هذا المسلسل يشوّه صورة الوطن…

الثلاثاء 19 ديسمبر, 2017 11:56 سناء العاجي
إحاطة -

بمجرد ما يتطرق فيلم سينمائي أو مسلسل تليفزيوني في أحد بلداننا لتيمات الجنس أو استهلاك الكحول أو العلاقات المتوترة بين الوالدين وأبنائهم أو الانحراف أو المثلية… تنهال الشتائم في حق فريق العمل. يسبون الممثل وكأنه الشخصية الحقيقية التي تزعجهم. يتبرؤون من الواقع الذي يتطرق له الفيلم أو المسلسل وكأننا نعيش في المدينة الفاضلة. يفكرون في مليون وسبعمائة نظرية مؤامرة هدفها تخريب المجتمع…

وكأننا مجتمع سليم من كل العاهات… وحدها الأفلام والمسلسلات والكتب ستتسبب في تسيبه.
وكأننا مدينة فاضلة لا مكان فيها للسيدا ولا للعنف ولا للاغتصاب ولا لأطفال الشوارع ولا للمخدرات.
وكأن جميع المواطنين حولنا يتمتعون بأعلى مستويات التحضر والقيم والمواطنة…

أولا، الأفلام والمسلسلات والروايات هي أعمال تخييلية، يستلهم كتابها الأحداث من الواقع. الواقع نفسه الذي نرفض الاعتراف بتحولاته، الإيجابية منها والسلبية.

ثانيا، من حق أي منا أن لا يعجب بعمل درامي معين… لكن هذا لا يعطيه الحق في إهانة العاملين فيه.
ثالثا، الممثل الذي تراه أمامك هو ممثل يؤدي دورا… هو ليس بالضرورة إمام مسجد كما تراه على الشاشة ولا لصا ولا قاتلا. وهي ليست بالضرورة مدخنة ولا مهنية جنس ولا أما سيئة ولا زوجة صالحة.

 

رابعا، هناك شيء أساسي اسمه الحرية في الإبداع. ومقابلها لم ولن يكون يوما.. الحرية في الشتم.
خامسا وأخيرا، فلنتقبل رجاء كون مجتمعنا فيه الصالح والطالح. بأن كل الأمهات لسن بالصورة الرائعة التي نريد تعميمها ولا كل الآباء. بأن بيننا مجرمون ومغتصبون. هناك أشخاص يدخنون وأشخاص غير متدينين وأشخاص لديهم علاقات جنسية رضائية خارج الزواج. هناك إرهابيون ومثليون ومغتصبو أطفال وأطفال شوارع وأمهات غير متزوجات… مجتمعنا لا يشبه تلك الصورة التي نوهم أنفسنا بها، خصوصا وأغلبنا يرى كل ما سلف ذكره بشكل شبه يومي في شوارعنا…

الفيلم أو المسلسل الذي يزعجك هو في الحقيقة يصور لك جزءا من واقع تتجاهله… أو لعلك فعلا تجهل وجوده وتحولاته. من حقك أن لا تعجب بالفيلم… لكن هذا لا يغير الواقع الذي يصوره في شيء.
لكننا دوما هكذا… حين ننزعج من صورتنا في المرآة، نكتفي بتحطيم المرآة… وتبقى صورتنا حاضرة بتشوهاتها… فما يزعجنا ليس التشوه نفسه، بل أن نراه أمام أعيننا.

عن موقع مونت كارلو الدولية