مرافعة لا أخلاقية… عن الشرف والأخلاق
الأثنين 4 سبتمبر, 2017 20:13 سناء العاجيالسيناريو الأول: فاعل معين، في الفكر أو الإعلام أو الدين، يأخذ موقفا قد لا يتفق معه الآخرون. إلى هنا، الأمر طبيعي. فالاختلاف هو منبع التطور. ولولا خروج البعض، عبر التاريخ، عن المألوف والسائد والمتفق عليه، لما تطورت العلوم، ولما تطورت مختلف جوانب الحياة.
بل أكثر من هذا: لو أن الرسل والأنبياء أنفسهم أرغموا على القبول بالوضع السائد في مجتمعاتهم، لما كانت هناك ديانات. كذلك، فالذين اقتنعوا بدين معين، مهما كان قويا اليوم، فهم حينها قبلوا بفكرة جديدة في مجتمعاتهم وقرروا، مقتنعين، أن يخالفوا الجماعة التي كانت ترفضها وتعتبرها خروجا عن السائد والمقبول. فهل نعي ذلك؟ ما ندافع عنه اليوم بقوة على أساس أنه السائد والمتعارف عليه، في الدين وفي العلم وفي مختلف نواحي الحياة، كان تجديدا مرفوضا في حينه.
هذا ليس كل شيء… فالذي يخالفك، يكتفي بأن يشتمك ويطعن في شرفك، مختفيا خلف اسم مستعار، بينما أنت تأخذ موقفك باسم مكشوف وبصورتك. فهل لهؤلاء الجبناء أن يتحلّوا ببعض الشجاعة، ويكشفوا عن أسمائهم، وأن يقبلوا نقاشا ناضجا بالحجج بدل الاكتفاء بالشتم خلف قناع؟ هل يدركون كم الجبن الذي يترجمه سلوكهم أمام شخص يمتلك على الأقل شجاعة الموقف الواضح المكشوف؟
السيناريو الثاني: حين تتعرض فتاة للتحرش أو الاغتصاب، يعتبر الكثيرون أن ملابسها هي السبب، لأنها لا تحترم معايير الأخلاق والدين. لكن هل تساءل أحدنا إذا كان ما تتعرض له، يناسب معايير الأخلاق والدين؟ هل التحرش، وهل الكلام الجارح، وهل الاغتصاب من القيم الدينية التي يدعي هؤلاء الدفاع عنها؟ على فرضٍ أن من حقنا مناقشة لباس المرأة في الفضاء العام، كيف نعتبر لباسها خارجا عن الأخلاق، ولا نقيّم بنفس المعيار الأخلاقي سلوك المتحرّش والمغتصب؟ أم أن الأخلاق لا تنطبق إلا على سلوك المرأة ولباسها وجسدها، والرجل معفى في جميع الحالات؟
وهذه هي النقطة المشتركة بين السيناريوهين: آلاف الأشخاص، وباسم الدفاع عن الأخلاق وعن الدين، يستعملون أساليب هي أبعد ما تكون عن الدين وعن الأخلاق… ربما سيكون من المنطقي أكثر أن يتحلّى هؤلاء بنفس الأخلاق التي يدعون الدفاع عنها.
أليس كذلك؟
عن مونت كارلو الدولية