شعب متدين بطبعه

الخميس 7 أبريل, 2016 13:32 أسماء بن العربي
إحاطة -

ما حدث لمثليي بني ملال، ومشعوذة سلا و غيرهم ، ليس استثناء ، فيوميا يتعرض العديد من الناس للهجوم بطرق مختلفة، وفي أحداث عديدة يصفق الأغلبية للجاني و لا يتعاطفون مع الضحية ولا يتساهلون مع من يختلفون معهم.

فالذين يجعلون ممن صور فيديو لشرطي يأخذ رشوة بطلا ويطالبون بأقصى العقوبات للشرطي، متناسين أن المصور لو احترم قانون السير ما كان سيوقفه الشرطي، ولو تحمل مسؤولية خرقه للقانون ودفع المخالفة ما كان سيتفاوض مع الشرطي (باش يدير لوراق وسط لوراق ويعطيه لوراق)، وبأن القانون يحاسب الراشي والمرتشي، والدين يلعن الراشي قبل المرتشي. والذين يجدون تبريرا لكل عملية إرهابية، بداية من المؤامرة الصهيونية الماسونية ووصولا الى ان تلك الدولة تقتل المدنيين في مكان ما على الخريطة، وأكثر من ذلك ينتقدون كل من أعلن تضامنه مع الضحايا فقط لأنهم مختلفين عنا.

هم من يهللون ويكبرون عندما يدخل الاسلام أجنبي ويتباهون بالمساجد الممتلئة في بلاد الكفار، وفي المقابل يسبون ويحتقرون كل من غير دينه الاسلامي ولو كان الأمر بأيديهم لأقاموا عليه حد الردة، وتزعزع عقيدته وجود مكان للعبادة مخصص لمعتنقي ديانات اخرى.

هم الذين يقيمون الدنيا عندما يتعرض ولد للاغتصاب ويطرحون ألف سؤال عندما تكون المُغتصبَة فتاة حتى لو كانت طفلة.

هم الذين قال عنهم علي الوردي “لو خيروا بين دولتين علمانية ودينية، لصوتوا للدولة الدينية وذهبوا للعيش في الدولة العلمانية”.

هو الشعب المتدين بطبعه الذي يعتبر ان مهمته في الحياة هي النهي عن المنكر باليد واللسان والقلب وتكفير الاخرين، ويتناسى ان من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه. ويسعى الى ادخال الاخر للنار بدل الإنشغال بالعمل على ادخال نفسه للجنة.

كأن الله بجلاله سينتظر منه أن يأخذ حقه، أو أن يحميه ويحمي دينه.

هؤلاء لا يمكن ان يؤمنوا بالاختلاف، لا يمكن ان لا يشاركوا في الهجوم على من يخالفهم عندما تتاح لهم الفرصة ويبرروه ويمجدوا من شارك به. لا يمكن ان ننتظر منهم التساهل مع من يعتبروهم مسؤولين عن افساد المجتمع، لأنهم بذلك يثبتون أنهم متدينين أكثر، وأنهم أقرب الى الله من الاخرين. وبأنهم ليسوا فقط خلفاء الله في ارضه بل وكلاء حصريين له، ويظنون انه لم يهد سواهم.

اذا كنت من (هؤلاء) تخيل لو ان ابنك مثلي او ابنتك مشعوذة هل كنت ستقتلهم؟ اذا كان جوابك نعم فراجع انسانيتك، واذا كان جوابك لا فتذكر أن الله ليس بقاتل وبأنه أرحم الراحمين وليس أقل رأفة منك، فبأي حق تؤذي خلقه؟