أصبح المهاجرون الجزائريون يشكلون ملامح وجه آخر للهجرة غير النظامية عبر الحدود المغربية الإسبانية بعد كل من مهاجري جنوب الصحراء واللاجئين السوريين، ويتعلق الأمر بأشخاص يدخلون بشكل فردي إلى المدينة بطرق غير نظامية يعتمدون فيها أساسا على استعمال وثائق مزورة لدخول مدينة سبتة، وذلك طمعا في الحصول على فرصة للجوء بالضفة الأوروبية، غير أن وضعية هؤلاء تواجه صعوبات كبيرة مقارنة بالمهاجرين الآخرين، وذلك بسبب الإجراءات البيروقراطية المعقدة التي يفترض عليهم المرور بها قبل الخروج من المدينة نحو شبه الجزيرة الإيبيرية بوثائق قانونية، حسب ما جاء في صحيفة “آخر ساعة” في عددها الصادر اليوم الثلاثاء.
وكشفت وكالة “أيفي” الإسبانية، في تقرير أصدرته أول أمس الأحد، الطرق التي يسلكها هؤلاء المهاجرين لعبور الحدود المغربية عبر وساطة شبكات التهريب الناشطة بالمنطقة، والمشاكل التي يعانونها قبل الوصل إلى حلم الحصول على حياة أفضل فوق تراب القارة العجوز.
ويشتكي المهاجرون الجزائريون من التمييز الذي تعالج به مشاكلهم من طرف السلطات الإسبانية بسبتة مقارنة مع اللاجئين والمهاجرين الأفارقة أو السوريين، إذ يقول أحد الشبان الجزائريون العالقون بسبتة منذ عدة أشهر “نحن متساوون مع أفارقة جنوب الصحراء الكبرى، لكن السلطات الإسبانية تخول لهم الوصل إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، بينما يتم منعنا نحن من الحصول على الوثائق اللازمة لذلك”.
هذا الشاب واحد من 180 مهاجرا جزائريا يعيشون في مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين بسبتة، في انتظار فرصة العبور إلى الضفة الأخرى بحثا عن حياة أفضل بعيدا عن القارة الإفريقية. كلهم دخلوا إلى سبتة عبر الحدود المغربية باستعمال وثائق مزورة تعود لمواطنين مغاربة يخول لهم الدخول إلى سبتة، حصلوا عليها عبر عناصر شبكات مافيا الاتجار بالبشر التي تنشط بالمنطقة مقابل مبالغ مادية. يوضح ضابط من الحرس المدني الإسباني لوكالة “إيفي”.
وبحسب تقديرات الشرطة الإسبانية، يسجل كل أسبوع عبور ما يفوق 10 مهاجرين جزائريين غير نظاميين لحدود سبتة، وذلك بشكل فردي أو في مجموعات صغيرة لا تفوق 4 أشخاص في كل مرور.
هؤلاء المهاجرين يستأجرون وثائق مزورة مقابل 400 و1000 أورو لكل شخص، بحسب شهادات بعضهم، وبمجرد ما يصل مستعمل الجواز إلى المدينة يتم استرجاع الإخير من طرف عناصر شبكات التهريب ليتم ايجاره لمهاجر آخر.
ويتم تعديل ملامح الوجع بحسب الشكل المتناسق مع صورة صاحب الجواز الأصلي، من خلال تعديل شكل اللحية، الشعر، وأحيانا يستعان بخبراء ماكياج يشتغلون لحساب الشبكة لتقريب ملامح مستعمل الجواز من تلك التي يملكها صاحبه الأصلي.
وتتراوح أعمار هؤلاء المهاجرين بين 19 و35 سنة، ويضطر غالبيتهم إلى الانتظار أحيانا أكثر من عام في مركز إقامة المهاجرين قبل التمكن من العبور إلى شبه الجزيرة.
“نريد حلا، وينقصنا الدعم”، مجموعة من المهاجرين الجزائريين عبروا عن غضبهم بهذه العبارات وسط المدينة بسبب عدم وجود حل لوضعيتهم. من خلال هذا الاعتصام الذي استمر لأكثر من أربع ساعات أمام مندوبية الحكومة، والذي تكرر في عدة مناسبات سابقة، حيث يخطط المهاجرون الجزائريون للعودة إلى الاحتجاج منتصف هذا الشهر بطريقة سلمية.
وحسب مصدر من الشرطة الإسبانية، فإنهم يطالبون فقط بالخروج من سبتة والعبور إلى الضفة الأخرى.
الجزائريون يحتجون على الاتفاق الذي يعتبرونه تمييزا في حقهم، الذي يقضي بعدم قبول أي جزائري لا يحمل تصريح اللجوء. فعند الوصول إلى سبتة يتعين على طالب اللجوء الخضوع إلى فحص طبي والتسجيل في مديرية الشرطة، هذه العملية تستغرق وقتا طويلا يصل إلى حوالي أسبوع، الأمر الذي يجعل كثير من طالبي اللجوء ينامون في الشارع في ظل ظروف صعبة. كما يشتكي طالبو اللجوء الذين مروا من مرحلة الفحص والتسجيل، من ظروف الإيواء بمركز إقامة المهاجرين، خصوصا من حيث مستوى المأكل والنوم.
وآخر عملية سجلت لتدخل الشرطة لاعتراض المهاجرين الجزائريين كانت في 26 دجنبر الماضي، عندما تم ضبط 12 مهاجرا جزائريا متسللين في شاحنة يقودها مواطن فرنسي عمره 43 سنة. صعوبات التنفس التي يواجهونها أثناء السفر في أماكن مغلقة ومكتظة، تعتبر آخر هم هؤلاء المهاجرين، فكل ما يهمهم هو الوصول إلى ميناء الجزيرة الخضراء أو منيناء قادس، الأمر الذي يدفع البعض منهم إلى القيام بمحاولات خطيرة قد تشكل نهاية لحياتهم، في سبيل تحقيق ذلك.