الجزائر والعداء التاريخي للمغرب

الأربعاء 24 فبراير, 2021 10:18 محمود التكني
إحاطة -

إن ما تعيشه الجزائر، اليوم، من احتقان اجتماعي خانق، وعدم استقرار بسبب الحراك المتكرر، والمنبعث بين الفينة والاخرى، لا يمكن التخفيف من حدته، وتصريفه من طرف حكومة العسكر سوى بتعليقه على شماعة المغرب، لان الحكومة الجزائرية وشيكة أن تتهم المغرب بأنه هو من اوقف الزمان ببلادها، لتتوقف عجلة التطور ومسايرة العصر.

وهذا الوضع الذي تعيشه الجارة ناتج عن سياساتها وحساباتها حيث على مدى أكثر من أربعة عقود وهي تطبل خارج السرب وتدعم البهتان والكذب، عبر تبنيها قضية البوليساريو، مروجة أفكارا مجانبة للصواب، باعتبار أن قضية الصحراء المغربية قضية تصفية استعمار، وهذا زيف بحيث لا يمكن لأي بلد أن يستعمر جزءا من أراضيه، بل استرجعها من براثن المستعمر بشكل حضاري وسلمي، عبر ملحمة وطنية بين الشعب المغربي والمشمول برحمة الله الحسن الثاني طيب الله تراه.

فحين نجد أن أول دولة تفتح سفارة تمثلها وببلاها هي الجزائر – سفارة ما يسمى بالبوليساريو- وهذا ليس غريبا عليها، كيف لا وقد ادعت مؤخرا أن حائط البراق بمدينة القدس وقف جزائري ويمكن لها أن تطالب به في أي وقت.

وسأعرج على زلة وخطأ إذاعة الشروق، أولا على المستوى الصحافي: ان تقليد البرنامج الفرنسي الذى لا يمكن لإذاعة جزائرية تقليده بشكل صحيح لأنه برنامج ذو صيت عال بفرنسا تكون فيه الشخصية المراد تمثيلها والضيف دميتين اثنتين، وهذا لم يكن حال حلقة التطاول على ملك البلاد، و كذا السياق الزمني لبرمجة هذه المهزلة كان ذا دلالة و مولة سياسية كبيرة ومقصودة، ولم يكن بريئا بل جاء من أجل التشويش على الحراك بالجزائر.

وكما أشرت سالفا ملكنا نصره الله أمير المؤمنين بهذا فهو إمامنا وطريقة السلام على الأئمة يعلمها جميع مسلمي المعمور، ومحمد السادس أطال الله عمره ملكنا وطريقة سلامنا عليه بتقبيل يده أو كتفه ورثناها عن أجدادنا وأسلافنا، وهذا أظنه شأنا داخليا، أولا، ونمارسه طواعية دون إكراه أو إجبار وهذا باد للعيان في قنواتنا الرسمية.

وكما هو معلوم عند جميع ملكيات العالم نجد طقوسا خاصة للسلام على الملوك، والملكات، بحيث نجد طريقة خاصة للسلام على الملكة اليزابيث الثانية ببريطانيا، وطريقة مخالفة للسلام على ملك بلجيكا، وأخرى تخص ملك اسبانيا، وكذا السلام على الإمبراطور الياباني مختلف، أما بخصوص شدة عداء حكومة الجزائر للمغرب سأقوم باستعراضه بإيجاز، وينقسم إلى مرحلتين، الأولى بعد استقلال المغرب سنة 1956 قدمت المقاومة المغربية الدعم المادي والعسكري لنظيرتها الجزائرية، حتى حصلت الجزائر على استقلالها سنة 1962، بحيث تم قبلها قيام المستعمر الفرنسي بضم مجموعة من الأراضي المغربية للجزائر، كضغينة استعمارية، ناهيك عن معاهدة تانفنا المتعلقة بالحدود المغربية الجزائرية، بهذا نشبت حرب الصحراء بين المغرب والجزائر، حينها قال الهواري بومدين قولته الشهيرة، التي لازالت عالقة في دهن كل جزائري (المراركة حكرونا)، مشكلة عقدة نفسية لذا بومدين نفسه، وجميع الجزائريين، ومند ذلك الحين، والنظام الجزائري يذكي سموم عداءه وكره لدى مواطنيه تجاه المغرب، ومن شدة خبث الحكومة الجزائرية أنها كانت تلزم الأئمة بالدعاء في صلاة الجمعة للمغرب ليرفع الله عنه المجاعة التي لم تضرب المغرب، قط، خصوصا بالولايات الجزائرية الغربية، المتاخمة للحدود المغربية، لتضليل الحقيقة.

بعدها جاء المشكل المفتعل للصحراء المغربية وتبنته الجزائر بشكل مضمر في الخفاء، وإنكار حاد في العلن، وهذا ما يسمى في علم النفس بانفصام الشخصية، وفي علم السياسة بازدواجية المواقف.

المرحلة الثانية ما يسمى بالعشرية السوداء بالجزائر، بحيث بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية بالجزائر سنة 1991، التي منحت فوزا ساحقا لحزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، برئاسة عباس مدني، آنذاك لم تقبل حكومة العسكر نتائج هذه الاستحقاقات، وفي سنة 1992 دخلت البلاد في مستنقع من الانفجارات و الاغتيالات، التي كان وراءها العسكر طبعا، وخلال هذه العشرية، وحتى بعدها، كانت الحكومة الجزائرية تروج في أوساط الشعب الجزائري أن المغرب كان يدعم التيار الإسلامي بالمال و السلاح، وهذا بجانب الصواب، والمغرب براء منه براءة الذئب من دم يوسف.

و في سنة 1994 نفذت عملية تفجير فندق اسني بمراكش وبعد التحقيقات تأكد أن الجزائر كانت لها يد في هذا الفعل الشنيع، لأن المتهم الرئيسي هو ستيفان ايت ادر فرنسي من أصول جزائرية، ومن هنا قرر المغرب غلق حدوده مع الجارة الجزائرية، مؤقتا، اولا، لدحض فكرة أن المغرب يأوي عناصر حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهذا من أجل حماية الجزائر، وثانيا لحماية أراضي المملكة من الخطر في ظل الوضع الأمني غير المستقر، آنذاك، بالجارة الشرقية، و مع توالي انتصارات المغرب السياسية والدبلوماسية في ملف قضيتنا العادلة خصوصا بالعقديين الأخيرين، وكذا واقعية المبادرة الملكية للحكم الذاتي، التي استحسنها المنتظم الدولي كحل سياسي متوافق عليه، وكذا تآكل شرعية جمهورية الوهم، التي أنفق عليها النظام الجزائري ملايين الدولارات مند 1976، مراهنا على مشروع فاشل، جعلته غير قادر على تنمية بلاده وتوفير فرص الشغل لعاطليه، وتحسين ظروف عيش مواطنيه، بهذا تعيش الجزائر هذا الاحتقان، الذي يؤجج الحراك الاجتماعي.

أما القشة التي قصمت ظهر البعير فهي قيام مجموعة من دول العالم بفتح قنصلياتها بكل من مدينتي العيون و الداخلة، ولا ننسى رصاصة الرحمة، التى تلقتها الجزائر و الكيان الوهمي، بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على كل صحرائه، هذه الانتصارات راجعة الى تعليمات وتوجيهات وحكمة وتبصر جلالة الملك نصر الله وأيده حامي حمى الملة والدين.

+محمود التكني أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس وباحث في شؤون الصحراء المغربية