أبيضار في سيزار..

الجمعة 12 فبراير, 2016 14:10 جمال الخنوسي
إحاطة -

لا راد لقضاء الله .. لا بأس أن نبدأ عمودنا الصحفي لهذا الأسبوعي بدعاء. فلن نجد أحسن من هذا الرد على اختيار لبنى أبيضار في ترشيحات جوائز سيزار الفرنسية التي أعلن عنها قبل أيام.
لبنى ستنافس زميلاتها كاثرين دونوف وايزابيل هوبير وكاترين فرول وسيسيل دوفرانس وإيمانويل بيركوت على الجائزة التي سيعلن عن نتائجها في 26 فبراير المقبل.
مع ذلك نسجل أن ردود الأفعال التي استغربت الأمر واعتبرته شاذا وعجيبا ليست على صواب، لذلك دعونا نقول بكل وضوح: متى كانت الجوائز السينمائية منصفة والترشيحات عادلة؟
في فرنسا كما في أمريكا وألمانيا وكل بقاع الدنيا « تلعب أمور عدة لعبتها ». الجوائز والترشيحات تعكس مواقف سياسية، تيارات فكرية، قوى ضاغطة أو لوبي … دعونا نعطي بعض الأمثلة القريبة: عندما تدخلت فرنسا في مالي منحت السينما في بلد فرانسوا هولاند كل ما تملك لفيلم اسمه « تومبوكتو » للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو (7 جوائز سيزار) ، في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة كثيرا ما فازت أفلام خاصة لأنها كانت ظل تيار فكري معين.. وفي أمريكا منحت الجوائز والترشيحات للأفلام التي تحتفي بالمثلية وتطبع مع العلاقات بين الرجل والرجل، كما هو الحال في بروك باك ماوتاين، أو امرأة وامرأة كما هو الحال في كارول. كما لن ننسى الإشارة إلى أن مشاركة الأفلام في المهرجانات الكبرى مبني على العلاقات وصناديق الدعم والمصالح الشخصية. وهنا لا يمكن أن ننكر الدور الذي لعبه مثلا الفرنسي برونو بارد المدير الفني للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش من أجل عرض فيلم نبيل عيوش، الزين اللي فيك، في كان أو دور الصناديق الخليجية التي يستفيد منها مخرج مثل هشام العسري أو غيره لعرض أفلامه في برلين.
القضية ليست بريئة ولم تكن قط كذلك. فرنسا « تقطر الشمع » كما يحلو لها ذلك، حيث تلذذت بسادية غريبة منذ عشرات السنين وخلقت أبطالا من ورق، ونحن بدورنا كررنا صناعة الأوهام والكراكيز والفشلة وجعلناهم في مصاف المشاهير والمرموقين والأبطال المظلومين.
لنقلها بوضوح، للبنى ابيضار كل التعاطف مما لحقها من تكالب وسباب واتهام وتهديد، لكنها أولا وقبل كل شيء ممثلة متواضعة جدا جدا.
لبنى اليوم لعبة مسلية في يد الاعلام الفرنسي يلهو بها ويتسلى وسينفرها بعد حين، كما لعب ب »نبيلة » صاحبة « ألو » الشهيرة ورماها كالكلينيكس المستعمل. إن أهم دور هو الذي تلعبه ابيضار خارج كادر الكاميرا، حيث الكثير من المسكنة والتلاعب بالمشاعر.
المضحك في القضية هو أن بعض المحسوبات على التيار النسائي الذي لا ينشط سوى في تويتر وفايسبوك يرى في أبيضار أيقونة نضال نسائية وهو دليل واضح على فقر شديد وأزمة غياب جارف لنموذج يحتدى به.
لذلك يجب أن لا تعمينا العاطفة على نور العقل فأن تكون ضعيفا لا يعني أن تكون بالضرورة على صواب أو صاحب حق.
لذلك تبقى فرنسا الأحق بجائزة سيزار لأحسن ممثلة لأن بلد الأنوار يهوى تقمص شخصية المدافع عن حقوق الضعاف والمنبوذين حول العالم.

– عن جريدة الاحداث المغربية