شرع اليد

الثلاثاء 30 يونيو, 2015 15:30 عبدالاله سخير
إحاطة -

الرابط بين قضية فتاتي انزكان، ومنع البيكيني بشاطئ اكادير، والاعتداء الهمجي على شاب مثلي بفاس… هو تراجع سلطة الدولة أمام “جنوح الجماهير”.

المتضرر من هذه الوقائع مجتمعة، والنقاش الذي تمخض عنها، هو مفهوم النظام العام، وسلطة القانون وهيبة الدولة.

بعيدا عن تعصب ذات اليمين وذات اليسار، فإعمال مواطنين ” لشرع أيديهم” في نوازل معينة، القانون يعاقب عليها في الأصل، هي جريمة مشددة، مهددة للنظام العام.

فإذا كانت فتاتي انزكان خالفتا القانون عبر ارتدائهما لباسا منافيا للحشمة والآداب العامة، فان القانون نفسه لا يجيز لأي كان بالتهجم عليهما وايدائهما بدنيا، طالما أن هناك سلطة مختصة خول لها القانون وحدها التحرك لدرئ المفسدة المتوقعة على النظام العام.

أما الطريقة التي عومل بها شاب قيل أنه مثلي بفاس، فهي لا تختلف بحسب الفيديوهات التي عممتها مواقع التواصل الاجتماعي، عن ما تقترفه عصابات داعش المهددة للإنسانية.

الشذوذ الجنسي، سلوك يعاقب عليه القانون، والمشرع أفرده بباب خاص ضمن الحفاظ على الآداب العامة، التي هي مجموعة القواعد والأحكام المتعلقة بالأخلاق والحشمة والمحاسن والمساوئ.

أما إعمال “شرع اليد” في مواجهة ، المخالفات التي تلحق بالآداب العامة، فهو جريمة مهددة للنظام العام الذي هو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية الملزمة للجميع والتي لا يجوز مخالفتها.

غاب عن “الجماهير” المتحمسة التي هاجمت فتاتي انزكان، ومنعت السائحات الأجنبيات من ارتداء البيكيني بشاطئ اكادير، وهاجمت بفاس بوحشية داعشية شابا مثليا…غاب عنها، انه لا وجود لنص سواء في الشرع أو القانون، يجيز لهم التنكيل بالمخالفين.

غفل عن المتحمسين، كوني استهجن أو أرفض سلوكا معينا لا يخول لي اقتراف جريمة، والسلوك المدني الأمثل أن من وقف عند جريمة ومخالفة قانونية، هو تبليغ الجهات المختصة بحماية القانون، لا إعمال قانون الغاب.

الخطير في كل ما ذكر، هو هذا التجاوز الكلي للأحزاب والمجتمع المدني وكافة الفاعلين الكلاسيكيين، أمام الموجة “الداعشية” الجديدة التي تمتحي من فكر هجين لا علاقة بالمغاربة به من قريب أو بعيد.