موسم بوناخب

الثلاثاء 25 أغسطس, 2015 14:21 عبدالاله سخير تحديث : 25 أغسطس, 2015 14:23
إحاطة -

الانتخابات طريقة للتداول على تدبير الشأن العام بشكل حضاري، وليست وسيلة لفرض هيمنة هذا اللون السياسي أو ذاك. لكن على أرض الواقع، ما تم تكريسه على مدى عقود من ممارسة هذا السلوك الحضاري جعلت الغالبية تتبنى بلا وعي شعار إخوتنا اللبنانيين ” طلعت ريحتكم” في وجه كافة المكونات السياسية.

الجميع مسؤول عن ما وصلت إليه اللحظة الانتخابية ببلادنا، بدون استثناء، ومن يتعالى على هذا الواقع، فهو لا محالة يريد حجب الشمس بالغربال.

على مستوى الأحزاب السياسية، فهي لم تطور من أدائها السياسي، وتوقف زمن ابتكارها للأفكار والمشاريع، وتجتر من رصيدها الذي نفذ منذ زمان.

غدت كل الأحزاب، وكأنها نسخة طبق الأصل من بعضها البعض، في طريقة التواصل والخطاب، والبرامج، والمشاريع، بل حتى التنظيم الداخلي.

منذ عقود لم يتقدم أي حزب بفكرة جديدة للمواطن يمكن أن تغريه، وتفتح أمامه باب الأمل في تغيير منشود.

للأسف احزابنا المغربية، ليست مشتلا لصناعة النخب والكفاءات في كافة المجالات، بعد ان صارت مجرد وسيلة للرقي الاجتماعي وتسلق الطبقات والجلوس إلى جانب المحظوظين.

أحزابنا، برنامجها الوحيد الذي تجيده، هو لوك الكلام الذي يحبه المستمعون، ان كان الإيقاع هو الرفض والمعارضة فهي تتغزل بكلمات المعارضة، وان كان الموقف يقتضي الاعتدال والوسطية، فهي تتبنى الخطاب الرسمي للدولة.

على مستوى الفاعلين والمثقفين، فهم ألفوا دور، المرشد والأستاذ، بدون بدل جهد لمعرفة المتغيرات، التي تطرأ في عالمنا المتحول، والتحديات التي تستجد يوما بعد يوم.

نخبنا المثقفة، الفت لوك الكلام، وصياغة التعابير، وإلقاء اللوم والمسؤولية على الآخرين، ونسيت ان تطلع بمهمتها الاساسية في انتاج الافكار، وتجميع ما تفرق في ذهن الناس، وجمعهم على كلمة سواء.

أما على صعيد المجتمع ، فهو غارق في استهلاك، كل ما يقدم اليه بدون وعي، وغير مدرك لما يساق اليه اهو جنة ام نار.

وعلى مستوى الدولة فهي، اكتفت بمجاراة التدبير اليومي للمشاكل، ونسيت الاضطلاع بدورها الاستراتجي في تامين أمثل لمستقبل المغاربة، والذي من بينه التدبير الجيد للزمن الانتخابي، طالما أن اللحظة الانتخابية هي تداول سلسل على تدبير الشأن العام.

شعار اخوتنا اللبنانيين في مواجهة قواهم المتحكمة في مصائرهم، الذي عبروا عنه في جملة قصيرة” طلعت ريحتكم”، ينطبق تماما على نخبتنا السياسية التي تتحكم في مصائرنا، ولا تحترم عقولنا، وتقدمنا لنا وصفات بائتة، أصابها العفن.

وصارت اللحظة الانتخابية لدى معظم الأحزاب المتنافسة مجرد موسم يطلق عليها مجازا موسم بوناخب.