أن المغرب ليس في طريق النجاح في تحقيق الانتقال نحو التلفزة الأرضية الرقمية رغم أنه كان على الطريق الصحيح قبل بضع سنوات.
فقبل 3 سنوات كان المغرب متقدما على العديد من الدول الإفريقية التي لحقت بنا، بل وتجاونا البعض منها اليوم. وقد علمت من خلال الصحافة أن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري قد أعطت نهاية يناير الماضي رأيها حول مشروع قانون يعدل القانون 77ـ03 بطلب من رئيس الحكومة في أكتوبر 2014. بشكل منطقي، كان من الأجدى أن يحصل هذا قبل سنتين على الأقل، فالغرض من تعديل القانون ليس هو مواكبة التحول الرقمي ابتداء من يونيو 2015، بل إنه من المفروض في يونيو 2015 أن يبدأ البث حصريا بتقنية الرقمي لجمهور قام مسبقا باقتناء مستقبلات البث الرقمي في إطار استراتيجية وطنية كان من المفروض أن يتم تنفيذ شقها التشريعي والقانوني منذ سنتين على الأقل.

ما هي أسباب هذا الوضع في نظركم ؟
لقد تم إطلاق البث الرقمي في ظل غياب استراتيجية وطنية تؤطر الانتقال نحو التلفزة الرقمية الأرضية، والتعاطي معه من زاوية تقنية بحتة، دون أي اهتمام بالمحتوى أو بتركيبة الحقل السمعي البصري، ليتم تحفيز الجمهور من خلال عروض مغرية على اقتناء المستقبلات الرقمية. لقد وجدت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة نفسها تقوم بدور المتعهد التلفزي ومركب Multiplexe ، ومقدم الخدمات التقنية للبث، في غياب إطار قانوني ينظم بشكل واضح هذه المهن الثلاث المختلفة، وتضارب المصالح الذي قد ينشأ عن هذا الوضع. أتمنى أن يكون التغيير القانوني الذي يزمع احداثه قد فرض منع الجمع بين صفة المتعهد التلفزي، وصفة المركب والمقدم للخدمات التقنية للبث، وذلك لضمان الحيادية وخدمة لتنافسية سليمة بين مختلف فاعلي القطاع السمعي البصري عموميين وخواص.
كما أنه بإغناء المشهد التلفزي المغربي بقنوات خاصة جديدة من شأنه مصالحة الجمهور مع الانتاج التلفزي المغربي، إذ نتذكر جميعا إقبال المغاربة على الانصات للإذاعة عقب بدء الإذاعات الخاصة، فيما كانت راديو سوا قبل ذلك الإذاعة الأولى. ماذا أصبح راديو سوا الآن أمام الإذاعات المغربية الخاصة ؟ المقارنة نفسها ممكنة فيما يخص التلفزة.

ما الذي يجب القيام به الآن ؟
كان من الضروري البدء في تنفيذ حلول استعجالية منذ مدة، وقد صرحت بذلك منذ شهور وتم تداول تصريحاتي في الصحافة الوطنية. اليوم وعلى بعد 100 يوم من تاريخ إنهاء البث التناظري، ينبغي على الحكومة المغربية أن تطرح على نفسها سؤال السيادة السمعية البصرية الوطنية بجدية في حال أصبحت القنوات التي تبث من خلال الأقمار الصناعية الطريقة الوحيدة لاستهلاك التلفزة المغربية. إذا تم طرح هذا السؤال بشكل صحيح فمن المؤكد أن حلولا استعجالية ستنفذ بشكل جدي وملموس، مع العلم انه كلما تأخر الوقت إلا وزادت التكلفة المالية إلا أنها ستبقى تكلفة رخيصة بالمقارنة مع تكلفة اهدار السيادة السمعية البصرية الوطنية.

° خبير دولي في المجال السمعي البصري والمدير العام السابق للهياة العليا للاتصال السمعي البصري

فيصل العرايشي : الرهان المقبل مرتبط بتقديم مضمون جذاب

فيصل-لعرايشي

أكد الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فيصل العرايشي، أن الشركة مستعدة للانتقال إلى الرقمي حيث بدأت استعداداتها منذ 2006 .
وأضاف العرايشي في لقائه مع « الأيام » أن الشركة تمكنت من تغطية جل مناطق البلاد بالبث الرقمي الارضي وأن الرهان المقبل مرتبط بتقديم مضمون جذاب لمختلف شرائح المشاهدين.
وفي سياق متصل، مرت القناة الأولى إلى البث بجودة عالية HD على الساتل وعلى TNT في بث تجريبي حيث أكد العرايشي أن نهاية البث الهرتزي في يونيو المقبل سيتيح الفرصة أمام الشركة لتقديم عرض مختلف وجذاب على البث الفضائي والبث الرقمي الأرضي.

وستعرض القناة برامج بالجودة العالية على TNT من خلال شبكة جديدة بالإضافة إلى مباريات كرة القدم ونشرات الأخبار التي ستبث ب HD على أن يتم التحول 100 في 100 إلى الجودة العالية بتدرج بالنظر إلى استعمال بعض البرامج لتسجيلات أرشيفية قديمة.
ومن المنتظر أن تعزز الأولى برمجتها بالمسلسل الحدث “دار الغزلان”، وببرنامج سياسي جديد سيبث بالتناوب مع برنامج “قضايا وآراء” كل ثلاثاء، وبرنامج فني جديد يحمل اسم “تغريدة” يهتم بالأغنية المغربية العصرية.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة