الصحراء تجمعنا

الثلاثاء 15 مارس, 2016 13:25 أسماء بن العربي
إحاطة -

بعد مسيرة الرباط انتشرت فيديوهات لأناس بسطاء، قدموا من مناطق مختلفة لا يفرقون بين بانكيمون وبنكيران، ولا بين الاتحاد الدستوري والامم المتحدة، بل منهم من يحمل خريطة للمغرب بصحراء مبتورة ويردد الصحراء مغربية. ضحكنا لبعض التصريحات واحسسنا بغصة ونحن نشاهد بعضها. لكن إذا فكرنا قليلا نجد ان هؤلاء لا ينتمون لحزب خرج من اجل حملة انتخابية سابقة لأوانها، ولا ينتمون لجمعية مدنية خرجت لتضمن حصتها من المال، ولا يريدون شهرة ولا ظهور، هم ينتمون للمغرب وفقط، ولا يطرحون الكثير من الاسئلة حين يتعلق الامر بالوحدة الترابية، يلبون النداء بعفوية ويحجون الى مكان المسيرة. ربما لم يمنح الوطن كبارهم تقاعدا مريحا، ولم يضمن للشباب منهج دراسي جيد لكن يجب على الاقل ان يمنحهم الحق في المعلومات المتعلقة بقضيتنا الأول القضية التي لن يترددوا في حمل السلاح للدفاع عنها إذا اقتضى الامر.
اغلب المغاربة يفهمون لهجات الشرق، يستطيعون التمييز بين اللهجة السورية واللهجة اللبنانية، وبإمكانهم اخذك في جولة سياحية بتركيا، يعرفون من قتل السلطان سليمان ومن خلفه وحدود الدولة العثمانية، ليس لأنهم سافروا او عاشروا المشارقة والاتراك او درسوا التاريخ ولكن لأنهم يتابعون المسلسلات ذات الالف حلقة بشغف وينتبهون لأدق تفاصيها في حين يجهلون تاريخ بلادهم عموما وتاريخ الصحراء خصوصا، اغلبهم لا يستطيع حتى معرفة مكان تواجد العيون او الداخلة على الخريطة… الامر ليس تقصير منهم بقدر ما هو تقصير من الاعلام والمجتمع المدني.
هل يجب ان ننتظر السادس من نونبر من كل سنة لتذيع قنواتنا واذاعاتنا مقتطفات من المسيرة الخضراء واغاني وطنية وتذكر بعدد الذين شاركوا بها وتخصص برامج لاستجواب من عاشوا التجربة؟ لماذا لا تنتج افلام ومسلسلات تقرب القضية من المواطنين؟ لماذا لا تخاطبهم بلغة بسيطة بعيدا عن البرامج السياسية والحوارية التي لا تحظى بنسب مشاهدة عالية؟ لماذا تم التركيز على اذاعة الاذان على القنوات الرسمية رغم ان المغاربة لا ينتظرون اذان التلفاز ليصلوا، فأذان المسجد المجاور لمحل سكناهم يغنيهم عن ذلك، ولماذا تم التركيز على حذف كبسولات اليانصيب رغم ان متتبعيها ولاعبيها لم يتوقفوا عن تتبعها عبر وسائل اخرى…وتناسوا التركيز على التعريف بقضيتنا الاولى؟ لماذا عندما نتحدث عن الصحراء نستحضر المسيرة الخضراء فقط ونتناسى باقي الاحداث التاريخية المهمة؟

صحيح ان قضية الصحراء هي القضية التي توحد المغاربة بمختلف انتماءاتهم، ولا يختلف اثنان على عدالتها، لكن عندما تمنح شبيبة حزب صوتها للبوليساريو، وعندما تتحدث نزهة صاحبة فيديو السب والشتم باسم الصحراء، عندما يسب فنان او برلماني بانكيمون امام كاميرات التلفزيون وينعتونه بأقبح الصفات، وعندما لا يعلم المواطن سبب خروجه في المسيرة، فهذا يسيء للقضية اكثر مما يخدمها. ويجعلنا نتساءل هل من استشهدوا دفاعا عن الصحراء والذين امضوا زهرة شبابهم في سجون البوليساريو راضون عنا؟ راضون عن ما نقدمه لخدمة قضية الوحدة الترابية؟