صحبي: الخطاب الملكي دعوة للالتزام والمسؤولية في تدبير الشؤون العامة
قال حسن صحبي، رئيس جامعة مولاي اسماعيل بمكناس، إن خطاب الملك محمد السادس الموجه ليل الإثنين للأمة بمناسبة الذكرى ال20 لتربع جلالته على العرش هو دعوة للالتزام والمسؤولية في تدبير الشؤون العامة وللتفاعل مع انشغالات المواطنين.
وقال صحبي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الملك أكد في خطابه، في هذا السياق، على الحاجة إلى اعتماد جيل جديد من الإصلاحات تكون مستندة على الكفاءة والاستحقاق، مع التركيز على تحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وأضاف أنه وفقا لهذا المنظور دعا الملك الحكومة للبدء في إعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبيرة المتماسكة، والتي من شأنها أن تشكل دعامة قوية لهذا النموذج التنموي الجديد، وذلك بهدف تمكين المملكة من دخول نادي الدول المتقدمة.
كما أشار صحبي إلى أن الخطاب الملكي أكد على الإجماع الوطني الذي يجمع المغاربة حول الثوابت المقدسة للأمة، بما في ذلك الملكية الوطنية والمواطنة، والسعي الحازم لمواصلة توطيد الديمقراطية وإنجاح مخططات التنمية والإصلاحات العميقة التي شرع فيها، علاوة على المصالحة الناجحة والمشاريع الهيكلية الكبرى.
كما تناول الدلالة الكبيرة لتأكيد جلالة الملك على التزام المغرب الصادق بإبقاء اليد الممدودة في اتجاه الإخوة في الجزائر.
وجدد الملك في خطابه التأكيد على التزام المغرب الصادق، بنهج اليد الممدودة، تجاه الأشقاء في الجزائر، وفاء منه لروابط الأخوة، التي تجمع الشعبين الشقيقين.
وقال الملك محمد السادس “نؤكد مجددا التزامنا الصادق، بنهج اليد الممدودة، تجاه أشقائنا في الجزائر، وفاء منا لروابط الأخوة والدين واللغة وحسن الجوار، التي تجمع، على الدوام، شعبينا الشقيقين”.
وأضاف الملك أن هذه الروابط “تجسدت مؤخرا، في مظاهر الحماس والتعاطف، التي عبر عنها المغاربة، ملكا وشعبا، بصدق وتلقائية، دعما للمنتخب الجزائري، خلال كأس إفريقيا للأمم بمصر الشقيقة؛ ومشاطرتهم للشعب الجزائري، مشاعر الفخر و الاعتزاز، بالتتويج المستحق بها؛ وكأنه بمثابة فوز للمغرب أيضا”.
آراء مغاربة العالم حول أهم المنجزات خلال عِقدين من حكم محمد السادس
الملك: أتألم شخصيا ما دامت فئة من المغاربة لا زالت تعاني الفقر والحرمان المادي
أكد الملك محمد السادس أن جلالته يتألم شخصيا ما دامت فئة من المغاربة لا زالت تعاني الفقر والحرمان المادي، رغم المنجزات والتقدم المحرز على عدة مستويات.
وقال الملك في خطاب وجهه اليوم الإثنين إلى الأمة بمناسبة الذكرى العشرين لتربعه على عرش أسلافه المنعمين “يعلم الله أنني أتألم شخصيا، ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المائة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة”.
وأكد الملك أنه لن يهدأ له بال، حتى تتم معالجة كل المعيقات، وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التنموية والاجتماعية، مبرزا الأهمية الخاصة التي تم إيلاؤها لبرامج التنمية البشرية، وللنهوض بالسياسات الاجتماعية من أجل التجاوب مع الانشغالات الملحة للمغاربة.
وأوضح الملك محمد السادس أن هذا الهدف يفرض توفر النظرة الشمولية، ووجود الكفاءات المؤهلة، والشروط اللازمة لإنجاز المشاريع المبرمجة، مثمنا جلالته النقلة النوعية المحققة على مستوى البنيات التحتية: الطرق السيارة، القطار فائق السرعة، الموانئ الكبرى بالإضافة إلى الطاقات المتجددة وتأهيل المدن والمجال الحضري.
كما قال الملك “لقد قطعنا خطوات مشهودة في مسار ترسيخ الحقوق والحريات وتوطيد الممارسة الديمقراطية السليمة”، مضيفا أن “البنيات التحتية والإصلاحات المؤسسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها”.
وبالنسبة للملك فإنه من منطلق الوضوح والموضوعية فإن ما يؤثر على هذه الحصيلة الإيجابية هو أن آثار هذا التقدم وهذه المنجزات لم تشمل بما يكفي مع الأسف جميع فئات المجتمع المغربي.
وأضاف الملك محمد السادس أن بعض المواطنين، قد لا يلمسون مباشرة تأثير هذه المنجزات في تحسين ظروف عيشهم وتلبية حاجياتهم اليومية، خاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى
الملك: الملكية الوطنية والمواطنة واحد من الخيارات الكبرى للبلاد
أكد الملك محمد السادس، في الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى العشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، أن الملكية الوطنية والمواطنة تشكل أحد الخيارات الكبرى للبلاد.
وشدد الملك محمد السادس على الإجماع الوطني، الذي يوحد المغاربة، حول ثوابت الأمة ومقدساتها، والخيارات الكبرى للبلاد، وأولها “الملكية الوطنية والمواطنة، التي تعتمد القرب من المواطن، وتتبنى انشغالاته وتطلعاته، وتعمل على التجاوب معها”، مبرزا الوحدة والتلاحم، والبيعة المتبادلة بين العرش والشعب، وروابط المحبة والوفاء بين جلالته وشعبه، والتي لا تزيدها السنوات إلا قوة ورسوخا.
كما أكد الملك محمد السادس، في هذا السياق، أن شغل جلالته الشاغل هو ضمان أن ينعم جميع المغاربة، أينما كانوا، وعلى قدم المساواة، بالعيش الحر الكريم، مضيفا أن ثاني الخيارات الكبرى للبلاد يتمثل في مواصلة الخيار الديمقراطي والتنموي بعزم وثبات.
وأبرز الملك محمد السادس أيضا الإصلاحات العميقة التي أقدمت عليها المملكة، والمصالحات التي تحققت، والمشاريع الكبرى التي أنجزت، مؤكدا أنه “بفضل كل ذلك، تمكنا والحمد لله، من مواصلة مسيرة بناء المغرب الحديث، ومن تجاوز الصعوبات، التي اعترضت مسارنا”.
وأعرب الملك محمد السادس عن ارتياحه للنجاح التي لاقته مبادرات ومساعي جلالته الرامية إلى خدمة الشعب والوطن، مشيرا إلى أنه “صحيح أننا لم نتمكن أحيانا، من تحقيق كل ما نطمح إليه. ولكننا اليوم، أكثر عزما على مواصلة الجهود، وترصيد المكتسبات، واستكمال مسيرة الإصلاح، وتقويم الاختلالات، التي أبانت عنها التجربة”.
قرار ملكي بإحداث لجنة خاصة بالنموذج التنموي
قرر الملك محمد السادس إحداث اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التي سيقوم بتنصيبها في الدخول المقبل.
وأوضح جلالة الملك، في الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى العشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، أن تركيبة هذه اللجنة ستشمل مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص.
وقال جلالة الملك “لقد أبان نموذجنا التنموي، خلال السنوات الأخيرة، عن عدم قدرته على تلبية الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين، وعلى الحد من الفوارق الاجتماعية، ومن التفاوتات المجالية. وهو ما دفعنا للدعوة لمراجعته وتحيينه”.
وأضاف جلالة الملك “إنني في الحقيقة، لا أميل شخصيا لإحداث اللجان الخاصة؛ لأنها أحسن طريقة لدى البعض، لدفن ا لملفات والمشاكل”، مشيرا إلى أن جلالته بادر لإحداثها في بعض القضايا، ذات البعد الوطني. وقال جلالة الملك، في هذا الصدد، “لقد حرصنا شخصيا على متابعة أشغالها؛ فكانت نتائجها إيجابية وبناءة”.
وأبرز جلالة الملك أن تركيبة هذه اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ستشمل “مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا”.
وأكد جلالة الملك أن هذه اللجنة “لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية؛ وإنما هي هيأة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن”.
وأضاف جلالته أنه على هذه اللجنة “أن تأخذ بعين الاعتبار التوجهات الكبرى للإصلاحات التي تم أو سيتم اعتمادها في عدد من القطاعات، كالتعليم والصحة والفلاحة والاستثمار والنظام الضريبي؛ وأن تقدم اقتراحات بشأن تجويدها والرفع من نجاعتها”.
وأكد جلالة الملك أنه يتعين على هذه اللجنة أن تباشر عملها بكل “تجرد وموضوعية”، وأن ترفع لجلالته “الحقيقة، ولو كانت قاسية أو مؤلمة، وأن تتحلى بالشجاعة والابتكار في اقتراح الحلول”.
كما أكد جلالة الملك على ضرورة “التحلي بالحزم والإقدام، وبروح المسؤولية العالية، في تنفيذ الخلاصات والتوصيات الوجيهة، التي سيتم اعتمادها، ولو كانت صعبة أو مكلفة”.
عيد العرش .. نص الخطاب الملكي
بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى العشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، على عرش أسلافه المنعمين، وجه جلالته، مساء اليوم الاثنين، خطابا ساميا إلى الأمة.
وفي ما يلي النص الكامل للخطاب الملكي السامي:
” الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز،
لقد مرت عشرون سنة، منذ أن حملني الله أمانة قيادتك. وهي أمانة عظيمة، ومسؤولية جسيمة.
وقد عاهدتك، وعاهدت الله تعالى، على أن أعمل صادقا على أدائها.
ويشهد الله أنني لم ولن أدخر أي جهد، في سبيل الدفاع عن مصالحك العليا، وقضاياك العادلة.
كما يشهد الله أنني جعلت من خدمتك شغلي الشاغل، حتى ينعم جميع المغاربة، أينما كانوا، وعلى قدم المساواة، بالعيش الحر الكريم.
وإننا نحمده سبحانه، على ما من علينا به ، من نعمة الوحدة والتلاحم، والبيعة المتبادلة بين العرش والشعب، وروابط المحبة والوفاء بيني وبينك، والتي لا تزيدها السنوات إلا قوة ورسوخا.
كما نحمده على الإجماع الوطني، الذي يوحد المغاربة، حول ثوابت الأمة ومقدساتها، والخيارات الكبرى للبلاد:
– وأولها : الملكية الوطنية والمواطنة، التي تعتمد القرب من المواطن، وتتبنى انشغالاته وتطلعاته، وتعمل على التجاوب معها؛
– وثانيها : الخيار الديمقراطي والتنموي، الذي نقوده بعزم وثبات.
– وثالثها : الإصلاحات العميقة، التي أقدمنا عليها، والمصالحات التي حققناها، والمشاريع الكبرى التي أنجزناها؛
وبفضل كل ذلك، تمكنا والحمد لله، من مواصلة مسيرة بناء المغرب الحديث، ومن تجاوز الصعوبات، التي اعترضت مسارنا.
كما نشكره تعالى، على ما خصنا به من توفيق وسداد ، في مبادراتنا ومساعينا، في سبيل خدمة شعبنا ووطننا.
صحيح أننا لم نتمكن أحيانا، من تحقيق كل ما نطمح إليه. ولكننا اليوم، أكثر عزما على مواصلة الجهود، وترصيد المكتسبات، واستكمال مسيرة الإصلاح، وتقويم الاختلالات، التي أبانت عنها التجربة.
شعبي العزيز،
لقد أنجزنا نقلة نوعية، على مستو ى البنيات التحتية، سواء تعلق الأمر بالطرق السيارة، والقطار فائق السرعة ، والموانئ الكبرى، أو في مجال الطاقات المتجددة، وتأهيل المدن والمجال الحضري.
كما قطعنا خطوات مشهودة، في مسار ترسيخ الحقوق والحريات، وتوطيد الممارسة الديمقراطية السليمة.
إلا أننا ندرك بأن البنيات التحتية، والإصلاحات المؤ سسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها.
ومن منطلق الوضوح والموضوعية، فإن ما يؤثر على هذه الحصيلة الإيجابية، هو أن آثار هذا التقدم وهذه المنجزات، لم تشمل، بما يكفي، مع الأسف، جميع فئات المجتمع المغربي.
ذلك أن بعض المواطنين قد لا يلمسون مباشرة، تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم، وتلبية حاجياتهم اليومية، خاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق ا لاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى.
ويعلم الله أنني أتألم شخصيا، ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المائة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة.
لذلك، أعطينا أهمية خاصة لبرامج التنمية البشرية، وللنهوض بالسياسات الاجتماعية، والتجاوب مع الانشغالات الملحة للمغاربة.
وكما قلت في خطاب السنة الماضية، فإنه لن يهدأ لي بال، حتى نعالج المعيقات، ونجد الحلول المناسبة للمشاكل التنموية والاجتماعية .
ولن يتأتى لنا ذلك ، إلا بعد توفر النظرة الشمولية، ووجود الكفاءات المؤهلة، والشروط اللازمة، لإنجاز المشاريع المبرمجة.
شعبي العزيز،
لقد أبان نموذجنا التنموي، خلال السنوات الأخيرة، عن عدم قدرته على تلبية الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين، وعلى الحد من الفوارق الاجتماعية، ومن التفاوتات المجالية. وهو ما دفعنا للدعوة لمراجعته وتحيينه.
إنني في الحقيقة، لا أميل شخصيا لإحداث اللجان الخاصة؛ لأنها أحسن طريقة لدى البعض، لدفن ا لملفات والمشاكل.
ولكننا بادرنا لإحداثها في بعض القضايا، ذات البعد الوطني، كالجهوية والدستور، ومدونة الأسرة، وهيأة الإنصاف والمصالحة، وحرصنا شخصيا، على متابعة أشغالها؛ فكانت نتائجها إيجابية وبناءة.
وفي هذا الإطار، قررنا إحداث اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التي سنقوم في الدخول المقبل، إن شاء الله، بتنصيبها.
وقد راعينا أن تشمل تركيبتها مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا.
وهنا أود التأكيد، أن هذه اللجنة لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية؛ وإنما هي هيأة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن.
وعليها أن تأخذ بعين الاعتبار التوجهات الكبرى، للإصلاحات التي تم أو سيتم اعتمادها، في عدد من القطاعات، كالتعليم والصحة، والفلاحة والاستثمار والنظام الضريبي؛ وأن تقدم اقتراحات بشأن تجويدها والرفع من نجاعتها.
وإننا ننتظر منها أن تباشر عملها، بكل تجرد وموضوعية، وأن ترفع لنا الحقيقة، ولو كانت قاسية أو مؤلمة، وأن تتحلى بالشجاعة والابتكار في اقتراح الحلول.
إن الأمر لايتعلق بإجراء قطيعة مع الماضي، وإنما نهدف لإضافة لبنة جديدة في مسارنا التنموي، في ظل الاستمرارية.
ويبقى الأهم هو التحلي بالحزم والإقدام، وبروح المسؤولية العالية، في تنفيذ الخلاصات والتوصيات الوجيهة، التي سيتم اعتمادها، ولو كانت صعبة أو مكلفة .
وسأعود لهذا الموضوع في مناسبة مقبلة، إن شاء الله.
وفي انتظار ذلك، فإن العمل يجب أن يتواصل بمزيد من الالتزام والمسؤولية، في تدبير الشأن العام، والتجاوب مع انشغالات المواطنين .
وينبغي التركيز على الخصوص، على الرفع من مستوى الخدمات الاجتماعية الأساسية، ومن أداء المرافق العمومية.
وبموازاة ذلك، ندعو الحكومة للشروع في إعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى، تقوم على التكامل والانسجام، من شأنها أن تشكل عمادا للنموذج التنموي، في صيغته الجديدة.
شعبي العزيز،
إن تجديد النموذج التنموي الوطني، ليس غاية في حد ذاته. وإنما هو مدخل للمرحلة الجديدة، التي نريد، بعون الله وتوفيقه ، أن نقود المغرب لدخولها.
مرحلة جديدة قوامها: المسؤولية والإقلاع الشامل.
وهي مرحلة واعدة، لأن ما يزخر به المغرب من طاقات ومؤهلات، تسمح لنا بتحقيق أكثر مما أنجزناه . ونحن بالفعل، قادرون على ذلك .
ويظل طموحنا الأسمى، هو أن يلتحق المغرب بركب الدول المتقدمة.
غير أن المرحلة الجديدة، التي نحن مقبلون عليها، حافلة أيضا بالعديد من التحديات والرهانات الداخلية والخارجية، التي يتعين كسبها؛ وفي مقدمتها :
• أولا : رهان تو طيد الثقة والمكتسبات : لكونها أساس النجاح، وشرط تحقيق الطموح : ثقة المواطنين فيما بينهم ، وفي المؤسسات الوطنية، التي تجمعهم، والإيمان في مستقبل أفضل.
• ثانيا : رهان عدم الانغلاق على الذات، خاصة في بعض ا لميادين، التي تحتاج للانفتاح على الخبرات والتجارب العالمية، باعتبار ذلك عماد التقدم الاقتصادي والتنمو ي، بما يتيحه من استفادة من فرص الرفع من تنافسية المقاولات والفاعلين المغاربة.
فالانفتاح هو المحفز لجلب الاستثمارات، ونقل المعرفة والخبرة الأجنبية. وهو الدافع لتحسين جودة ومردودية الخدمات والمرافق، والرفع من مستوى التكوين، وتوفير المزيد من فرص الشغل.
صحيح أن الدولة والقطاع العام، والهيآت المهنية الوطنية، قاموا بمجهودات كبيرة، للنهوض بدورهم، والارتقاء بمستوى عملهم.
إلا أن بعض القطاعات والمهن الحرة مثلا، تحتاج اليوم، إلى الانفتاح على الخبرات والكفاءات العالمية، وعلى الاستثمار الخاص، الوطني والأجنبي.
وقد عبرت العديد من المؤسسات والشركات العالمية، عن رغبتها في الاستثمار والاستقرار بالمغرب.
وبقدر ما يبعث ذلك على الارتياح، للثقة التي يحظى بها المغرب، فإن القيود التي تفرضها بعض القوانين الوطنية، والخوف والتردد ، الذي يسيطر على عقلية بعض المسؤولين؛ كلها عوامل تجعل المغرب أحيانا، في وضعية انغلاق وتحفظ سلبي.
فالذين يرفضون انفتاح بعض القطاعات، التي لا أريد تسميتها هنا، بدعوى أن ذلك يتسبب في فقدان مناصب الشغل، فإنهم لا يفكرون في المغاربة، وإنما يخافون على مصالحهم الشخصية.
بل بالعكس ، فإن الاستثمار الأجنبي في هذه القطاعات، سيدعم جهود الدولة، ليس فقط في توفير الشغل، وإنما أيضا في تحفيز التكوين الجيد، وجلب الخبرات والتجارب الناجحة.
• ثالثا : رهان التسريع الاقتصادي والنجاعة المؤسسية : لبناء اقتصاد قوي وتنافسي، من خلال مواصلة تحفيز المبادرة الخاصة، وإطلاق برامج جديدة من الاستثمار المنتج، وخلق المزيد من فرص الشغل.
كما يتطلب الرفع من نجاعة المؤسسات ، وتغيير العقليات لدى المسؤولين.
فالقطاع العام يحتاج، دون تأخير، إلى ثورة حقيقية ثلاثية الأبعاد : ثورة في التبسيط، وثورة في النجاعة، وثورة في التخليق.
وقد سبق أن دعوت إلى ضرورة تغيير وتحديث أساليب العمل، والتحلي بالاجتهاد والابتكار في التدبير العمومي.
• رابعا : رهان العدالة الاجتماعية والمجالية : لاستكمال بناء مغرب الأمل والمساواة للجميع.
مغرب لامكان فيه للتفاوتات الصارخة، ولا للتصرفات المحبطة، ولا لمظاهر الريع، وإهدار الوقت والطاقات.
لذا، يجب إجراء قطيعة نهائية مع هذه التصرفات والمظاهر السلبية، وإشاعة قيم العمل والمسؤولية، والاستحقاق وتكافؤ الفرص.
شعبي العزيز،
إن نجاح هذه المرحلة الجديدة يقتضي انخراط جميع المؤسسات والفعاليات الوطنية المعنية، في إعطاء نفس جديد، لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا.
كما يتطلب التعبئة الجماعية، وجعل مصالح الوطن والمواطنين تسمو فوق أي اعتبار، حقيقة ملموسة، وليس مجرد شعارات.
وإلى جانب الدور الهام، الذي يجب أن تقوم به مختلف المؤسسات الوطنية، أريد هنا، أن أؤكد على ضرورة انخراط المواطن المغربي، باعتباره من أهم الفاعلين في إنجاح هذه المرحلة.
لذا، أدعو جميع المغاربة، للمساهمة الإيجابية فيها، بروح المواطنة الفاعلة؛ لأن النتائج التي نطمح إليها، والمشاريع والمبادرات، التي نقدم عليها، لها هدف واحد هو : تحسين ظروف عيش المواطنين .
فالمرحلة الجديدة ستعرف إن شاء الله، جيلا جديدا من المشاريع. ولكنها ستتطلب أيضا نخبة جديدة من الكفاءات، في مختلف المناصب والمسؤوليات، وضخ دماء جديدة، على مستوى المؤسسات والهيآت السياسية والاقتصادية والإدارية، بما فيها الحكومة.
وفي هذا الإطار، نكلف رئيس الحكو مة بأن يرفع لنظرنا، في أفق الدخول المقبل، مقترحات لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والاستحقاق.
وهذا لا يعني أن الحكومة الحالية والمرافق العمومية، لا تتوفر على بعض الكفاءات. ولكننا نريد أن نوفر أسباب النجاح لهذه المرحلة الجديدة، بعقليات جديدة، قادرة على الارتقا ء بمستوى العمل ، وعلى تحقيق التحول الجوهري الذي نريده.
شعبي العزيز،
إن الاحتفال بعيد العرش المجيد، أبلغ لحظة لتأكيد تعلقنا الراسخ بمغربية صحرائنا، ووحدتنا الوطنية والترابية، وسيادتنا الكاملة على كل شبر من أرض مملكتنا.
وإذ نعرب عن اعتزازنا بما حققته بلادنا من مكاسب، على الصعيد الأممي والإفريقي والأوربي، فإننا ندعو إلى مواصلة التعبئة، على كل المستويات، لتعزيز هذه المكاسب، والتصدي لمناورات الخصوم.
ويبقى المغرب ثابتا في انخراطه الصادق، في المسار السياسي، تحت المظلة الحصرية للأمم المتحدة.
كما أنه واضح في قناعته المبدئية، بأن المسلك الوحيد للتسوية المنشودة، لن يكون إلا ضمن السيادة المغربية الشاملة، في إطار مبادرة الحكم الذاتي.
ذلك أن التحديات الأمنية والتنموية، التي تواجهنا، لا يمكن لأي بلد أن يرفعها بمفرده.
ومن هذا المنطلق، فإننا نؤكد مجددا التزامنا الصادق، بنهج اليد الممدودة، تجاه أشقائنا في الجزائر، وفاء منا لروابط الأخوة والدين واللغة وحسن الجوار، التي تجمع، على الدوام، شعبينا الشقيقين.
وهو ما تجسد مؤخرا، في مظاهر الحماس والتعاطف، التي عبر عنها المغاربة، ملكا وشعبا، بصدق وتلقائية، دعما للمنتخب الجزائري، خلال كأس إفريقيا للأمم بمصر الشقيقة؛ ومشاطرتهم للشعب الجزائري، مشاعر الفخر والاعتزاز، بالتتويج المستحق بها؛ وكأنه بمثابة فوز للمغرب أيضا.
فهذا الوعي والإيمان بوحدة المصير، وبالرصيد التاريخي والحضاري المشترك، هو الذي يجعلنا نتطلع، بأمل وتفاؤل، للعمل على تحقيق طموحات شعوبنا المغاربية الشقيقة، إلى الوحدة والتكامل والاندماج.
شعبي العزيز،
إن المغرب ملك لجميع المغاربة، وهو بيتنا المشترك. وعلينا جميعا، كل من موقعه، أن نساهم في بنائه وتنميته، وأن نحافظ على وحدته وأمنه واستقراره.
مغرب يتسع لكل أبنائه، ويتمتع فيه الجميع، دون استثناء أو تمييز، بنفس الحقوق، ونفس الواجبات، في ظل الحرية والكرامة الإنسانية.
وإننا نستحضر هنا، بكل إجلال وإكبار، جميع المغاربة الأحرار، الذين قدموا التضحيات الجسام، في سبيل الحرية والاستقلال، وساهموا في بناء المغرب الحديث، مغرب التنمية والديمقراطية والتقدم.
وفي مقدمتهم جدنا المقدس، جلالة الملك محمد الخامس، ووالدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواهما.
كما نوجه تحية إشادة وتقدير، لكافة مكونات قواتنا المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والقوات المساعدة، والأمن الوطني، والوقاية المدنية، لتجندهم الدائم، تحت قيادتنا، للدفاع عن وحدة الوطن، وصيانة أمنه واستقراره.
قال تعالى: “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم”. صدق الله العظيم.
و السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.
عزيمان مستشار الملك: لم يستفد المغاربة جميعا من ثمار التنمية
قال عمر عزيمان، مستشار الملك محمد السادس، في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب)، بمناسبة تخليد الذكرى الـ20 لاعتلاء الملك العرش، إن “الكثير من المنجزات المفيدة للبلد تحققت”، لكن، يضيف عزيمان مستدركا، أن “ثمار التنمية، خلال العشرين سنة الماضية، لم يستفد منها الجميع”. متابعا، في الإطار نفسه، أنه “ما نزال غير قادرين على خلق فرص عمل لشبابنا، وما تزال لدينا مناطق تعاني التهميش (…)”، ومع ذلك، قال عزيمان إن “بوسع المغاربة أن يفخروا بما تحقق”، لكن، في المقابل “لا نستطيع تجاهل النواقص والاختلالات. لكي نواصل التقدم لا بد لنا من ضمان انسجام اجتماعي، هذا شرط أساسي”.
وأجرت وكالة فرانس برس حوارا مع عبد اللطيف المنوني وعمر عزيمان، اثنان من مستشاري الملك، يتطرق إلى التحولات التي شهدتها المملكة خلال عشرين سنة من حكم الملك محمد السادس والتحديات التي تواجهها.
وأشار عزيمان إلى أنه “في مرحلة أولى كانت الأولويات تتركز حول التقدم في مجال الإصلاحات الديموقراطية، وبناء دولة القانون، وتعزيز حقوق الإنسان، وطي صفحة الماضي، وإنجاح تجربة العدالة الانتقالية، لكن، يضيف أنه “ابتداء من فترة 2004-2006 فتحت الأوراش الاقتصادية الكبرى، سواء منها مشاريع البنيات التحتية (الطرق، الطرق السيارة، الموانئ، المطارات)، أو برامج النهوض بقطاعات الفلاحة والصناعة والطاقات البديلة.اليوم، يتابع عزيمان “أصبح تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية في صدارة الأولويات. إنها ورشة ضخمة يستوجب إنجازها صياغة نموذج تنموي جديد يكون أكثر حرصا على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية. كما يستوجب نهج سياسة مجالية جديدة ستساهم فيها الجهوية المتقدمة بقوة (توسيع صلاحيات الجهات المحلية)”.
وأشار مستشار الملك أن “المغرب يسير، منذ تولي الملك محمد السادس الحكم في طريق تطبعه الاستمرارية والتغيير في الوقت نفسه”، موضحا أن “النظام لم يتغير ولم تحدث قطيعة بل استمر مؤكدا قدرته على التأقلم مع تطورات الزمن والمجتمع”، مشيرا إلى أن “الفرق الجوهري، بالمقارنة مع عهد الملك الحسن الثاني، يكمن في أننا انتقلنا إلى السرعة القصوى على مستوى الاختيارات الاستراتيجية، وعمل مؤسسات الدولة وتنفيذ السياسات العمومية، واشتراط الفعالية”.
وقال عزيمان إن “الملك كان يحتل مكانة مركزية في الدستور القديم، وما يزال كذلك في الدستور الحالي: هنا تتجلى فكرة الاستمرارية”، مضيفا أنه في الآن نفسه “هناك تغيير جوهري، فبينما كانت مكانة الملك في الدستور القديم غير محددة في نطاق معين، أصبح مجالها محدد المعالم في الدستور الجديد. الفرق كبير بين الوضعيتين”.
وخلص عزيمان إلى القول “لسنا في إطار نظام يشبه الملكية الإسبانية أو الهولندية، حيث يسود الملك دون أن يحكم، نحن في ظل نظام ملكية من نوع آخر، لكن سلطات الملك محددة”.
جدير بالإشارة إلى أن عمر عزيمان (72 سنة) عين مستشارا للملك، في غشت 2011، بعدما كان قد تولى عدة مسؤوليات رسمية بما فيها حقيبتي وزارة حقوق الإنسان والعدل. وإلى جانب وظيفته كمستشار للملك يرأس حاليا المجلس الأعلى للتعليم، و”يعمل على عدة ملفات” بينها حقوق الإنسان وإصلاح العدالة والجهوية الموسعة وإصلاح التعليم.
المنوني مستشار الملك: “نحن على طريق ملكية برلمانية”
أفاد عبد اللطيف المنوني، مستشار الملك، في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب)، بمناسبة الذكرى الـ20 لاعتلاء الملك محمد السادس العرش، أن “أشياء عدة تحققت، وعلى صعيد الإصلاحات الديموقراطية أنجز الأهم، ما يزال مطلوبا ترسيخ هذه المنجزات”.
وقال المنوني “نحن على طريق ملكية برلمانية (…) لكن بطبيعة الحال ما تزال ثمة ربما بعض المقتضيات التي يلزم تجويدها”.
وأجرت وكالة “فرانس برس” حوارا مع عبد اللطيف المنوني، وعمر عزيمان اثنان من مستشاري الملك، يتطرق إلى التحولات التي شهدتها المملكة، خلال عشرين سنة من حكم الملك محمد السادس، والتحديات التي تواجهها.
وشدد المنوني في هذا الحوار، الذي بثته وكالة “فرانس بريس”، يوم الأحد، على أن “الدستور الجديد يخول للأحزاب السياسية إمكانيات أكبر لتفرض نفسها، مقارنة مع الماضي”، قبل أن يضيف مستدركا “لكن التطور المنتظر على هذا الصعيد لم يتحقق بعد في الواقع. ربما يلزمه وقت”.
يذكر أن عبد اللطيف المنوني (75 سنة) عين مستشارا للملك في ثالث غشت 2011، وهو أستاذ في القانون الدستوري. وكان ترأس قبل ذلك، في مارس 2011، اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور.
الملك محمد السادس يجسد الاستمرارية التاريخية للملكية في المغرب مع حرصه على التغيير
يجسد الملك محمد السادس، الذي يحتفل بمرور عشرين عاما على اعتلائه عرش المغرب، تقاليد الاستمرارية التاريخية للملكية المغربية، لكنه في الوقت نفسه يحرص على صورته كحاكم عصري منفتح على التغيير.
وتنعكس هذه الازدواجية في أسلوب التواصل غير المسبوق الذي اختاره العاهل الثالث والعشرون في سلالة الدولة العلوية الحاكمة بالمغرب منذ القرن السابع عشر. فإلى جانب الصور الرسمية التي يظهر فيها ببزات عصرية أو جلابيب مغربية تقليدية، يطل أحيانا في مظهر أكثر عفوية من خلال صور تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي برفقة فنانين أو أشخاص عاديين يصادفونه أُثناء تنقلاته خارج المملكة.
ورث محمد السادس عرش المغرب قبل عشرين سنة إثر وفاة والده الملك الحسن الثاني في 23 يوليو 1999. وطبع عهده بقدر كبير من الاستقرار في منطقة تهزها التحولات السياسية. ويتم التركيز على هذا المعطى غالبا في إقناع المستثمرين الأجانب والسياح للمجيء الى المغرب، وتمتين العلاقات مع البلدان الحليفة.
وشهد عهده أيضا تبني سياسة أمنية مشددة تحت شعار مكافحة الإرهاب، منذ هجمات الدار البيضاء (33 قتيلا في 2003) ومراكش (17 قتيلا في 2011).
وإذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي وسّعت هامش حرية التعبير في السنوات الأخيرة، فإن وسائل الإعلام التقليدية تبقى في ظل حكم محمد السادس مرتهنة لدعم الدولة المالي وخاضعة لمراقبتها.
ويملك العاهل المغربي عمليا سلطات تنفيذية واسعة، بالرغم من توسيع سلطات رئيس الحكومة في التعديل الدستوري لسنة 2011. واعتمد هذا الدستور إثر تظاهرات قادتها “حركة 20 فبراير” في مدن عدة ضد ما أسمته “الفساد” و”الاستبداد”، في سياق الربيع العربي.
ويحتفظ الملك بسلطة القرار في ميادين السياسة الخارجية والدفاع والشؤون الأمنية والقطاعات الاقتصادية الأساسية.
– ورش كبرى –
ويحرص الملك باستمرار على إطلاق ورش المشاريع الكبرى، مثل ميناء طنجة المتوسط (شمال)، ومحطة “نور” الضخمة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في وارزازات (جنوب)، أو خط القطار الفائق السرعة “تي جي في” بين طنجة والدار البيضاء (غرب).
وهو الذي يرسم التوجهات الاستراتيجية الكبرى للدولة ويشرف على تنفيذها، مثل التوجه نحو بلدان إفريقيا جنوب الصحراء والعودة الى منظمة الاتحاد الإفريقي في 2017.
وتواصل الدبلوماسية المغربية تحت إشرافه بذل الجهود من إجل إقناع المجتمع الدولي بمقترح “الحكم الذاتي” تحت السيادة المغربية للصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية سابقا التي يتنازع المغرب مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر السيادة عليها.
على المستوى الاجتماعي، أطلق الملك دعوة للتفكير في صياغة نموذج تنموي جديد على خلفية حركات احتجاجية شهدتها المملكة سنتي 2017 و2018 في الريف (شمال) وجرادة (شرق) وانتهت بعد اعتقالات عدة وصدور أحكام قاسية.
وسجل العاهل المغربي في خطاب ألقاه في تشرين الأول/أكتوبر 2017 أن النموذج التنموي الحالي أصبح “غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات… وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية”.
ويظل تبني قانون جديد للأسرة سنة 2004 من أبرز الإصلاحات التي شهدها المغرب على الصعيد المجتمعي، ولو لم يستجب لكل مطالب الجمعيات الحقوقية والنسائية.
وأطلق العاهل المغربي أيضا ورشا لإصلاح الحقل الديني محوره خطاب “وسطي معتدل”، مؤكدا ضمان حرية المعتقد للمغاربة اليهود والمسيحيين الأجانب، دون الاعتراف بمعتنقي المسيحية من المغاربة. ويحتكر الملك بصفته “أمير المؤمنين” سلطة القرار في الشأن الديني، ويرأس المجلس العلمي الأعلى الموكول إليه الإفتاء حصرا.
– غياب –
لم يكن المغاربة يعرفون الكثير عن الملك محمد السادس عندما تولى العرش في سن الخامسة والثلاثين، بعدما نشأ في ظل ملك سلطوي كان يناديه “جلالة الملك”.
وتذكر سيرته الرسمية بتوليه “منذ ريعان شبابه مسؤوليات جسيمة” كلفه بها والده، مشيرة إلى أنه “يزاول أنشطة رياضية عدة”.
وكان يقوم في بداية عهده بزيارات لجهات مختلفة في المملكة، لكنه يقضي أيضا بشكل منتظم أوقاتا خارج المغرب وخصوصا في فرنسا حيث تملك العائلة المالكة منازل عدة. وفي فرنسا أيضا خضع لعلاجات طبية، فأجرى مطلع 2018 عملية لعلاج اضطراب في نبض القلب، وعملية على مستوى العين في سبتمبر 2017.
وأثار غيابه المتواتر السنة الماضية شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، فظهرت أصوات في سابقة نادرة من نوعها، تنتقد “خياراته السياسية” و”مستوى معيشته”، و”إقاماته الطويلة” خارج المغرب.
وبات لاحقا يظهر بشكل منتظم في أنشطة رسمية، بينما أضحت صور “السيلفي” التي يلتقطها مع مشاهير نادرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأحدث العاهل المغربي قطيعة مع التقاليد المتوارثة بظهوره على مدى سنوات مع زوجته الأميرة لالة سلمى، منذ إعلان زواجه بهذه المهندسة المعلوماتية التي تصغره بخمس سنوات وتتحدر من الطبقة الوسطى في 2002، وحظي زفافهما بمتابعة إعلامية واسعة.
ولهما ابن هو الأمير مولاي حسن المولود في 2003 وابنة هي الأميرة لالة خديجة المولودة في 2007.
لكن الأميرة اختفت فجأة من الحياة العامة في ديسمبر. ويبدو أن غيابها عن الصور الرسمية للعائلة الملكية يدعم الأنباء التي تناقلتها صحف أجنبية متخصصة في أخبار المشاهير حول انفصال الزوجين.
ويظهر ولي العهد الأمير مولاي الحسن بشكل متزايد في الأنشطة والزيارات الرسمية إلى الخارج، منذ سن الثالثة عشر.
وصنفت مجلة “فوربس” في 2014 العاهل المغربي من ضمن أغنى الأثرياء في العالم بثروة تقدر بأكثر من 2,5 مليار دولار يملكها من خلال مساهمته في الهولدينغ الملكي “الشركة الوطنية للاسثتمار” التي تحولت إلى صندوق استثماري برساميل خصوصية باسم “المدى”.
محمد السادس يحتفل بالذكرى الـ20 لتوليه العرش في بلد مطبوع بفوارق عميقة
يحتفل العاهل المغربي الملك محمد السادس الثلاثاء بالذكرى الـ20 لجلوسه على العرش في 30 يوليو، في بلد لا يزال مطبوعا بفوارق اجتماعية عميقة بالرغم من الجهود المبذولة لتحقيق التنمية.
وتتزين المدن المغربية في عيد العرش بالأعلام الوطنية وتنشر الصحف المحلية تقارير عن حصيلة المنجزات. بيد أن الأسابيع الماضية شهدت أيضا صدور تقارير تنبه إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتردي الأوضاع االاجتماعية، محذرة من تداعيات البطالة المتفشية في صفوف الشباب.
وتحدث الملك محمد السادس في أولى خطبه بعد تسلمه العرش في 1999 خلفا لوالده الراحل الحسن الثاني، عن البطالة والفقر والفوارق الاجتماعية، على أنها من المعضلات الرئيسية في المغرب. وأطلق عليه اسم “ملك الفقراء” في بداية عهده، إذ كان يجسد تطلعات وآمال فئات واسعة من المغاربة بالتغلب على هذه المعضلات.
وإذا كانت قيمة الثروة الإجمالية للمغرب “تجاوزت الضعف ما بين 1999 و2013″، بحسب دراسة رسمية نشرت أواخر 2016، فإن المغرب لا يزال يواجه “العديد من التحديات التي يتعين رفعها لا سيما ما يتعلق بالبطالة في صفوف الشباب، والفوارق الاجتماعية والجهوية”، بحسب الدراسة التي أنجزت بتعليمات من الملك.
– فوارق اجتماعية –
ويؤكد المسشتار الملكي عمر عزيمان في حوار مع وكالة فرانس برس أن “ثمار التنمية التي تحققت خلال العشرين سنة الماضية لم يستفد منها الجميع، هناك شعور بالسخط. لا نستطيع خلق فرص عمل لشبابنا، ولا تزال لدينا مناطق مهمشة”.
ويوضح مسشتار العاهل المغربي في ظهور إعلامي نادر أن “تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية” هو أولى أولويات المغرب حاليا، “إنه ورش ضخم يتطلب نموذجا جديدا للتنمية أكثر حرصا على تحقيق العدالة الاجتماعية”.
وكان العاهل المغربي دعا في خطاب ألقاه في أكتوبر 2017 إلى صياغة نموذج تنموي جديد، لم تظهر معالمه بعد.
وشهدت مناطق مغربية مختلفة حركات احتجاجية في السنوات الماضية. وكان من أبرزها في الفترة الأخيرة الحركتان الاحتجاجيتان اللتان هزتا منطقة الريف (شمال) ومدينة جرادة (شرق) في 2017 و2018.
كما ظهر في ربيع 2018 أسلوب احتجاجي غير مسبوق في المغرب تمثل في مقاطعة منتجات ثلاث شركات تستحوذ على حصة الأسد في أسواق المحروقات والحليب والمياه المعدنية، رفضا لغلاء الأسعار. ولقيت الحملة التي أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي من دون أن يتبناها أحد، تجاوبا واسعا.
وتلى الاحتجاجات التي شهدها الريف وجرادة الإعلان عن مشاريع تنموية في المنطقتين، لكن التحرك الاحتجاجي انتهى أيضا باعتقالات وصدور أحكام قاسية طالت مئات الأشخاص، بحسب تقارير منظمات حقوقية.
واستتفاد حتى الآن نحو 250 معتقلا على خلفية تلك الملاحقات من عفو ملكي.
ورأت منظمات حقوقية محلية ودولية في تلك الملاحقات “تراجعا” عن المكتسبات التي تحققت على صعيد حماية حقوق الإنسان، وخصوصا الآمال التي حملها تبني دستور جديد سنة 2011 نص على حماية الحريات.
وجاء تبني هذا الدستور في سياق تظاهرات حركة 20 فبراير، النسخة المغربية للربيع العربي، ضد ما وصف بالـ”الفساد” و”الاستبداد”.
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقرير عرض مطلع يوليو أن السنة الماضية “عرفت ترديا كبيرا نتيجة المقاربة القمعية التي تعاملت بها الدولة مع التنظيمات السياسية (…) ونشطاء الحراك الاجتماعي”.
في المقابل، أكد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان مصطفى الرميد أن “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تم القطع معها، وأصبحت بالنسبة للمغرب من الماضي”.
وسجل في تقرير عرضه منتصف تموز/يوليو حول الفترة ما بين 2012 و2018، “حالات معزولة ما زالت تطرح تحديات على مستوى ضمان فعالية منظومة الحماية الوطنية”.
– “مرحلة انتقال الملك” –
وكانت تظاهرات “حركة 20 فبراير” جددت التأكيد على مطلب الانتقال نحو ملكية برلمانية على النمط الأوروبي. فقبل سنوات، وفي بداية عهد الملك محمد السادس، علّقت آمال على أن تؤسس تجربة “التناوب التوافقي”، أي الحكومة التي قادها بين 1998 و2002 حزب المعارضة الرئيسي آنذاك، لانتقال ديموقراطي يعيَّن فيه رئيس الحكومة من الحزب الأول في البرلمان. لكن ذلك لم يتحقق الى أن جاءت تظاهرات 20 فبراير فتجددت المطالبة به تحت عنوان “الملكية البرلمانية”.
ويرى المؤرخ المعطي منجب أن المغرب “لم يشهد تحولا نحو الدمقرطة وإنما فقط فترة انفتاح أثناء مرحلة انتقال الملك في بداية عهد محمد السادس، وكان الهدف في النهاية تأكيد نظام ملكية تنفيذية”.
ويعتبر أستاذ العلوم السياسية محمد الطوزي من جهته أن “أي مسار إصلاحي لا يمكن أن يسير في خط مستقيم ولا بد أن يتأرجح بين التقدم والتراجع”، مشددا على “نجاح المغرب في الحفاظ على استقراره” في محيط إقليمي تهزه التحولات السياسية.
ويشير الطوزي الذي شارك في لجنة مراجعة الدستور سنة 2011، إلى مؤشرات تدل على أن ثمة “تغييرات هامة حصلت”.
وتتمثل هذه التغييرات في أعمال هيئة الإنصاف والمصالحة لطي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتبني قانون أسرة يعزز حقوق النساء في 2004، فضلا عن دستور 2011، ووجود هيئات رقابة مثل المجلس الأعلى للحسابات.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات، لا يبدو الشباب المغربي إجمالا مطمئنا للمستقبل، ويفكر 7 من كل 10 شبان مغاربة في الهجرة، بحسب نتائج دراسة نشرت مؤخرا لمؤشر “البارومتر العربي”. وخلصت الدراسة إلى أن المغرب منقسم بين “جيل قديم أكثر ثقة، وآخر شاب أكثر تشاؤما”.