الأمن في 2016.. عام الحموشي والخيام

لم يمر عام ونصف العام، على تنفيذ عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لمديرية الأمن الوطني، استراتجيته الجديدة في عصرنة المرفق الأمني، بما يتماشى مع التوجيهات الملكية، والمطالب الشعبية، حتى أصبحت النتائج محور حديث الخاص والعام، وفق ما جاء في صحيفة “آخر ساعة” في عددها الصادر نهاية الأسبوع الحالي.

لئن كان الحفاظ على أمن واستقرار الدولة والمجتمع الداخلي والخارجي، يحظى بتدخل أكثر من مؤسسة عسكرية وأمنية أجهزة استخباراتية وشبه عسكرية، فإن يومية “آخر ساعة”، اختارت جرد حصاد أهم أحداث المديرية العامة للأمن الوطني، وتدخلات “البسيج”، على مستوى مكافحة الجريمة المجتمعية والإرهابية، خلال عام 2016، باعتبارهما الأكثر انفتاحا على الرأي العام.. والبداية من هنا.

2016.. عام الإطاحة بالصقور

مع بداية عام 2016، سينهي الحموشي، عمل عبد المجيد الشاذلي، قيدوم صقور الإدارة المركزية، على رأس مديرية الشرطة القضائية، ومكتب الانتربول بالرباط، معينا، المراقب العام محمد الدخيسي، والي أمن مراكش سابقا خلفا له.

لم يكن إعفاء الشاذلي، الذي سيعين لاحقا مديرا للمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة خلفا للمراقب العام علي امهاوش، الذي ألحق بدوره، بإحدى مصالح مديرية الأمن العمومي بالرباط، سوى مقدمة للإطاحة بعدد من كبار المسؤولين، لعل من أبرزهم محمد البطوشي، المدير مديرية التجهيز والميزانية، الذي عين محله في هذا المنصب، والي الأمن محمد ابو الشمائل،

الإطار الرفيع القادم من مديرية “الديستي”.

كم كان لافتا عدم اقتصار استراتيجية عبد اللطيف الحموشي، في عصرنة مرفق الأمن يقول العميد اكضيض، على تغيير الأشخاص، بقدر ما امتد ذلك إلى إعادة النظر في تدبير المؤسسات، وفي هذا الإطار يسجل المتحدث نفسه، سحب المديرية للأمن الوطني تبعية المعهد الملكي للشرطة ومدارس التكوين من مديرية الموارد البشرية، وألحقها بديوان مدير العام بالإدارة المركزية.

خلال شهر مارس من العام الجاري، سينهي عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، مهام والي الأمن محمد الطيب، على رأس مديرية الموارد البشرية، بعدما كان قد عينه المدير العام السابق بوشعيب ارميل، في هذا المنصب عام 2013، خلفا لوالي الأمن المتقاعد، إدريس العلوي.

ستعين المديرية العام للأمن الوطني، الريفي محمد بن لمرضن، مديرا جديدا لمديرية الموارد البشرية، وهو الذي ظل لسنوات، الرجل الثاني داخل المفتشية العامة بهذا الجهاز الأمني، التي يوجد على رأسها، والي الأمن، عبد الله بنمصور.

قرار إعفاء والي الأمن محمد الطيب، من منصبه سيصفه عدد من المراقبين، بـ”المفاجئ”، في حين يرى آخرون، أن تعيين إطار أمني من المفتشية العامة على رأس مديرية الموارد البشرية، يحمل إشارات عدة، أبرزها “مواصلة الحموشي سياسة تخليق مرفق الأمن” على قاعدة”لي فرط يكرط”، وهي العبارة الأكثر تداولا في صفوف الأمن على عهد الحموشي.

في شهر يوليوز الماضي، ستعجل تجاوزات بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء بالإطاحة دفعة واحدة، بكل من نور الدين الكلاوي، مدير مديرية الاستعلامات العامة الـ« R .G » بالإدارة المركزية بالرباط، وعبد الهادي السيبية، رئيس المنطقة الأمنية لهذا المعبر الحدودي الجوي الأول بالمملكة.

عبد اللطيف الحموشي، الذي تتوخى رؤيته الاستراتيجية لعصرنة مرفق الأمن الوطني، ضمان التنسيق التام بين جهازي المخابرات العامة والخاصة بالمديرتين العامتين لـ “الأمن الوطني”والـ” الديستسي”، والرفع من نجاعة عملهما، سيبادر إلى تعيين رجل استخبارات محنك من جهاز حماية التراب الوطني، لقيادة مخابرات الـ« R .G » مكان الكلاوي المعفى.

الحموشي يقود حملة تطهير داخلي

في سابقة من نوعها يقول العميد أكضيض، ستسبق المديرية العامة للأمن الوطني، حفل ذكر التأسيس لتقديم حصيلة عملها كما جرت العادة، لتخرج يوم الثلاثاء 20 دجنبر 2016، ببلاغ رسمي تستعرض من خلاله حصيلة عمل استراتيجيتها برسم سنة 2016، وهذا يوضح اكضيض، يدل على تحول جذري في العمل العصري لهذا المرفق الأمني.

لقد أصدرت المديرية، بحق المخالفين من موظفيها من مختلف الدرجات، خلال العام الجاري، 2007 عقوبة تأديبية، من بينها 1104 إنذارات، و517 توبيخا، و259 إعادة التكوين، و84 قرارا بالعزل، و31 توقيفا مؤقتا عن العمل، و3 إحالات على التقاعد الحتمي.

ستعلن المديرية، من خلال هذه الوثيقة الرسمية، توقيعها على 4 قرارات إعفاءات، و5 عقوبات تقضي بالإنزال من الدرجة، فيما جرى توجيه 1899 رسالة تنبيه للموظفين المخالفين، واتخاذ قرار التوقيف في حق 176 موظفا، من بينهم 58 في قضايا تتعلق بالفساد المالي.

وستباشر المفتشية العامة للأمن، على مستوى تخليق المرفق الأمني، 442 بحثا إداريا مقارنة مع 242 خلال سنة 2015، أي بزيادة ناهزت 83 بالمائة، كما ستقوم بإجراء 73 عملية مراقبة وتفتيش، من بينها 42 عملية فجائية وسرية، انصبت على افتحاص عمل مصالح الشرطة ومراقبة سلوك الموظفين.

بيد أن اللافت، في مجال التخليق، برأي مراقبين، هو إعلان المديرية العامة في سابقة تاريخية، عن مثول عدد من المسؤولين المركزيين الكبار بداية شهر دجنبر 2016،على أنظار المجلس التأديبي، بمقر المديرية العامة للأمن الوطني بالرباط، من أبرزهم، مهندس المعلوميات، محمد النعيمي، المدير المركزي السابق لنظم المعلوميات والتشخيص والاتصال، ونائبه، وكذا رئيس قسم أمن أنظمة المعلوميات.

عرض هؤلاء المسؤولين الكبار، على أنظار المجلس التأديبي، وفق المديرية، جاء على ضوء نتائج البحث الإداري الذي باشرته لجنة افتحاص مركزية، تتألف من عناصر من المفتشية العامة، ومن القطاعات التقنية المتخصصة، تحت إشراف، والي الأمن المركزي، عبد الله بن منصور، مدير مديرية المفتشية العامة للأمن الوطني.

سيحدث المدير العام لجنة الافتحاص المركزية، وسيعهد إليها بمراجعة وتدقيق مساطر العمل على مستوى هذه المصالح، وتقييم حصيلتها في دعم وإسناد الوحدات الميدانية للشرطة، فضلا عن رصد أية تجاوزات أو إخلالات مهنية محتملة، وذلك تدعيما لإجراءات التخليق التي تنهجها المديرية العامة للأمن الوطني، بهدف إرساء معايير دقيقة وشفافة لضمان التدبير الرشيد والمعقلن لمصالحها التقنية والمعلوماتية.
ستباشر هذه اللجنة المشتركة، عمليات التدقيق والمراقبة والافتحاص، خلال شهري أكتوبر ونونبر، وستستهدف جميع أقسام ومصالح مديرية نظم المعلوميات والاتصال والتشخيص، وقسم الشرطة العلمية والتقنية التابع لمديرية الشرطة القضائية، وذلك باعتبارها البنيات المركزية المشرفة على برمجة وتنفيذ المشاريع المهيكلة للأمن الوطني في الميدان التقني والمعلوماتي.
سترصد هذه اللجنة تجاوزات مهنية جسيمة، وإخلالات وظيفية في عدة مستويات من التدبير، سواء في ما يتعلق بمساطر وإجراءات العمل، أو في ما يخص توزيع وتدبير الموظفين، وكذا في تقييم وتقدير احتياجات المرفق الأمني في ميدان نظم المعلوميات، وفي مجال الشرطة العلمية والتقنية، “عجلت بعرض المخالفين على المجلس التأديبي، في انتظار ترتيب الآثار القانونية بحق المتورطين” يقول مصدر جيد الاطلاع.

مكافحة الجريمة وعقلنة الموارد

في إطار تنزيل استراتيجية عبد اللطيف الحموشي، في مكافحة الجريمة المجتمعية، ستسفر العمليات الأمنية المنجزة خلال عام 2016، عن توقيف 466.997 مشتبها به، من بينهم 150.9922 مبحوثا عنه، بزيادة ناهزت 23 بالمائة في عدد المبحوث عنهم مقارنة مع سنة 2015، بينما بلغ عدد الموقوفين في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية 89.910 مقارنة مع 80.0577 في السنة المنصرمة، وذلك بنسبة ارتفاع بلغت 12,31 بالمائة.

ستحقق عمليات الحجز، حسب المديرية العامة للأمن الوطني، نسب قياسية في مختلف أنواع المخدرات، حيث بلغت 106 أطنان و870 كيلوغراما من مخدر الحشيش، بزيادة أكثر من 55 طنا مقارنة مع سنة 2015، وطن و582 كيلوغراما من الكوكايين (بنسبة ارتفاع مئوية ناهزت 355 بالمائة)، و15 كيلوغراما و826 غراما من الهيروين (بنسبة ارتفاع مئوية ناهزت 469 ,90 بالمائة)، و1.285.194 قرصا من الإكستازي والأقراص المهلوسة، وذلك بزيادة قياسية في عدد المحجوزات بلغت 1.049.546 قرصا إضافيا.

سيلقي رجال عبد اللطيف الحموشي، خلال 2016، القبض على120 مبحوثا عنه على الصعيد الدولي مقارنة مع 59 خلال السنة المنصرمة، وجرى تنفيذ 77 إنابة قضائية دولية بالمغرب، والمشاركة في تنفيذ 27 إنابة قضائية دولية بالخارج، في وقت نشر فيه 1411 أمرا دوليا بإلقاء القبض مقارنة مع 75 فقط خلال سنة 2015.

وسيجرى إحداث سبع فرق جهوية للتدخل، مهمتها القيام بالتدخلات النوعية في القضايا الإجرامية الكبرى، وكذا خلق مجموعتين للبحث والتدخل ، بكل من فاس وسلا، لتعزيز العمليات الميدانية لمكافحة الجريمة، كما جرى إحداث أربع فرق جهوية للشرطة القضائية لتولي الأبحاث والتحريات في الجرائم الاقتصادية والمالية.

وأحدثت المديرية “19 خلية جهوية للتحليل والإحصاء ” بمختلف القيادات الأمنية لتحليل الاتجاهات الإجرامية المستجدة كما وكيفا ، وتأهيل” فرق الأحداث وخلايا استقبال النساء” بما يسمح بضمان الحماية والفعالية في معالجة قضايا هذه الفئات المجتمعية.

وفي مجال العمل النظامي، جرى إحداث”166 مجموعة جديدة للمحافظة على الأمن والنظام “، من بينها عشر مجموعات متنقلة للأمن، وخمس مجموعات لمكافحة الشغب، ومجموعة للتدخل السريع بمدينة الرباط، فضلا عن خلق مجموعتين ولائيتين لحماية المصالح الأجنبية بكل من الرباط والدار البيضاء.

وتمكنت مصالح المديرية العامة للأمن الوطني، من تنفيذ مشروع تجديد وتعميم التجهيزات المعلوماتية على جميع المصالح المركزية واللاممركزة للأمن الوطني، والتي سيستخدم قسم منها في تنفيذ برنامج “التدبير المعلوماتي لدوائر الشرطة” المعروف اختصارا ب (GESTAR).

ووضع عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني، مجموع أسطول العربات الأمنية، تحت المراقبة الالكترونية المركزية، وفق نظام معلوماتي متطور يقطع مع العشوائية في تدبير حظيرة سيارات الشرطة، ويخدم فعالية المرفق الشرطي، على قاعدة “العقلنة والترشيد”.

وتراهن المديرية العامة للأمن الوطني، من خلال اعتماد هذا النظام المتطور، حسب المصدر ذاته، على وضع تصور دقيق بقائمة الاحتياجات الآنية والمستقبلية، سواء على المدى القصير أو البعيد، في ما يتعلق بحظيرة السيارات، فضلا عن إرساء قواعد تدبير عقلاني يجمع بين الفعالية والشفافية في التعامل مع احتياجات المصالح الجهوية للشرطة، في ما يخص وسائل النقل واللوجيستيك.

ومن شأن هذا النظام الجديد، يوضح المصدر، أن ينعكس بشكل إيجابي على العمل اليومي لمصالح الشرطة، وذلك عبر مواكبتها وتمكينها من الآليات اللوجستيكية الضرورية الكفيلة بتأمين تغطية متكاملة للمناطق الحضرية، وكذا الاستجابة السريعة لنداءات المواطنين وبلاغاتهم، وذلك ترسيخا لمبادئ الحكامة الجيدة في المرفق العام الشرطي.

الخيام والحرب على الإرهاب والجريمة المنظمة

ستبرز المديرية العامة لحماية التراب الوطني التي يوجد على رأسها عبد اللطيف الحموشي، خلال عام 2016، من جديد في صلب الضربات الاستباقية للمغرب في حربه على الإرهاب، وهي تزود المكتب المركزي للأبحاث القضائية بمعلومات دقيقة، كانت تفكيك العديد من الخلايا النائمة الموالية لتنظيم “داعش” الإرهابي، لعل من أبرزها خلية التشادي المدعو”موسى الذباح”..

لقد أعلن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع لمديرية حماية التراب الوطني، “الديستي”، في بيان رسمي، عشية نهاية عام 2016، عن تفكيك 19 خلية إرهابية خلال 2016، موالية لتنظيم داعش باستثناء خلية واحدة على صلة بالتيار المسمى بـ”الفيء والاستحلال”.

وسجل المكتب المركزي تراجعا طفيفا على مستوى عدد الخلايا المفككة، مقارنة مع العدد المعلن عنه العام الماضي عند (21 خلية)، منها 18 خلية موالية لـ”داعش”، و4 بالفيء والاستحلال.

ورصد “البسيج” الذي يوجد على راسه المراقب العام عبد الحق الخيام، ارتفاعا ملحوظا، في أعداد العائدين من صفوف تنظيم “داعش” إلى المغرب، حيث بلغ تعدادهم هذا العام 47 عائدا، (39 منهم كانوا بسوريا والعراق، 8 بليبيا) مقابل 24 عائدا السنة الماضية.

وفيما برزت تدخلات”البيسج”،على مستوى محاربة الجريمة المنظمة والجرائم العابرة للقارات، ازداد الطلب الخارجي على الاستفادة من التجربة المغربية في مكافحة الإرهاب، بل ومشاركة كومندو من رجال عبد الخيام في ملاحقة فلول “داعش” و”القاعدة”، في إفريقيا جنوب الصحراء..

فبأمر من الملك محمد السادس، توجه في الثالث عشر من شهر مارس المنصرم، كومندو مغربي من قوات النخبة المتخصصة في مكافحة الإرهاب، إلى العاصمة الايفوارية ابيدجان، للمشاركة في دعم التحقيقات الجارية في مقتل14مدنيا وجنديين، قتلوا علي يد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب وسط منتجع غران باسام السياحي.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة