مدن بلا روح

الأربعاء 23 يناير, 2019 13:41 يونس مجاهد تحديث : 23 يناير, 2019 13:42
إحاطة -

تشهد مجموعة من المدن المغربية، عمليات بناء عشوائي، خارج كل إطار قانوني، مما أحدث تشوهات كبرى، لا يقف حدها عند قبح المنظر، بل يتجاوز الأمر ذلك إلى ما هو خطر بكثير، وهو ما يتعلق بالثقافة التي تتولد عن هذه المدن الكئيبة، التي تغيب فيها المساحات الخضراء، وحدائق الأطفال، والمرافق الثقافية، وغيرها، من الحاجيات الضرورية لمدينة لها روح.
ويمكن مقارنة ما يحصل اليوم، مع المدن المغربية القديمة، التي كانت تصمم انطلاقا من فلسفة لتوزيع الفضاء، في انسجام تام، بين السكن والمرافق الضرورية من أسواق وتجمعات للصنائع ومساجد ومدارس وزوايا ومكتبات، وغيرها من الأمكنة التي تعطي للمدينة مضمونا حضاريا، وليس مجرد بنايات للسكن ومحلات تجارية، تتناسل، دون تنسيق أوانسجام، تتعايش فيها المدرسة مع محلات الحدادة والنجارة، والصيدلية مع محلات بيع الدجاج والميكانيك، داخل أزقة، لا انسجام في تصميمها، بنيت فيها منازل وعمارات لا تتوفر على مآرب للسيارات، إلى غير ذلك من مظاهر العشوائية.
بل أكثر من ذلك، فإن العديد من المساحات الخضراء والمدارس ودور الشباب… التي كانت موجودة في التصاميم الأولية، تختفي، عند التنفيذ، لتحصل فيها المضاربات، وتبنى مكانها عمارات ومحلات تجارية، تتوفر على الرخص «القانونية»، دون حسيب أو رقيب، وهي عبارة عن فضائح عقارية، من اللازم التحقيق في شأنها.
وَإِذَا كان من الضروري أن يطبق القانون في مثل هذه الخروقات الفاضحة، فإنه من المستعجل تدارك مافات لوقف هذا التشويه الخطير، الذي يلحق المدن المغربية، والذي يجعلها بلا روح، عبارة عن أقفاص من الإسمنت، بأزقة عشوائية، وسكن غير لائق، ومحلات تجارية متداخلة، تنتج الكآبة بكل أضرارها الجانبية.