استعرض الفيلم الوثائقي “76 دقيقة و15 ثانية” لمخرجه الإيراني سيف الدين صمديان، جانبا من الحياة المهنية والإبداعية الثرية لمواطنه المخرج السينمائي والمنتج وكاتب السيناريو والشاعر الراحل عباس كياروستامي، الذي تم تخصيص تكريم لذكراه خلال الدورة السادسة عشر من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش (2 – 10 دجنبر 2016).
ويورد هذا الوثائقي مجموعة من الصور التي لم يسبق عرضها خلال المسيرة الفنية الطويلة لهذا المخرج العالمي، الذي وافته المنية في 4 يوليوز المنصرم، والتي استمرت ل76 سنة و15 يوما، بطريقة جعلت الجمهور يطلع عن كثب على أسلوب حياة وطريقة عمل المخرج الكبير الذي لم تفارقه آلة التصوير الخاصة به طيلة لحظات الفيلم.
ويقضي عباس كياروستامي يومه، حسب الفيلم، بين نظم الشعر وتلاوته (خاصة أشعار الفارسيين عمر الخيام وحافظ الشيرازي التي كان يعشقها)، وكذا التصوير الفوتوغرافي وكتابة سيناريوات الأفلام، فضلا عن تقديمه دروسا في معهد السينما لطلبة الإخراج السينمائي بأسلوب يمزج بين الطريف والتعليمي، ويجسد جانبا من شخصيته المرحة والجدية، فضلا عن حرصه على مساعدة زملائه من المخرجين عبر إبداء رأيه في أعمالهم ومرافقتهم في التصوير.
ويسلط الفيلم الوثائقي، أيضا، الضوء على العلاقة الوثيقة التي ربطت هذا المخرج الفذ بالطبيعة، إذ ينتقل يوميا بين البحر والهضاب الثلجية وحقول الزيتون مستمتعا بالتقاط آلاف الصور باللونين الأسود والأبيض، وبتقنيات متعددة من مختلف الزوايا.
كما يورد هذا الفيلم الوثائقي العلاقة الإنسانية الرفيعة التي جمعت بين المخرج وعدد من الممثلين الذين اشتغلوا إلى جانبه، ومن بينهم الفرنسية جولييت بينوش التي منحها سنة 2010 الدور الرئيس في فيلم “نسخة مصادق عليها”، والتي نالت عن أدائها الرائع لهذا الدور جائزة أفضل ممثلة في مهرجان “كان” لنفس السنة.
وقد بصم عباس كياروستامي على مسيرة حافلة بالإنجازات، ما مكنه من التتويج فوق منصات أرقى المهرجانات العالمية، ومن أبرزها مهرجان كان السينمائي في سنة 1997 حين تمكن من الفوز بجائزة السعفة الذهبية لهذا المهرجان، ثم الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان البندقية السينمائي سنة 1999 عن فيلمه الطويل “ستحملنا الرياح”.
وحاز عباس كياروستامي سنة 2003 وساما من وزارة الثقافة الفرنسية من درجة ضابط للفنون والآداب عن ديوان شعري أصدره سنة 2012 بعنوان “المشي مع الرياح”.
وكان المخرج الإيراني الراحل دائم الحضور في المهرجان الدولي بمراكش حيث تم في سنة 2005 تقديم مجمل أعماله في دورة 2005، ليعود سنة 2009 لترؤس لجنة تحكيمه بمناسبة الدورة التاسعة للفيلم، قبل أن يقدم سنة 2015 ماستر كلاس لفائدة عشاق السينما الحاضرين في هذه الدورة.