المتهم بالاغتصاب عندهم “وحش” وعندنا “حمل وديع”

الأحد 27 مايو, 2018 17:31 عبد اللطيف فدواش
إحاطة -

الغرب لا يتساهل في قضايا التحرش الجنسي، فبالأحرى الاغتصاب، وبغض النظر عن مقترفه، من الأغلبية أو المعارضة، سياسي أو مواطن عادي، صحافي مرموق أو فنان مشهور، المغتصب واحد، والتهمة واحدة، والعقاب نفسه.
في الغرب يطلقون على المغتصب “وحش”، أما إذا كان يوثق لجرائمه في فيديوهات، فالجريمة أكبر، وعند العرب المغتصب “ضحية”، و”حمل وديع”، و”وسيم” يستحق معاملة “المعتقل السياسي”، و”معتقل الرأي”.
مفارقة غريبة عند المجتمعات العربية و(الإسلامية عموما) أن تتهم المغتصبة بالتحرش بالمغتصب، والضحية تتحول إلى “وحش” والجاني إلى “حمل وديع”.
في الغرب ساندت المنظمات الحقوقية والنسائية والمجتمع المدني ضحايا هارفي وينستاين، المنتج السينمائي الأمريكي، وأطلقوا عليه “وحش هوليود”، وعند العرب تحول طارق رمضان، المعتقل في فرنسا بتهمة التحرش والاغتصاب، إلى “بطل”، ووقعت عرائض التضامن معه، ونظمت الندوات المساندة لـ”فحولته”، ولم ينتظروا حتى أن يقول القضاء كلمته، فاتهموا الضحايا وبرأوا المتهم.
وفي المغرب قضية مشابهة لصحافي متهم باغتصاب مجموعة من الصحافيات والمستخدمات العاملات في مقاولته الإعلامية، ورغم أن “الجريمة” مسترسلة وموثقة، لقي التضامن، من الإخوان المسلمين، واتهموا الضحايا بـ”اغتصابه”.
من قمة تنظيم الإخوان المسلمين، إلى أدنى المراتب طارق رمضان وتوفيق بوعشرين لم يقترفا جرما، هما مارسا الجنس مع “عاهرات” متعطشات للجنس.
بل تحولت الضحايا الى مغتصبات، من وجهة نظر أحمد الريسوني، نائب التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، حين كتب، إشارة إلى ضحايا بوعشرين، “النسوة اللاتي يتم إخفاؤهن في القاعة المغلقة، فمن المؤكد الآن أنهن قد ساهمن أو استعملن في اغتصاب رجل”.
وعلى النهج نفسه سار عبد العالي حامي الدين، القيادي البارز بحزب العدالة والتنمية، ورئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، “يا حسرة”، في التضامن مع صديقه بوعشرين ومهاجمة الضحايا، “في إطار التوجه العام لمنظمته الحقوقية”، التي تؤمن بـ”قتل” المختلف معك في الرأي (أيت الجيد مثالا)، ومساندة الصديق ظالما أو مظلوما.
لم يقف الأمر عند حامي الدين، الذي يمكن لكل حامل لفكر الإخوان أن “يتقبله”، لكن الأمر يبدو بالنسبة للإنسان السوي أنه غير مفهوم، هو حين تصطف امرأة إلى جانب المغتصب لامرأة، ولم تضع نفسها في الموقف نفسه، لو وجدت نفسها في مكتب وعلى كنبة، وجها لوجه مع “وحش” على حد وصف الغرب، انقض عليها لاغتصابها عنوة، يمزق جسدها يعبث بآدميتها.
وهنا النموذج آمنة ماء العينين، نموذج فقط، لأن الكثيرات من تنظيم الإخوان سرن على الركب نفسه.
البرلمانية آمنة ماء العينين هاجمت وبشراسة، مُنتقدي وضحايا توفيق بوعشرين، قبل أن تسيس قضية اعتصاب وتحرش جنسي واتجار بالبشر، بل وتعتبر أن توقيف بوعشرين، وطبعا محاكمته وفق القانون، “يسيء إلى مغرب دستور 2011”.
في الغرب يدان المغتصب ويعتذر المتحرش على ما بدر منه، مهما علا شأنه، إذ اعتذر بن أفليك، الفائز بجائزة الأوسكار، لتصرفه “غير اللائق” تجاه مذيعة في قناة “أم تي في” هيلاري بيرتن في عام 2003.
أو ينفي، حالة الأمريكي ديفيد بلاين، حين تقدمت عارضة الأزياء السابقة ناتاشا برنس باتهامه باغتصبها في غرب لندن في عام 2004. حيث نفى بلاين، وأبدى استعداده، في المقابل لـ”التعاون بشكل كامل مع أي تحقيق تجريه الشرطة”.
وهناك من يكتفي بالصمت، باعتباره حكمة، في مثل هذه المواقف، ويصرح المتحدث باسمه بأن لا تعليق له، حالة اتهام الممثلة بورتيا بورتا دي روزي الممثل الشهير ستيفتن سيغال بأنه فتح سحاب سراوله خلال إجرائها مقابلة للمشاركة في أحد أفلامه، واتهامه، أيضا، من طرف الممثلة جوليانا مارغوليس، بأنه تصرف بشكل غير لائق معها، واتهمته عارضة الأزياء جيني ماكارثي بأنه تحرش بها جنسيا.
وللأسف عندنا تنزع عن المتهم، الذي توثق فيديوهات لجرائمه، التهمة، وتلصق بالضحايا، هن المغتصبات، كما يظهر ناطقون وناطقات باسمه، يدافعون عن “جرائمه”، باسم الدين والصداقة والسياسة، والمصلحة، هنا الفرق بين المجتمع الديمقراطي، المؤمن بالحريات، وحقوق الإنسان، ومجتمعات “الكنيسة”، التي تخضع لنزوات مرتزقة الدين.