الزين اللي متلفنا
الأثنين 1 يونيو, 2015 08:49 سناء العاجيحين أخرج نور الدين الخماري سلسة القضية، عاب عليه الكثيرون أنه “جمّل” الشرطة المغربية أكثر مما يجب. الشرطة التي أظهرها لم تكن واقعية. كانت نظيفة أكثر من اللازم. مؤنثة. فعالة. ذكية. مواطنة. وكان الخماري يرد حينها بأن التلفزيون يجب أيضا أن يجعلنا نحلم.
حين أخرج نفس الشخص فيما بعده فيلمه السينمائي “كازانيكرا” ثم “زيرو”، عاب عليه الكثيرون “الواقعية المبالغ فيها” لأن “السينما ليست هي أن تنقل الواقع إلى الشاشات، بل يجب أن تقدمه بشكل جمالي”.
ترون هنا بعض التناقض؟ ربما… لكنه ليس حالة فردية. فها هي الحجج نفسها (تقريبا) تعود إلى الواجهة: حين أخرج نبيل عيوش فيلمه الجميل “يا خيل الله” أو قبل ذلك فيلمه “علي زاوا”، لم يقل أحدهم حينها إن أصوله الاجتماعية البعيدة عن واقع سيدي مومن لم تمنعه من إنجاز فيلم جميل جدا عن الحي الفقير الهامشي ومواطنيه. اليوم، مع “الزين اللي فيك”، نفس المخرج يصبح “ابن البورجوازية الذي لا يعرف الواقع بشكل حقيقي”.
الآن، وبعد أن انتشر على المواقع الإلكترونية شريط يحمل اسم “الزين اللي فيك”، بينما هو في الواقع نسخة أولية من الشريط، دون المونتاج النهائي (مدة نسخة الأنترنيت هي تقريبا ضعف مدة الفيلم في نسخته النهائية)؛ فوجئت بالبعض يلومونه على مشاهد صوّرها فعلا لكنه لم يدرجها في الفيلم لاختياراته الفنية والإخراجية الخاصة. بل أن صديقا عزيزا قال لي، بعد أن شرحت له بأن بعض المشاهد ليست مدرجة في الفيلم: “ولماذا صورها أصلا؟”. الله يا ودّي؟ الفيلم يمكن تقييمه بناءا على النتيجة النهائية، وليس بناءا على نوايا المخرج وما لا يقم به. هل يمكننا أن نحاسب كاتبا أو صحافيا على نسخ من مقالاته أو إبداعاته الأدبية قبل التعديل والنشر؟
مرة أخرى أكرر: من حق أي كان أن لا تعجبه سينما الخماري أو عيوش أو حتى “سينما” سعيد الناصري. لكني لا أفهم التناقض في الحجج، ولا أفهم لماذا، لكي ننتقد فيلم نبيل عيوش، يجب في كل مرة أن نذكر والده وأمه اليهودية وبقية العائلة. لنكن منطقيين مع أنفسنا. يمكننا أ ن ننتقد الفيلم بحرية. هذا حقنا الكامل. لكن، أولا بعد أن نشاهده في نسخته الحقيقية التي وقّعها المخرج؛ وثانيا، بدون إدراج الاعتبارات الشخصية الأخرى المرتبطة بالمخرج وعلاقاته بالتلفزيون ووالده و… و…. لا مصداقية لأي انتقاد في هذه الحالة.