سأحدثكم عنهن..

الثلاثاء 6 أكتوبر, 2015 11:46 نبيلة جلال تحديث : 6 أكتوبر, 2015 12:06
إحاطة -

لم تكن أمينة (اخترت أن أسمي كل المغتصبات أمينة.. لكي نبقى أوفياء لدواء الفئران الذي قتلها) تعي أن يوم الاثنين 26 نونبر 2010، سيكون مختلفا عن باقي أيام الاثنين التي عاشتها.. فالمدرسة، حيث تتابع دروسها الإعدادية، قريبة من المنزل، وأستاذة الرياضيات لا تدع فرصة إلا وتثني على اجتهادها، وتميزها داخل الفصل.. لا شيء يعكر صفو يوم جميل إلا ملاحقة ذلك الشاب، التي لا تدري من أين جاء ليترصدها هي بالذات.. فيرمي لها كلمات حينا، وأحيانا كثيرة يكون نصيبها أحجارا وسبابا.. شكته لوالديها اللذان شكياه لإدارة المدرسة.. كيف لا وهي وحيدتهما المثالية في عيون الأسرة والعائلة… لكن المدرسة لم تبدي اهتماما بما يحصل لتلميذتها النجيبة.. فهذا خارج نطاقها إضافة إلى أن الشاب ليس تلميذا..

في ذلك اليوم… الاثنين الأسود – كما تحب أن تسميه- كانت الساعة السادسة من المساء بدأت تسرق بعضا من ظلام الليل.. وبين الأيدي المتسابقة للخروج من الباب الرئيسي للمؤسسة لمحت أمينة الشاب المنشود واقفا بصحبة بعض من أصدقائه وكأنهم ينتظرونها هي دون غيرها… لم تهرب ولم تختبئ.. فهو لن يتطاول عليها بأي حال لقد أخبرت والديها وحراسة المؤسسة وهي الآن هي في أمان..

خرجت بصحبة صديقتها في الفصل، يتبادلان الكلام حول ما دار بحصة الفرنسية، وبين الفينة والأخرى تدير رأسها قليلا علها تلمح أحدا يتعقبها.. لكن الشارع خال إلا من ذوات البدلات البيض.. التلميذات طبعا.. وفجأة بعد أن غادرت صديقتها، في منعطف يوصلها إلى منزلها، انتصب ذلك الشاب واقفا أمامها وبيده سكين.. استدارت لتهرب لكن رفاقه حاصروها.. فدفعها أحدهم حتى ارتمت على الأرض.. ليوقفها ذلك الشاب بوحشية لم تلمسها فيه حتى وهو يرشقها بالحجر من قبل.. أمسكها من ذراعها، ورائحة الخمر تفوح منه، وكأنه استعد تماما لمجزرة الليلة… لأعرف في ما بعد أن “طعامه” كان خمرا وثلاث حبات “قرقوبي” استعدادا للوليمة الرئيسية، التي هي أنا..”تقول امينة”.. اقتادني إلى الشاطئ القريب من المؤسسة تحت تهديد السكين..عرفت أن تهديداته حقيقية وأنه على استعداد لغرس المدية في بطني إذا قاومت فاستجبت له وركبتاي لا تقويان على حملي في انتظار ذلك المجهول الذي أعلم حقيقته جيدا دون قدرة على مواجهته..

على رمال البحر التي تمتعت كثيرا وأنا العب فيها، عندما كنت صغيرة، ذقت مرارة الاغتصاب..تناوبوا على اغتصابي، دون رحمة أو شفقة.. لم ينفع نحيبي ولا توسلاتي ولا ألمي ولا حتى دمائي لي.. كنت الفريسة وكانوا الصيادين.. لم يكونوا صيادين ولكن أكلة لحوم للبشر… ليس للبشر ولكن لفتاة واحدة في هذا الكون الذي يحوي البشر جميعا.. هي أنا..أغمي علي…أغمي على مستقبلي وحياتي وكل الجميل في حياتي.. لم استفق إلا وأنا في المستشفى.. نظرات الفضول في أعين الممرضات.. ونظرات الحسرة والألم، والعار، والخوف، في أعين والدي.. أمسكته الشرطة واقتادوه للمخفر.. اقتادوني أيضا بعد أن شفيت.. حرصوا على أن تؤذيني أسئلتهم وكأني من اغتصب وليس من اغتصبت.. فضولهم المكبوت عذبني، وهم يسألوني عن تفاصيل اغتيالي الجنسي.. لكني تكلمت بطلاقة لم أعهدها في أنا التي كانت تخجل أن تشتري فوطة صحية.. لم يعد لدي ما اخسر فقريبا سأنضم للائحة جالبي العار.. ذلك العار الذي جعل أهلي يوافقون على تزويجي، وأنا ابنة السادسة عشرة ربيعا، خوفا من العار والفضيحة وألسنة الجيران.. ذلك العار الذي دفع بالقاضي أن يخيرني ويجبرني على الزواج بعد أن أصبحت ثيبا، ولا مكان لي في رف العازبات.. ذلك العار الذي دفع بوالدة قاتلي أن تستجدي والدي، وتطلبني للزواج، ونظراتها انتصار.. فالسجن لن يضيع ابنها ولكن أنا من ضاعت حياتي على حد قولها.. “نستروها” قالت .. وكأ ني أنا من نزعت ثيابه واغتصبته تحت تهديد السكين..

هذه أنا وهذا قانونكم.. باسمه زوجتموني، وباسمه سأطلق اليوم، وعلى ظهري طفل عمره سنة… فلتوجدوا لي حلا قبل أن أبحث عن عشيقي “تضحك” دوا الفار..