هكذا تعلق “أغلبية بنكيران” فشلها على شماعة “التحكم”

الأثنين 27 يونيو, 2016 10:24 هشام الطرشي
إحاطة -

بدعوة من شبيبة حزب العدالة والتنمية القائد للتحالف الحكومي، اجتمع أعتى صقور أحزاب من الأغلبية يتقدمهم العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية وحزب لا هو محسوب على الأغلبية ولا على المعارضة وهو حزب الاستقلال، ومن لا يمثل لا حزبا ولا خلفية سياسية بقدر ما يمثل توجها ينهل من اكتساب المزيد من العطايا والقرب من بزولة الريع التي أصبح حزب العدالة والتنمية حارسها الأمين، مثل البرلماني حسن طارق.

إلى الآن تبدو الأمور عادية ولا شيء يستدعي الوقوف عنده، فاللقاء خاص بالكتاب المجاليين لشبيبة الحزب الحاكم والمتدخلون قيادات في نفس الحزب أو رموز أحزاب أخرى. لكن ما يثير “الشفقة السياسية” على من حضر اللقاء وحاضر فيه، هو هذا التركيز الكبير وغير المبرر على تصريف أزمة حكومة بأكملها في اتجاه مواضيع لا تخدم القضايا الراهنة، مواضيع لا علاقة لها بالتنمية والاقتصاد والمديونية والبطالة، ولا بالصحة والتعليم والبحث العلمي والثقافة والرياضة، ولا حتى بالديبلوماسية والوحدة الترابية وورش الجهوية ومضمون الوثيقة الدستورية ولا غير هذا وذاك، في مقابل إجماعهم على تخصيص مضمون خطبهم العصماء لمحاربة ما أسموه تحكما وفسادا ودولة موازية..

وللوقوف على مجمل ما تم التطرق إليه خلال هذا اللقاء المبتور السياق والغريب المضمون الذي نظم بنكهة “التحكم”، من المهم أن نستشف العناصر المشتركة بين مجموع المداخلات، والتي لم تخرج عن سياق تهريب النقاش إلى خارج الأداء الحكومي والحصيلة التي راكمتها أول حكومة مشكلة على ضوء دستور فاتح يوليوز.

ففي الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة نقاشا عموميا غنيا ومكثفا حول حصيلة الحكومة في مختلف المجالات وما تم تحقيقه من التزامات تضمنها التصريح الحكومي، ذهب خالد البوقرعي، الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية، مثلا، إلى وصف حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والأصالة والمعاصرة بالبؤساء وبالكسالى، لا لشيء سوى لأنهما طالبا وزارة الداخلية بالكشف عن حقيقة جمع حزب العدالة والتنمية لحوالي 300 ألف نسخة لبطائق التعريف الوطنية لمواطنين قصد تسجيلهم في اللوائح الانتخابية، بالنيابة عنهم، وما يعنيه ذلك من استغلال للمعلومات الشخصية لكل هؤلاء الآلف من المواطنين في توجيه اختياراتهم الانتخابية.

حسن طارق النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي واللسان اليساري لحزب العدالة والتنمية لم يفوت فرصة حضوره لهذا اللقاء دون التذكير بأمنيته التي أعلن عنها في مناسبات سابقة وهي رغبته الجامحة في تصدر حزب العدالة والتنمية للانتخابات البرلمانية المقبلة، طبعا النائب البرلماني لا يحرص من خلال أمنيته التي لا يخفيها، على تعزيز المسار الديمقراطي للبلاد لكنه في الحقيقة أشد الحرص على مصالحه المعقدة والمتشعبة التي نسجها مع قيادات حزب العدالة والتنمية.

سعيد فكاك القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، استغل من جهته حضوره لهذه اللقاء ليبعث رسائل غزل لرئيس الحكومة، الماسك بكل خيوط التدبير العمومي، حفاظا منه على ذات المسار الذي اختاره أمينه العام محمد نبيل بنعبد الله، الذي لا يفوت فرصة دون التغزل برئيس الحكومة مقدما جميع الضمانات الممكنة وغير الممكنة ليبقى تحت جناحه لما في الأمر من استمرار القرب من بزولة الدولة وامتيازاتها التي لا يتوانى بنعبد الله ومن على شاكلته في الاصرار على تحصيلها..

أما عبد الله بوانو، رئيس الكتيبة النيابية لحزب العدالة والتنمية، فقد تحدث خلال مداخلته في كل شيء من نظرية المؤامرة والتحكم والابتزاز وتفويت الصلاحيات والحنين إلى زمن ما قبل دستور 2011 ومحاولات إفشال التجربة الحكومية والوقوف في وجه الإصلاح، إلى تنازع المصالح والسلطات، لكنه لم يتحدث مطلقا عن حصيلة أدائه على رأس الفريق النيابي ولا عن أداء القطاعات الحكومية ولا عن المؤشرات السلبية التي تضع المغرب في مراتب متأخرة جدا، ربما يرى أن الأمر لا يستحق كل هذا الاهتمام، مادام أن تركيزهم على وهم التحكم يفي بالغرض ويمكنهم من أصوات من يتلاعبون بعواطفهم كما عقولهم..

أصعب موقف يتمنى كل سياسي أن لا يوجد فيه هو هذا الذي جمع رموز من المؤلفة قلوبهم ممن يأكلون غلة التواجد في قلب مؤسسة الحكم أو القرب منها ويسبّون ملة الحكم والطرق التي يديرون بها جزءا معتبرا منه، حيث يجدون أنفسهم وهم المسؤولون بمنطوق الدستور وروحه أيضا عن تدبير الشأن العام، عاجزين عن تقديم حصيلة مشرفة أو حتى مبرِّرَة للفشل الذي راكموه طيلة السنوات الخمس، كيف لا وهم من كانوا منشغلين بتحصيل الامتيازات والتعويضات عن السفريات..

الطريق السهل في الممارسة السياسية هي تعليق الفشل على شماعة “الغير”، حتى لو كان، هذا “الغير، وهماً لا يوجد إلا في مخيلة هؤلاء “المؤلفة قلوبهم”، والإمعان في وصفه بكل الأوصاف والنعوت التي تنفِّر الناس منه، وهذا أقصى ما تجيد هذه الأطراف القيام به..