مكر سينمائي
الجمعة 18 ديسمبر, 2015 11:07 جمال الخنوسيمنذ انطلاق تجربة الدعم السينمائي التي تحولت في وقت لاحق إلى تسبيق عن المداخيل، تمكن المخرجون المغاربة أو غالبية المخرجين من تطوير نوع من الذكاء. ذكاء غير مرتبط بالسينما وتعبيراتها المختلفة بل ذلك الذكاء القريب أكثر من « المكر والفهلوة و التشلهيب ».
لقد أصبح بعض المخرجين مختصيين في تصيد الفرص، واقتناص التيمات الجذابة و Sexy من أجل نيل ملايين الدعم. بعد أن لمسوا في اللجنة المكلفة هذا الحس الموضوعاتي وضعفها أمام التيمات الشعبوية التي تتناول القضايا الكبرى المبررة وغير المبررة بدل الانكباب على قيمة السيناريو وطريقة تناوله موضوعا ما.
لذلك وجدنا أنفسنا وعلى مدى سنوات أمام موجة أفلام رديئة عن سنوات الرصاص ثم هجرة اليهود المغاربة وشخصيات وقضايا وطنية.. وغيرها من التيمات التي تحولت الى « سبوبات » لغرف الأموال ونهب الملايين.
فشل هذه التجارب المتسرعة والبراغماتية بمعناها القدحي، يكمن في الدافع المالي و « اللهطة » بعد أن أصبح هؤلاء المخرجين يعرفون من أين تأكل الكتف، بل جهابذة في الاحتيال والمراوغة، وتحول الاغتناء السريع وغير المشروع المحرك الاساسي بدل البحث والتقصي الذي يتطلب خلفية ثقافية وإمكانات مالية. فإذا كان الدعم السينمائي، الذي لا يصل في أغلب الحالات خمسة ملايين درهم، قادرا على ملء جيوب هؤلاء، فإنه في الحقيقة غير كاف لانتاج فيلم قوي بمواصفات عالمية.
ولم تقتصر حنكة ودهاء هؤلاء على المجال الوطني، بل امتدت موهبتهم لتشمل صناديق داعمة أخرى حيث أصبحوا يوفرون لكل صندوق المشاهد التي يحب، والتيمات التي يفضل. فالوصفة جاهزة لإثارة غرائز الصناديق الخليجية والأوربية: قليل من الفراكوفونية، بهارات جنسية داعرة، ملعقتان من البؤس والبناء العشوائي، خمر ومساجد، زغب وتطرف مع بعض العنف البوليسي واستغلال للأطفال.. والوصفة جاهزة.
وإذا كان صارم الفاسي الفهري، مدير المركز السينمائي المغربي، يعترف بوجود 50 ملف فيلم بها شبهة وتلاعب… فتلك قضية يجب أن تعالج بسرعة، وبكثير من الصرامة حتى نعيد للدعم عافيته وشرفه.
ولابد ايضا لإعادة النظر في الدعم السينمائي برمته، وفي السياسة التي تنهجها اللجنة حيث لا يمكن القبول باستمرار هذا النهب الممنهج خصوصا لأسماء تتكرر بعد أن ثبت تورطها في سلوكات مجرمة باستغلال المشاعر الوطنية ثارة والشعبوية تارة أخرى.
من قدم على مدى سنوات طويلة، وتجارب متكررة، الفشل والبؤس، ولم يستطع تصوير مشهد جيد في حياته لا يمكن أن ننتظر منه شيئا يذكر. فالغباء كما يقول أنشتاين هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب، ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة.. فما بالك بمن يفعلها ست وثماني وعشر مرات.
*عن جريدة الأحداث المغربية