عن بنكيران والتعليم الخاص ونضالات الأساتذة المتدربين
الأحد 10 يناير, 2016 17:47 أحمد الدافريكتبت في فضاء آخر، قبل يومين، توضيحات عن جذور قضية الأساتذة المتدربين، انطلاقا من المذكرة التي منعت أساتذة التعليم العمومي من العمل في التعليم الخاص والتي أصدرها محمد الوفا سنة 2012 عندما كان وزيرا للتربية الوطنية، مرورا بانصياع محمد الوفا لأوامر رئيسه ابن كيران وتراجعه عن تلك المذكرة التي أوقعت أباطرة التعليم الخاص في أزمة كبرى، وانتهاء بتنفيذ رئيس الحكومة لمخطط تكوين أساتذة لتغطية متطلبات أصحاب مؤسسات التعليم الخاص الذين وجدوا أنفسهم مهددين بعدم الاستفادة من خدمات أساتذة التعليم العام، وهو أمر لا يمكن أن يقبلوه، لأن أساتذة التعليم العام يشتغلون في التعليم الخاص بدون عقد عمل. ويتقاضون أجرهم على الساعات التي يشتغلونها فقط، بدون أداء ضرائب على الدخل، ولا تأمين، وهو أمر مُربح بالنسبة إلى أصحاب مؤسسات التعليم الخاص ويشكل لهم مصدرا ليد عاملة رخيصة، في حين أن التعاقد مع أساتذة قارّين للعمل خصيصا في مؤسسات التعليم الخاص سيشكل بالنسبة إلى أصحاب هذه المؤسسات عبئا لا يرغبون في حمله، يتمثل في استفادة الأستاذ من راتب شهري قار، ومن رخص المرض، ومن كل الحقوق التي يضمنها له قانون الشغل.
كتبت أيضاً عن كون الطريقة التي ابتدعتها وزارة التربية الوطنية لتكوين أساتذة متخصصين في التعليم الخاص في إطار ما يسمى “مشروع تكوين 10000 أستاذ في أفق 2016” لم تحقق الأهداف المتوخاة، لأن هذا المشروع الذي احتضنته مراكز تكوين في الرباط والمحمدية والدار البيضاء ومراكش وفاس ومكناس وتطوان في 2013، أعطى فوجا من الأساتذة المؤهلين الحاملين لإجازة أو أكثر، والمستفيدين من تكوين بيداغوجي وديداكتيكي على مدى سنة جامعية بعد خضوعهم لانتقاء أولي وامتحان كتابي وامتحان شفوي، غير القادرين على تأمين قوتهم اليومي ، بعدما لم تعترف مجموعة من مؤسسات التعليم الخاص بشهادة تكوينهم في إطار هذا المشروع، وطلبت منهم الاشتغال لديها بصفة أستاذ متدرب بدون أجر لمدة سنة واحدة، وفي حالة الرضا عن مستواهم يمكن تشغيلهم براتب 1500 درهم في الشهر.
قضية هؤلاء الشباب والشابات الذين يناضلون من أجل إسقاط مرسومين غير قانونيين، هي قضية عادلة. يُؤازرها حتى الأساتذة المُكونون الذين يشتغلون في المراكز الجهوية للتربية والتكوين، والذين يُؤسفهم أن لا يستفيد الوطن من مثل هؤلاء الأساتذة المتدربين الذين خضعوا لانتقاء أولي ولامتحانين صارمين، واحد كتابي وآخر شفوي مدته ساعة في مجموعة من المعارف والقدرات والمهارات. وهؤلاء الأساتذة المتدربون الذين يناضلون من أجل قضيتهم العادلة ليسوا طائفة سياسية أو فكرية واحدة. فيهم من ينتمي إلى العدل والإحسان، أو إلى العدالة والتنمية، أو إلى حزب الاستقلال أو الاتحاد الاشتراكي أو التقدم والاشتراكية او الحركة الشعبية. منهم من هو محسوب على أحزاب يسارية أو ليبرالية، وفيهم المؤمنون والمتدينون والعلمانيون والملحدون، وفيهم من ليس له أي انتماء سياسي ولا عقيدة حزبية.
المهم أنهم شباب وشابات يدافعون عن قضية عادلة. والمطلوب حل مشكلتهم بالعقل، وعدم البحث عن أساليب تمويهية لتخوينهم وتشويه سمعتهم. فكلهم ينتمون إلى هذا الوطن، والوطن يتسع لجميع أبنائه. فالفساد ينخر البلاد. والذين كان ينبغي أن “تتفرشخ” رؤوسهم، وهنا أستعمل كلمة “التفرشيخ” في إطار معناها المجازي وليس في إطار معناها التعنيفي الدموي، هم الفاسدون والمُرتشون من بين المشتغلين في مجال تدبير صفقات وزارة التربية الوطنية، الذين نهبوا الملايير التي كانت مخصصة للمخطط الاستعجالي للتربية والتكوين، والذين مازلنا لا نعرف هل التحقيقات التي فتحتها وزارة العدل بخصوصهم مستمرة، أم أنها أُغلقت وأن كل جرائم الفساد المالي التي ارتكبت في تلك الصفقات قد نُسبت إلى مجهول.