تعنت بنكيران وتربص الإسلام السياسي

السبت 9 يناير, 2016 13:24 عبد اللطيف فدواش
إحاطة -

الملاحظ من خلال تتبع مسار الحكومة الحالية، التي يرأسها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن قراراتها، رغم شكلية التفاوض مع الفرقاء، سواء السياسيين أو الاجتماعيين، تتخذ بشكل فوقي، دون الأخذ بعين الاعتبار مقترحات ومطالب وتعديلات الفرقاء، ما يؤجج الوضع الاجتماعي، ويهدد بانفجار الوضع، ويهدد السلم الاجتماعي.
وإذا كانت أحزاب المعارضة، خاصة البرلمانية، وتلك التي تشارك في الانتخابات بصفة عامة، والنقابات الوطنية، على وعي تام بواقع المغرب، ومواقفها من الحكومة تتخذ بعقلانية، للحيلولة دون الدفع بالمغرب إلى اللا استقرار، فإن الحكومة، وخاصة رئيسها، ووزراء العدالة والتنمية، يدفعون، بقراراتهم، ومواقفهم، إلى تأجيج الشارع العام، وإمكانية استغلال الغضب الشعبي من طرف جماعات متطرفة، قد تخرج بين الفينة والأخرى لتأطير الحركات الاحتجاجية، لفرض قوتها، على “خصم”، تتقاسم وإياه الخط الإيديولوجي، “الإسلام السياسي”، لكن تتنافس معه عن التحكم في الشارع والجماهيرية الشعبية.
ويكفي التذكير بانتفاضات واحتجاجات الأساتذة، ولمدة موسم دراسي أو ما يزيد، ثم كتاب الضبط، فالقضاة، والمحامون، والطلبة الأطباء، والأطباء نفسهم، واليوم الأساتذة المتدربين، هذا ناهيك عن احتجاجات المركزيات النقابية، والأحزاب السياسية، ليتأكد أن الحكومة الحالية صماء، لا تصغي للرأي الآخر.
ويكفي أن عبد الإله بنكيران “طلع الجبل” في قضية الأساتذة المتدربين، حين قال أن لا تراجع عن المرسومين، ما أصبح هناك تباعد في وجهات النظر بين طرفي الخلاف، أي بين الحكومة التي أكدت عدم التراجع نهائيا عن المرسومين، وبين الأساتذة المتدربين الذين يتشبثون بالشارع والاحتجاج من أجل تحقيق مطالبهم.
هذا التعنت، سواء لرئيس الحكومة، ووزرائه، يدفع خصومه إلى الاستغلال السياسي لتلك المطالب الاجتماعية، ليس الأحزاب الوطنية، التي تعي خطورة المجازفة بالوطن، ولكن من طرف حركات الإسلام السياسي، وتحديدا، جماعة العدل والإحسان، التي تستغل قاعدتها الجماهيرية الواسعة في مختلف الجامعات بالمغرب، ومراكز تكوين الأساتذة بعد تراجع الفصائل التقدمية، واليسارية، لتسييس كل مطلب اجتماعي، ومن بينها ملف الأساتذة المتدربين، الذين يطالبون بإلغاء المرسومين.
ويبدو أن جماعة العدل والإحسان، وبعد هدنة، لسنوات، بعد استغلالها لحركة 20 فبراير، التي ركبت عليها، وسار وراءها الواهمون من بعض المحسوبين على الصف التقدمي، في تحالف “ممسوخ”، غير مستوعبين التجارب التاريخية، ونموذج إيران في تحالف حزب تودة مع الخميني، يبدو أنها تحاول، اليوم، الرجوع إلى الشارع، من نافذة الحركات الاحتجاجية، ذات الطابع الاجتماعي، وهو أسلوب انتهجته العدل والإحسان في مسيرات الاحتجاج ضد شركة أمانديس، وفي بعض الحركات المطلبية لعمال الفوسفاط، حيث تستغل مطالب اجتماعية محضة، لتصريف مواقفها السياسية، واستقطاب متعاطفين جددا.
وفي الوقت الذي تحاول الجماعة استغلال المطالب الاجتماعية لضمان مبررات وجودها، المتمثل حسب تصورها في محاربة الفساد الاستبداد، مراهنة على الاحتقان الاجتماعي، وتأجيجه لتصوير الدولة في صور المستبد، تعمل الحكومة على تأجيج الوضع بدل الإنصات إلى نبض الشارع، والجلوس إلى طاولة الحوار، مع كل الفرقاء، سواء السياسيين أو الاجتماعيين، من أحزاب المعارضة ونقابات، والتي أظهرت استعدادا لخدمة الوطن في غير ما مرة، والمثل في الموقف من خرجات الحكومة السويدية.
وختاما، ولنزع البساط من تحت أقدام جماعة العدل والإحسان، التي تحاول، من خلال الركوب على هذه الاحداث، استهداف السلم الاجتماعي بالمغرب، عن طريق تقديم نفسها كفاعل أساسي يحتكر لغة ونبض الشارع، على عبد الإله بنكيران، وحزبه أن يستوعب الوضع ويعود إلى نفسه، ويفكر في مستقبل الوطن، قبل الحزب، لأن الأخير وسيلة لا غير، اللهم إذا كان تحالف الإسلام السياسي أقوى من الوطن، فذلك شيء آخر.