اصطياد الساحرات

الجمعة 10 يوليو, 2015 12:21 يونس مجاهد
إحاطة -

في كل مرة، بمناسبة شهر رمضان، تثار إشكالية ضعف الإنتاج التلفزي، ويتذمر الجمهور، وتنتقد الصحافة، وفي الأربع سنوات الأخيرة، ينضاف إلى المتذمرين، وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، ويصب جام غضبه على شركات الإنتاج العاملة في هذا القطاع.
بعد هذه الحملة من التذمر ومن الانتقادات، في رمضان، تطوى الصفحة تقريبا وتتواصل الحياة… لكن في هذه المرة، يصرح الوزير بإخضاع صفقات منح برامج لشركات الإنتاج، من طرف القنوات العمومية، للافتحاص.
موضوع الافتحاص ومراقبة الحكامة، مسألة محمودة، وينبغي أن تشمل كل القطاعات، وليس هذا القطاع، بالذات، حتى لا يبدو وكأن الأمر مجرد عملية انتقامية للوزير، من أجل تصيد بعض الثغرات، علما بأنه خصومته الإيديولوجية، مستدامة، مع المسؤولين على قنوات الإعلام العمومي، وبعض شركات الإنتاج.
وبغض النظر عن هذا الجانب، أين يكمن الخلل الذي يؤدي إلى ضعف الإنتاج الفني والتلفزي في المغرب؟
الجواب لا يمكن أن تقدمه لنا هذه القنوات أو شركات الإنتاج وحدها، بل أساسا السياسات الحكومية الفاشلة في هذا المجال، والتي لم تبدأ مع الحكومة الحالية. حيث انعدمت أية استراتيجية متكاملة بين مختلف الوزارات المعنية، من اتصال وثقافة وتربية وتعليم وصناعة… بالإضافة إلى الجماعات المنتخبة، وغيرها من المؤسسات الوطنية، لوضع مخطط شامل من أجل النهوض بالقطاعات الفنية والثقافية.
أما العاملون والمبدعون في القطاع، من خلال هيئاتهم المهنية، سواء في الفن أو المسرح أو الثقافة، وكذلك في الإعلام، فإن حناجرهم تعبت من الصراخ، وهم يقدمون البدائل تلو البدائل، لكن بلا جدوى.
منذ أن جاءت الحكومة الحالية، واصلت نفس نهج سابقاتها، الجديد الذي أتت به هو اتهام قطاع الإنتاج بالفساد، ووضع شروط لطلبات العروض، وتشكيل لجان ومساطر… غير أن كل هذا لم يغير المعطى الأساسي المتمثل في غياب سياسة مندمجة في القطاع الفني والثقافي.
ضاعت أربع سنوات من شد الحبل مع مسؤولي القنوات العمومية، ومن منازعات لا تنتهي مع شركات الإنتاج، ومن تغليب الرؤية الإيديولوجية للمجال الفني، والتضييق على حرية الإبداع، التي عرفت أوجها في الحملة الترهيبية، لمخرج وممثلي فيلم «الزين اللي فيك»، وما تلاها من حملة على القناة الثانية بسبب سهرة جينيفير لوبيز، وما سبقها من وصف المسلسلات المكسيكية بالماخور…
«الإبداع» الذي أضافته الحكومة الحالية، هو نهج سياسة اصطياد الساحرات، ضد كل المختلفين مع توجهها، تحت غطاء الترشيد والحكامة وحماية الهوية.