عمر قصة الإنسان

الجمعة 29 أبريل, 2016 10:43 أسماء بن العربي
إحاطة -

عمر باطويل شاب يمني اختطف من جوار بيته، وجد بعدها مقتولا بالرصاص في أحد شوارع مدينة عدن اليمنية، عمر لم يحمل سلاحا ولم يدع للقتل، ولكنه قٌتل بتهمة الإلحاد والردة.

جريمة عمر أنه أحب الله بطريقته وقال “أنا ارى الله في الزهور وانتم ترونه في القبور” فقطفوا الورود والزهور وأراقوا الدماء بدعوى الدفاع عن الخالق، خالق عمر وخالقهم، الإله الذي جعل منه عمر إله محبة وخير وسلام، وجعلوا منه إلها يشرع القتل، إله ينتظر من ينتقم له ومن يدافع عنه. في حين أن الله لم يوكلهم للدفاع عنه، وليس في حاجة لمن يدافع عنه، خلقهم ليزرعوا المحبة و يتعايشوا، وهو من يملك حق محاسبتهم. ولن ينقص من ملكه شيء سواء آمن الناس أو لم يؤمنوا. لا يمكن أن ندعي حب الله والامتثال لأوامره وفي نفس الوقت نؤذي خلقه، لا يمكن ان نوقن بأنه يغفر الذنوب جميعا ونتقرب اليه بالدماء.

فكما قال شمس التبريزي “إن الطريقة التي نرى الله فيها ما هي إلا انعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا. فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة، فهذا يعني أن قدرًا كبيرًا من الخوف والملامة يتدفق من نفوسنا. أما إذا رأينا أن الله مفعمًا بالمحبة والرحمة، فإنا نكون كذلك” فلا يمكن ان تكون عبدا لإله رحيم وترقص على دماء الاخرين فقط لأنهم مختلفون عنك، لأنهم لا يعبدون الله بنفس طريقتك”.

قتل عمر دليل على أن الافكار التنويرية تخيف الكهنوت، وهو كذلك محاولة للقضاء على فكرة ربط الدين بالحياة والحب بدل ثقافة الموت والكره، وكل محاولة للعودة للإسلام الحقيقي بعيدا عن إسلام الفقهاء.

عمر لم يكن الأول الذي قتل باسم الدين وباسم الدفاع عن الله ولن يكون الاخير مادام بيننا من يبرر قتله.

عمر لن يكون الأخير ما دام الموروث الديني مقدسا ولا يقبل النقد ولا التجديد حتى لو جاء بما هو مخالفا للقران و مادام حد الردة مسلم به وإنكاره يجعلك عرضة للتكفير.

عمر لن يكون الأخير ما دام أغلب المسلمين ينتقدون ديانات ومعتقدات الأخرين، وقد يتهكمون على من يعبد بقرة، ويستعيذون بالله من مسيحي أو بوذي ولا يجالسون ملحدا، لكن يكفرون من انتقد دينهم و يحللون قتل من يخالف طريقة عبادتهم، ويهدرون دم من خالف سياسة القطيع، ومن قرر استخدام العقل الذي منحه له الله، ومن فهم ان التقرب الى الله لا يتم بلعق الاصابع بعد الاكل ولا بالنوم على الحصير، بل بحب الاخر والتعايش معه كيف ما كان وأين ما كان، ومن أيقن بأن من أحيا نفسا كمن أحيا الناس جميعا، ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعا، والقتل طبعا لا يكون بالسلاح فقط فتبرير القتل هو قتل من نوع آخر.