يقولون ما لا يفعلون
الخميس 16 يوليو, 2015 11:57 يونس مجاهدنشرت جريدة «التجديد»، في عدد 14 يوليوز الأخير، الشيء ونقيضه، ويتجلى ذلك في تصريح رئيس «حركة التوحيد والإصلاح»، عبد الرحيم الشيخي، الذي قال إن حركته تنأى عن الخوض في قضايا «تقسم مكونات المجتمع» مثل القيم والهوية، وتفضل التركيز على «قضايا أخرى كالفساد والسرقة وعدم تطبيق القانون».
واعتبر الشيخي أن هناك محاولات «للتشويش» والاستفزاز»، تستهدف «نجاح العمل السياسي والدعوي بالمغرب»، وأضاف أنه «أمر مقصود مع اقتراب موعد المحطات الانتخابية»، حيث يتم استدراج الحركة الدعوية للخوض في قضايا القيم والهوية.
في نفس العدد نشرت «التجديد»، بيانا لهذه الحركة، تعلن فيه رفضها للبروتوكول الاختياري لاتفاقية «سيداو». مبررة ذلك بأن المادتين 9 و16 منها، مخالفة «لأحكام شرعية صريحة»، بالإضافة إلى انتقادات أخرى، تستند كلها إلى تأويل الحركة لمبادئ الإسلام…
لا نريد أن نناقش هنا مضمون رفض الحركة لهذه الاتفاقية، رغم أنه يستحق ذلك، لكننا نود التركيز على ازدواجية الخطاب، إذ في الوقت الذي يدعي فيه الشيخي أن حركته لا تخوض في قضايا القيم والهوية، تعمم نفس الحركة بيانا يرفض بروتوكولا اختياريا، معروضا في البرلمان، وتنطلق مما تعتبره ضربا للقيم والهوية الإسلامية. أليس في الأمر تناقض واضح؟
التفسير الكلاسيكي لهذا التناقض، أصبح معروفا لدى كل المهتمين بما سمي بتنظيمات الإسلام السياسي، والتي تتخذ «التقية» منهجا، حيث نجد زعماءها وأعضاءها، يقولون ما لا يفعلون. وهو منهج مشترك بين كل هذه الجماعات والتنظيمات، والتي يظل هدفها الأسمى، «أسلمة الدولة والمجتمع».
وفي إطار منهج «التقية»، يصرح الشيخي بما يفيد أن «حركة التوحيد والإصلاح»، ليست هي التنظيم الأم لحزب «العدالة والتنمية»، في الوقت الذي نعرف أن جل أعضاء وقياديي الحزب، هم أعضاء في الحركة الدعوية، التي تعتمد طريقة كل الحركات «الإخوانية»، من تراتبية وطاعة، وغيرها من الالتزامات المعروفة في مثل هذه التنظيمات.
ومما يدعو إلى التأمل العميق هي هذه الجملة، علنا نجد محللا كبيرا قادرا على تفسيرها، حيث يقول الشيخي «حركة التوحيد والإصلاح» وحزب «العدالة والتنمية» يشتغلان «بنوع من التمايز، بنفس التعاون والتشارك». هل فهمتم شيئا؟
ويضيف «إذا قدم حزب العدالة والتنمية منتخبون (الخطأ النحوي من «التجديد»، و ليس من «الاتحاد الاشتراكي») نزهاء نعرف أنهم يخدمون الإصلاح ويساهمون فيه، يمكن أن يشارك أعضاء الحركة في دعمهم في الحملة الانتخابية».
أليس هذا اعترافا واضحا بأن الحركة، التي تعلن أنها دعوية فقط، طرف أساسي في الانتخابات لصالح حزب العدالة والتنمية، ضاربة عرض الحائط بالقانون وبالدستور الذي يمنع تشكيل الأحزاب على أساس ديني؟