ماذا يعني تنظيم مهرجان مراكش دون الفيلم المغربي؟

لتقديم جواب مقنع دعونا نطرح السؤال بشكل مختلف : ماذا يعني أن يكون الفيلم المغربي حاضرا في مراكش؟
لقد كانت فلسفة المهرجان على مدى سنوات ملتزمة بالصيغة التالية : فيلم مغربي في المسابقة الرسمية (حسب قيمة الإنتاجات الوطنية) ، وثلاثة أفلام ضمن قسم خفقة قلب، على أساس أن مهرجان المدينة الحمراء فضاء ليس للمنافسة مع الآخرين، بل واجهة دولية ترى فيها السينما المغربية صورتها الحقيقية، وفي الآن ذاته، فرصة للتعريف بسينما فتية لها ما لها وعليها ما عليها.
إلا أن ما حدث هذه الدورة هو امتداد لنكوص خطير : فمع رحيل نور الدين الصايل عن المركز السينمائي قبل سنتين، فقدت السينما المغربية مدافعا شرسا كان يخلق توازنا في الخيارات الفنية للمهرجان، وحل محله المدير الجديد صارم الفاسي الفهري الذي هو مجرد « رحالة » يتجول بين المهرجانات والمناسبات، بعد أن حول المركز إلى « مقاطعة » كئيبة.
لذلك، شهدنا في الدورة الماضية من المهرجان حضور فيلم بلجيكي يتيم في المسابقة الرسمية نسب إلى المغرب، وهذه الدورة نشهد وضعا أخطر، حيث اختفت السينما المغربية من المسابقة الرسمية وحضرت بشكل باهت في أقسام أخرى من خلال فيلمين : الأول هو “عمي” لنسيم عباسي الذي تمت برمجته فقط من أجل عرضه يوم تكريم الكوميدي عبد الرحيم التونسي المعروف ب”عيد الرؤوف”، وكذا من خلال فيلم « ميموزا » وهو فيلم قطري فرنسي اسباني مغربي عرض في القاعات السينمائية الفرنسية في غشت الماضي.
إن الدفاع عن الفيلم المغربي ليست رؤية شوفينية ضيقة، بل هي توجه براغماتي لسينما تشق طريقا صعبا، ويجب أن ترى نفسها في مرآة دولية كامتحان سنوي للمساءلة من جهة، وتعريف بنفسها من جهة أخرى في محفل عالمي يضم الكبار.
أما ما نشهده اليوم فهو سطوة رجل واحد اسمه برونو بارد يفرض توجهه ونظرته السينمائية على مهرجان مغربي، يفترض أن يخدم مصالح السينما المغربية أولا، وليس التعامل بمنطق الولاءات والشللية.
جميعنا واعون بأن المهرجان لا يجلب أفلاما ذات صيت عالمي كبير، بل اتخذ كخيار له البحث عن الأعمال الأولى أو الثانية لمخرجين شباب، لذلك لا يجب أن نكون قاسين على سينمانا أمام بلدان لها باع كبير وكم انتاجي خارق.
كما لا يجب أن يحيد عن بالنا أن أفلاما كثيرة عرضت في المسابقة الرسمية على مدى دورات من بلدان أخرى، كانت ذات مستوى متوسط جدا حتى لا نقول ضعيفا، ما يحفزنا على الدفاع عن منتوجنا بعلاته، ولا نخجل من سينمانا رغم أعطابها. صحيح أن هناك تراجعا في المستوى يتمظهر بالأساس في الفيلم القصير الذي هو الخزان الذي يفرخ الطاقات ومواهب المستقبل، لكن الأساس هو وجود أزمة في الإدارة الفنية للمهرجان التي فقدت ميزان القوى، واستفرد الدكتاتور برونو بارد بالقرار، في حين أن الأمر يتطلب قطبية ثنائية ووجود مدافع محترم عن مصالح السينما المغربية داخل كيان تهيمن عليه « خالتي فرنسا » .
إن المهرجان مطالب اليوم بفتح آفاق جديدة، ويدخل تحديات أرحب، ليصبح واجهة لديبلوماسية ثقافية تكون بوابة للسينما العربية و الافريقية .. وهي أدوار لا يمكن أن نلعبها إذا ما خسرنا معركتنا المحلية… فمن تسقط قلاعه تباعا لا يمكنه الدود عن قلاع الآخرين.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة