ما زالت قضية سعد لمجرد، تملأ الدنيا وتشغل الناس. لم تخفف من وهجها أخبار فكري الحسيمة ولا مباراة طنجة أو حكومة بنكيران التي لم تتشكل بعد.
وبين متضامن مع النجم المغربي إيمانا بمبدأ “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”، ومتحامل عليه حد الحقد الأعمى، ومن يتابع من بعيد أطوار القضية والله وحده مطّلع على ما في قلبه، يبقى السؤال الكبير المطروح، من يمتلك الحقيقة؟ خاصة في غياب المعلومة “الرسمية” وفي ظل التصريحات المتعددة والمتناقضة التي تنشر هنا وهناك.
“فانز” سعد وأصدقاؤه، متأكدون من البراءة، فهو بالنسبة إليهم الملاك الطاهر المنزه عن الخطأ، الذي لا يمكن أن يقع في “الرذيلة” مثله مثل سائر العالمين، فهو لا يمكن أن “يسكر” أو “ينفح” أو يمارس الجنس خارج إطار شرعي، فبالأحرى أن يغتصب. لذلك تراهم يتقاسمون “فيديوهاته” عبر “فيسبوك” وباقي مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يصلي ويقرأ سورة الضحى، ثم وهو يحمل طفلا في إحدى حفلاته، وهم يعلّقون “هل يمكن لهذا الوجه البريء والابتسامة الحنونة أن يغتصب أو يمارس العنف على أحد؟”. بل وصل بهم الأمر، حد رفع صورته والعلم المغربي وسط قصر العدالة بباريس حيث تجري أطوار القضية، مطالبين بإطلاق سراح نجمهم المفضل، قبل أن يأتي رجال الأمن الفرنسي و”يفرقون الجوقة”، ويطردون الجميع خارج المحكمة.
وبمنتهى “العبط” دائما، قرر “الفانز” في مصر وتونس والبيضاء والعديد من المدن العربية، بدورهم، القيام بوقفات أمام السفارات الفرنسية في بلدانهم، احتجاجا على اعتقال سعد، وأطلقوا عريضة عبر الأنترنت لجمع التوقيعات وبعثها إلى القضاء الفرنسي، وكأن هذا الأخير، سيتأثر بكل هذا، ويقرر، مباشرة بعد ذلك، الإفراج عن لمجرد وطي ملف القضية تماما، تجنبا لما هو أسوأ.
أما الذين تحدثوا عن مؤامرة جزائرية فرنسية، فيستحقون، بدون نقاش، وضعهم في المارستانات ومستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، لأن البولونات” عندهم “تقطّعات”، وأبانت عن خلل خطير في الدماغ يمنعهم من التفكير السليم والسوي.
الفنانون، بدورهم، انقسموا أقساما وتفرقوا مللا. منهم من أراد الركوب على الموجة، مع أنه لا يجيد “السورف” (رياضة ركوب الأمواج)، فأصبح، بين ليلة وضحاها، صديقا لسعد مقربا منه ويعرفه جيدا، فقط لتذكر وسائل الإعلام اسمه، ومنهم من تصدى بشراسة “فيسبوكية” لكل كلمة تكتبها الصحافة والإعلام ووصفها ب”الزبالة” و”صحافة المراحيض”، فقط لأنها لم تنجر مع “الجوقة”، ومنهم، من أبانوا عن غباء كبير، وهم يهاجمون من لم يتضامن مع “لمعلم” ولم ينخرط في حملة “هاشتاغ كلنا سعد لمجرد”، متناسين أن الأمر يتعلق بفضيحة أخلاقية، لا يمكن لفنان له سمعة وشأن في الوسط الفني، (جاد المالح نموذجا) أن يزج باسمه فيها، سواء كان سعد بريئا أو مذنبا.
آخرون، أو بالأحرى أخريات، كلما ظهرت صورة مفترضة للشابة الفرنسية التي اتهمت سعد بالاغتصاب، إلا وعلقن عليها مشمئزات “كون كانت غير زوينة بعدا… ناري ما فيها ما يتشاف… ويلي هادي راه هيا تغتاصبو…”
الجميع يندّد ويستنكر و”يحيّح” ويدعي امتلاك الحقيقة، وكأنه كان ثالثا بين سعد و”ضحيته” في غرفة “الماريوت”. الأغلبية لا يهمها أن يكون سعد اغتصب فعلا. الأهم أنه مغربي وعلى جميع المغاربة أن يكونوا يدا واحدة في الدفاع عن “لمعلم” ضد الحاقدين وأعداء النجاح. وكأن “أمنا” فرنسا، لا همّ لها سوى إرضاء كبرياء المغاربة والخضوع لنزواتهم الشخصية. وكأنها ليست بلد الحق والقانون بامتياز.
نورا الفواري عن جريدة الصباح
المنشورات ذات الصلة
نونبر 4, 2024
الموت يخطف الموسيقي الشهير كوينسي جونز
نونبر 4, 2024
يستحسن وضع رابط للمقال الأصلي في جريدة الصباح
الأمر يتعلق بالجريدة الورقية