مغاربة أمريكا يحذرون من خطورة بيجيدي على مستقبل المغرب
السبت 10 سبتمبر, 2016 19:44 الحسين أغشان تحديث : 10 سبتمبر, 2016 19:44
إحاطة -
كل شي غامض ومبهم في خطاب الأسلاموية المغربية، ولا وضوح إلا في شعبوية بنكيران وأصحابه، وضوح في التفاهة وفي العنتريات والمزايدات، وضوح في المتاجرة بالدين واستغلاله بشكل مشين، استغلال يسيء للدين وللتاريخ وللهوية؛ استغلال يشي بالتطرف القادم والهيمنة المعهودة، هيمنة تتذرع بالمظلومية وتعتمد خطاب البكائية، وادعاء العرقلة من طرف جهات لا يسميها لا هو ولا أصحابه، جهات لا توجد إلا في أذهانهم على ما يبدو، جهات جعل منها الاسلاميون المغاربة شماعة يعلقون عليها فشلهم الذريع في تدبير الشأن العام، بعدما تقلدوا رئاسة الحكومة وحقائب وزارية وازنة؛ لكن هذه المسئولية كشفت حقيقة “الذئاب الملتحية” التي أجهزت على مكتسبات الشعب المغربي، وعممت اليأس من الغد المشرق ومن التقدم المأمول، وأتت كالجراد على المعيش اليومي للمغاربة، فتراجع الأمل في نفوس المواطنات والمواطنين، وحل محله الألم الذي تتجرع مررارته فئات عريضة من الطبقات الفقيرة والمقهورة، ألم لا يعرف مرارته غير المنسيين في أحياء الصفيح والدواوير النائية وأقاصي الجبال ممن يواجهون عوادي الزمن وقهر المتطلبات، يصارعون الموت بردا أو جوعا أو ظلما وغبنا بسبب اغتصاب حقهم في العيش الكريم، لأن حكومة الإسلامويين تركت معاناتهم جانبا ليتفرغوا لصراع الديكة وليتفرغوا لتجارة الدين والمعتقد، تجارة ينتظرون منها الهيمنة التامة والمطلقة، لعلهم يقضون على كل تعددية سياسية وعلى اختلاف الرأي، وتلكم هي العقلية الشمولية التي تهدد استقرار المغربية.
إن العدالة والتنمية قد أغرق الناس بالوعود التي لم يف بشيء منها أبدا، فتحول كبيرهم بنكيران إلى الوعيد والتهديد، ولسان حاله يقول: “نحن او الطوفان”، وأخرج فزاعة الاستقرار من تحت جلبابه العفن بالأكاذيب، وهو ما حذر منه حزب الأصالة والمعاصرة باستمرار، لأن الرجعية تبقى رجعية متخلفة، غايتها السيطرة، لا تؤمن بالديمقراطية حتى وإن ادعت ذلك، بل إنها تتخذ الديمقراطية مطية لبلوغ السلطة ثم تنقلب عليها وتجهز عليها وعلى الديمقراطيين، ثم تفرض تخلفها وماضويتها على الناس قهرا، لأن حلم الدولة الدينية لا يفارقها، وكيف يتم ذلك وهو جوهرها الذي قامت عليه عوارضها؟
إن نظرة سريعة لإنجازات حكومة بنكيران خلال خمس سنوات تجعل المرء يضرب أخماسا في أسداس، وتجعل عينيه تتشحان بالسواد من هول الكارثة، وخطورة القرارات التي تم اتخاذها، ضدا على الارادة الشعبية وعلى مصالح الطبقات الفقيرة والهشة، لعل أولها هو ما يسمى بإصلاح صندوق المقاصة، والذي كانت له آثار سلبية واضحة في الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية، ارتفاع قابله تجميد الزيادة في الأجور، وهو ما كانت نتائجه وخيمة على القدرة الشرائية للمواطن، مع ضرب الطبقة المتوسطة التي تعد صمام الأمان وأساس التوازن الاجتماعي والاقتصادي، باختصار نقول إن هذا الاصلاح المزعوم كان على حساب الفقراء المقهورين، وسحق الطبقة المتوسطة معمقا بذلك الفوارق الطبقية في المجتمع، مع إضافة جرعات اليأس في النفوس وارتفاع مستوى التشاؤم، وقد تبين الرفض الشعبي لهذه القرارات من خلال المواقف على وسائل التواصل، والاحتجاجات التي حققت أعلى نسبة في عهد حكومة بنكيران، إذ لا يخلو الشهر الواحد من عشرات الاحتجاجات، ناهيك عن سيل البيانات من التنظيمات والهيئات المختلفة. أما الفساد الذي تزعم الحكومة نصف الملتحية أنها تحاربه، فقد استتب له الأمر في عهدها، مستفيدا من سياسة “عفا الله عما سلف”، بل تبين أن قيادات العدالة والتنمية لها يد في منظومة الفساد وهدر المال العام أو التغاضي عن الصفقات المشبوهة، مع تجييش أتباعهم لتلوين الباطل والفساد بطلاء التقوى والزهد والاستقامة، وادعاء المقاومة لإصلاحهم المزعوم من الجن والحيوانات خصوصا فئة التماسيح والعفاريت. ولان “كل إناء بالذي به ينضح” كما يقول المثل العربي، فإن أواني العدالة والتنمية ظلت تنضح بخطاب النفاق والزيف، تسبح بيد وتذبح بأخرى، والدليل هو التراجع الخطير في الحريات الفردية وحرية التعبير، بتكميم أفواه الصحافيين بالمتابعات القضائية والتشريعات المتسلطة، وتسفيه كل من يشير إلى فسادهم وكذبهم بالبنان، أو كل من يقول كلمة حق في الاوضاع المزرية التي أوصلوا إليها هذا الوطن، مع قمع الاحتجاجات بشكل لم يشهد المغرب مثله من قبل، والصورة البانورامية عن ارتفاع مستوى القمع تأتيكم مما يحدث للمعطلين بشكل شبه يومي أمام البرلمان، ولا نحتاج الى تذكير أحد بالمجازر المرتكبة في حق الأساتذة المتدربين الذي صمدوا أمام جور المرسومين المشئومين الساعين الى القضاء على المدرسة العمومية، وقد أهدرت الحكومة زمنا ضخما من التكوين، وعبرت عن الافلاس الاخلاقي والتدبيري في طريقة تعاملها مع الاساتذة المتدربين، وأبانت عن عجزها التام في إدارة ملفات صغيرة، كان بالامكان تجاوزها بالحوار البناء، لكنها فضلت التعنت والقسم بأغلظ الأيمان من طرف بنكيران، في الوقت الذي وصلت فيه المنظومة التعليمية المغربية ككل إلى ماتحت الحضيض في عهده، فكيف يعقل أن يصل عدد التلاميذ إلى سبعين في الحجرة الواحدة، ناهيكم عن الخصاص المهول في الاطر والمدرسين، وعقم البرامج التعليمية، والنتيجة ضياع الاجيال الصاعدة تباعا، في غياب رؤية إصلاحية حقيقية وليس سياسة ترقيعية تجهز على ما تبقى من المنظومة التعليمية المغربية التي فقدت بريقها الذي عرفت به في السابق، وباتت المنظمات الدولية تصنفنا في ذيل الترتيب مع دول كنا نعتبرها حتى الأمس متخلفة جدا مقارنة معنا، ولا تملك من الامكانيات والثروات الطبيعية والاقتصادية ما نملكه.
لقد كان ملف التقاعد هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير وبينت عن النوايا الخبيثة لحكومة بنكيران، لأنها عادت من جديد إلى الطبقة العاملة الفقيرة لتعالج منها مخلفات الفساد، بدل معالجة حقيقية بعيدا عن جيوب البسطاء وأعمارهم، وهذا ما يهدد الاستقرار فعلا وليس ما يزعمه رئيس العدالة والتنمية الذي يتوهم أن حزبه هو ضمانة الاستقرار، لان المغاربة يعرفون جميعا أن ضامن الوحدة والاستقرار هو المؤسسة الملكية التي يلتف عليها الجميع، هذه المؤسسة التي لم تسلم بدورها من الخرجات المجنونة لبنكيران، فأقحمها في صراعه الايديولوجي مع الخصوم، ولم يفها حقها من التقدير والاحترام، وذلك بعدما أقحم الدين في الصراع مع شيطنة المختلف، ليتحول المعارض عندهم إلى معارض لإرادة الله، إذ لم يفتأ يدعي هو وأتباعه أن الله معهم يساندهم، وأن حكومته مباركة من السماء، وهذا كله رجم بالغيب وادعاء على رب العالمين، يخالف العقيدة الاسلامية السمحة والمتسامحة، والتي تعتبر العمل والاجتهاد واجب الانسان كائنا من كان، أما الثواب والقبول فمن الله ولا يعلمه إلا هو، وهذا بالضبط منطق فرعون الذي نقل عنه القرآن الكريم قوله: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾، وهو منطق أحادي متكبر حرمه الله ولا يقبله العقل السليم، وفيه التجني على المقدسات واستغلال مقيت لدين الله تعالى، الذي يدين به المغاربة أجمعين وهم فيه متساوين ولا يقبلون أن يدعي أحد امتلاكه الفهم الصحيح دون غيره، ويثقون في إمارة المؤمنين باعتبارها المؤسسة المسئولة عن أمنهم الروحي وعن إرشادهم الديني، بعيدا عن الغلو والتطرف والأهواء الإيديولوجية والسلطوية والاستغلال الانتخابوي المغرض لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إننا نحن باعتبارنا جالية مغربية في الخارج نعرف حق المعرفة ما آلت إليه أوضاع المهاجرين، حيث لم تقدم الحكومة أي شيء يذكر من أجل هذه الفئة من المواطنين التي تسهم بقوة في الانتاج الوطني، وفي التسويق للمنتج السياحي المغربي، والدفاع عن وحدته الترابية، والدليل هو ما آلت إليه أوضاع السفارات والقنصليات، وتعقد الاجراءات المتعلقة بمختلف القضايا التي تهم المهاجر المغربي، وهو ما ازدادت الشكاوي حوله في الآونة الأخيرة، لكن أسمعت لو ناديت حيا، فالحكومة التي فشلت في كل شيء لكم يكن منتظرا منها نجاحا في قضية المهاجرين التي تعتبرها في مؤخرة اهتماماتها، كيف ذلك وقد فشلت حتى في الدبلوماسية المتعلقة بقضية الوحدة الترابية، ولا تتحرك إلا متأخرة كما هو الحال في المشكلة مع السويد أو مع بعض الدول في أمريكا الجنوبية.
إن الغموض وخبط العشواء هو الصفة المميزة لحكومة بنكيران، والفشل هو عنوانها العريض، لأنها لم تعتمد برنامجا حقيقيا بقدر ما أسست تموقعها على عداء الحزب الأغلبي للمختلف وتسفيه المعارضة كما قلنا آنفا، بعيدا عن منطق التدافع السياسي والمنافسة الشريفة.
مقابل ذلك، وقف حزب الأصالة المعاصرة سدا منيعا أما هذه الهيمنة البغيضة، وهذا الاستغلال المغرض للدين والمتاجرة به، وهو ما عرضه للتسفيه والاتهامات الكاذبة بالتحكم، وغيرها من الافتراءات، والسبب الحقيقي هو كون الاصالة والمعاصرة حزب واضح الرؤية والبرنامج، حزب منسجم مع ذاته ومع تصوراته، يتموقع في الحاضر من خلال الاستيعاب العميق للواقع والارتباط بالحداثة كفضاء إنساني وكوني بكل إنتاجاتها الفكرية والعلمية والتقنية باعتبارها ملكا مشتركا للبشرية جمعاء، ويرفض انفصال المجتمع المغربي عن راهنه والارتماء في أحضان ماضوية رجعية لا يقبل المنطق والعقل، وتقود الانسان إلى هاوية التردي والتخلف، كما يستشرف المستقبل من خلال التخطيط الجيد والاعتماد على مقاربة علمية بدل الخرافة والزيف، فحزب الاصالة والمعاصرة ينظر الى الحاضر بأعين حاضرة مفتوحة وليس بأعين مغمضة أو عمشاء، ويعرف بأي منظار يتطلع إلى الحاضر، وفوق كل هذا وهذاك لا ينسى التاريخ والهوية والمقومات المغربية الاسلامية والعربية الامازيغية والافريقية، حيث الاصالة وحيث التميز وحيث المعلم الذي الذي يشد ماضيه بحاضره، تلكم المقومات المغربية التي عرفت تاريخا مجيدا مفعما بالتسامح وبالرقي والازدهار، بالتسامح والانسانية، بعيدا عن التعصب والتطرف وجاهلية الاقصاء وبشاعة التبعية العمياء لكل شاردة وواردة من الشرق أو من الغرب.
إن حزب الأصالة والمعاصرة عرفناه مغربيا حقيقيا، يحمل كل معاني “تمغربيت” لا شرقي الهوى ولا غربي الميول، بل وسطي الرؤية والنزعة، يعزل السياسة عن الدين، لأنه مقتنع بكل بساطة أن الدين لله تتكفل به إمارة المؤمنين، والوطن للجميع، هذا الوطن الذي من أجله وجد العمل السياسي، مجال الاختلاف والتعددية بما تقتضيه الأعراف الديمقراطية وقيم العدالة وحقوق الانسان، فحزب الأصالة والمعاصرة يعرف أنه حزب المغاربة جميعا دون استثناء، يشد المغاربة الى حاضرهم والى هويتهم ومن أجل مستقبلهم، ويرفض العمل الحزبي لبعض التوجهات السياسية الاخرى التي تخدم أجندات إخوانوية عالمية غايتها تذويب الوطنية المغربية في لجج الطموحات الزائفة بخلافة اسلامية أو دولة دينية، يعرف الجميع أن حقيقتها هي التسلط على رقاب الناس واستغلالهم باسم الدين. من أجل ذلك نقول إن حزب الأصالة والمعاصرة يبقى حزبا حاملا للأمل في المستقبل من أجل وطن أفضل من أجل المغرب الأجمل لمواطن يستحق التمتع بحقوقه والاستفادة من خيرات بلاده، من أجل مواطن مغربي كان ومازال يفتخر بمغربيته، وكذلك سيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
إن العدالة والتنمية قد أغرق الناس بالوعود التي لم يف بشيء منها أبدا، فتحول كبيرهم بنكيران إلى الوعيد والتهديد، ولسان حاله يقول: “نحن او الطوفان”، وأخرج فزاعة الاستقرار من تحت جلبابه العفن بالأكاذيب، وهو ما حذر منه حزب الأصالة والمعاصرة باستمرار، لأن الرجعية تبقى رجعية متخلفة، غايتها السيطرة، لا تؤمن بالديمقراطية حتى وإن ادعت ذلك، بل إنها تتخذ الديمقراطية مطية لبلوغ السلطة ثم تنقلب عليها وتجهز عليها وعلى الديمقراطيين، ثم تفرض تخلفها وماضويتها على الناس قهرا، لأن حلم الدولة الدينية لا يفارقها، وكيف يتم ذلك وهو جوهرها الذي قامت عليه عوارضها؟
إن نظرة سريعة لإنجازات حكومة بنكيران خلال خمس سنوات تجعل المرء يضرب أخماسا في أسداس، وتجعل عينيه تتشحان بالسواد من هول الكارثة، وخطورة القرارات التي تم اتخاذها، ضدا على الارادة الشعبية وعلى مصالح الطبقات الفقيرة والهشة، لعل أولها هو ما يسمى بإصلاح صندوق المقاصة، والذي كانت له آثار سلبية واضحة في الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية، ارتفاع قابله تجميد الزيادة في الأجور، وهو ما كانت نتائجه وخيمة على القدرة الشرائية للمواطن، مع ضرب الطبقة المتوسطة التي تعد صمام الأمان وأساس التوازن الاجتماعي والاقتصادي، باختصار نقول إن هذا الاصلاح المزعوم كان على حساب الفقراء المقهورين، وسحق الطبقة المتوسطة معمقا بذلك الفوارق الطبقية في المجتمع، مع إضافة جرعات اليأس في النفوس وارتفاع مستوى التشاؤم، وقد تبين الرفض الشعبي لهذه القرارات من خلال المواقف على وسائل التواصل، والاحتجاجات التي حققت أعلى نسبة في عهد حكومة بنكيران، إذ لا يخلو الشهر الواحد من عشرات الاحتجاجات، ناهيك عن سيل البيانات من التنظيمات والهيئات المختلفة. أما الفساد الذي تزعم الحكومة نصف الملتحية أنها تحاربه، فقد استتب له الأمر في عهدها، مستفيدا من سياسة “عفا الله عما سلف”، بل تبين أن قيادات العدالة والتنمية لها يد في منظومة الفساد وهدر المال العام أو التغاضي عن الصفقات المشبوهة، مع تجييش أتباعهم لتلوين الباطل والفساد بطلاء التقوى والزهد والاستقامة، وادعاء المقاومة لإصلاحهم المزعوم من الجن والحيوانات خصوصا فئة التماسيح والعفاريت. ولان “كل إناء بالذي به ينضح” كما يقول المثل العربي، فإن أواني العدالة والتنمية ظلت تنضح بخطاب النفاق والزيف، تسبح بيد وتذبح بأخرى، والدليل هو التراجع الخطير في الحريات الفردية وحرية التعبير، بتكميم أفواه الصحافيين بالمتابعات القضائية والتشريعات المتسلطة، وتسفيه كل من يشير إلى فسادهم وكذبهم بالبنان، أو كل من يقول كلمة حق في الاوضاع المزرية التي أوصلوا إليها هذا الوطن، مع قمع الاحتجاجات بشكل لم يشهد المغرب مثله من قبل، والصورة البانورامية عن ارتفاع مستوى القمع تأتيكم مما يحدث للمعطلين بشكل شبه يومي أمام البرلمان، ولا نحتاج الى تذكير أحد بالمجازر المرتكبة في حق الأساتذة المتدربين الذي صمدوا أمام جور المرسومين المشئومين الساعين الى القضاء على المدرسة العمومية، وقد أهدرت الحكومة زمنا ضخما من التكوين، وعبرت عن الافلاس الاخلاقي والتدبيري في طريقة تعاملها مع الاساتذة المتدربين، وأبانت عن عجزها التام في إدارة ملفات صغيرة، كان بالامكان تجاوزها بالحوار البناء، لكنها فضلت التعنت والقسم بأغلظ الأيمان من طرف بنكيران، في الوقت الذي وصلت فيه المنظومة التعليمية المغربية ككل إلى ماتحت الحضيض في عهده، فكيف يعقل أن يصل عدد التلاميذ إلى سبعين في الحجرة الواحدة، ناهيكم عن الخصاص المهول في الاطر والمدرسين، وعقم البرامج التعليمية، والنتيجة ضياع الاجيال الصاعدة تباعا، في غياب رؤية إصلاحية حقيقية وليس سياسة ترقيعية تجهز على ما تبقى من المنظومة التعليمية المغربية التي فقدت بريقها الذي عرفت به في السابق، وباتت المنظمات الدولية تصنفنا في ذيل الترتيب مع دول كنا نعتبرها حتى الأمس متخلفة جدا مقارنة معنا، ولا تملك من الامكانيات والثروات الطبيعية والاقتصادية ما نملكه.
لقد كان ملف التقاعد هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير وبينت عن النوايا الخبيثة لحكومة بنكيران، لأنها عادت من جديد إلى الطبقة العاملة الفقيرة لتعالج منها مخلفات الفساد، بدل معالجة حقيقية بعيدا عن جيوب البسطاء وأعمارهم، وهذا ما يهدد الاستقرار فعلا وليس ما يزعمه رئيس العدالة والتنمية الذي يتوهم أن حزبه هو ضمانة الاستقرار، لان المغاربة يعرفون جميعا أن ضامن الوحدة والاستقرار هو المؤسسة الملكية التي يلتف عليها الجميع، هذه المؤسسة التي لم تسلم بدورها من الخرجات المجنونة لبنكيران، فأقحمها في صراعه الايديولوجي مع الخصوم، ولم يفها حقها من التقدير والاحترام، وذلك بعدما أقحم الدين في الصراع مع شيطنة المختلف، ليتحول المعارض عندهم إلى معارض لإرادة الله، إذ لم يفتأ يدعي هو وأتباعه أن الله معهم يساندهم، وأن حكومته مباركة من السماء، وهذا كله رجم بالغيب وادعاء على رب العالمين، يخالف العقيدة الاسلامية السمحة والمتسامحة، والتي تعتبر العمل والاجتهاد واجب الانسان كائنا من كان، أما الثواب والقبول فمن الله ولا يعلمه إلا هو، وهذا بالضبط منطق فرعون الذي نقل عنه القرآن الكريم قوله: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾، وهو منطق أحادي متكبر حرمه الله ولا يقبله العقل السليم، وفيه التجني على المقدسات واستغلال مقيت لدين الله تعالى، الذي يدين به المغاربة أجمعين وهم فيه متساوين ولا يقبلون أن يدعي أحد امتلاكه الفهم الصحيح دون غيره، ويثقون في إمارة المؤمنين باعتبارها المؤسسة المسئولة عن أمنهم الروحي وعن إرشادهم الديني، بعيدا عن الغلو والتطرف والأهواء الإيديولوجية والسلطوية والاستغلال الانتخابوي المغرض لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إننا نحن باعتبارنا جالية مغربية في الخارج نعرف حق المعرفة ما آلت إليه أوضاع المهاجرين، حيث لم تقدم الحكومة أي شيء يذكر من أجل هذه الفئة من المواطنين التي تسهم بقوة في الانتاج الوطني، وفي التسويق للمنتج السياحي المغربي، والدفاع عن وحدته الترابية، والدليل هو ما آلت إليه أوضاع السفارات والقنصليات، وتعقد الاجراءات المتعلقة بمختلف القضايا التي تهم المهاجر المغربي، وهو ما ازدادت الشكاوي حوله في الآونة الأخيرة، لكن أسمعت لو ناديت حيا، فالحكومة التي فشلت في كل شيء لكم يكن منتظرا منها نجاحا في قضية المهاجرين التي تعتبرها في مؤخرة اهتماماتها، كيف ذلك وقد فشلت حتى في الدبلوماسية المتعلقة بقضية الوحدة الترابية، ولا تتحرك إلا متأخرة كما هو الحال في المشكلة مع السويد أو مع بعض الدول في أمريكا الجنوبية.
إن الغموض وخبط العشواء هو الصفة المميزة لحكومة بنكيران، والفشل هو عنوانها العريض، لأنها لم تعتمد برنامجا حقيقيا بقدر ما أسست تموقعها على عداء الحزب الأغلبي للمختلف وتسفيه المعارضة كما قلنا آنفا، بعيدا عن منطق التدافع السياسي والمنافسة الشريفة.
مقابل ذلك، وقف حزب الأصالة المعاصرة سدا منيعا أما هذه الهيمنة البغيضة، وهذا الاستغلال المغرض للدين والمتاجرة به، وهو ما عرضه للتسفيه والاتهامات الكاذبة بالتحكم، وغيرها من الافتراءات، والسبب الحقيقي هو كون الاصالة والمعاصرة حزب واضح الرؤية والبرنامج، حزب منسجم مع ذاته ومع تصوراته، يتموقع في الحاضر من خلال الاستيعاب العميق للواقع والارتباط بالحداثة كفضاء إنساني وكوني بكل إنتاجاتها الفكرية والعلمية والتقنية باعتبارها ملكا مشتركا للبشرية جمعاء، ويرفض انفصال المجتمع المغربي عن راهنه والارتماء في أحضان ماضوية رجعية لا يقبل المنطق والعقل، وتقود الانسان إلى هاوية التردي والتخلف، كما يستشرف المستقبل من خلال التخطيط الجيد والاعتماد على مقاربة علمية بدل الخرافة والزيف، فحزب الاصالة والمعاصرة ينظر الى الحاضر بأعين حاضرة مفتوحة وليس بأعين مغمضة أو عمشاء، ويعرف بأي منظار يتطلع إلى الحاضر، وفوق كل هذا وهذاك لا ينسى التاريخ والهوية والمقومات المغربية الاسلامية والعربية الامازيغية والافريقية، حيث الاصالة وحيث التميز وحيث المعلم الذي الذي يشد ماضيه بحاضره، تلكم المقومات المغربية التي عرفت تاريخا مجيدا مفعما بالتسامح وبالرقي والازدهار، بالتسامح والانسانية، بعيدا عن التعصب والتطرف وجاهلية الاقصاء وبشاعة التبعية العمياء لكل شاردة وواردة من الشرق أو من الغرب.
إن حزب الأصالة والمعاصرة عرفناه مغربيا حقيقيا، يحمل كل معاني “تمغربيت” لا شرقي الهوى ولا غربي الميول، بل وسطي الرؤية والنزعة، يعزل السياسة عن الدين، لأنه مقتنع بكل بساطة أن الدين لله تتكفل به إمارة المؤمنين، والوطن للجميع، هذا الوطن الذي من أجله وجد العمل السياسي، مجال الاختلاف والتعددية بما تقتضيه الأعراف الديمقراطية وقيم العدالة وحقوق الانسان، فحزب الأصالة والمعاصرة يعرف أنه حزب المغاربة جميعا دون استثناء، يشد المغاربة الى حاضرهم والى هويتهم ومن أجل مستقبلهم، ويرفض العمل الحزبي لبعض التوجهات السياسية الاخرى التي تخدم أجندات إخوانوية عالمية غايتها تذويب الوطنية المغربية في لجج الطموحات الزائفة بخلافة اسلامية أو دولة دينية، يعرف الجميع أن حقيقتها هي التسلط على رقاب الناس واستغلالهم باسم الدين. من أجل ذلك نقول إن حزب الأصالة والمعاصرة يبقى حزبا حاملا للأمل في المستقبل من أجل وطن أفضل من أجل المغرب الأجمل لمواطن يستحق التمتع بحقوقه والاستفادة من خيرات بلاده، من أجل مواطن مغربي كان ومازال يفتخر بمغربيته، وكذلك سيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
رئيس الجمعية الأمريكية للتضامن
رئيس تنسيقية مغاربة العالم للدفاع عن الوحدة الوطنية
مقيم بولاية فلوريدا