أعمال التخريب المتعمدة بالموقعين الأثريين “قنطرة الفلوس” و”دار السلطان “باقليم الخميسات تهدد بإتلاف معلمتين تاريخيتين

منذ ما يزيد عن شهرين، يتعرض الموقعان الأثريان “قنطرة الفلوس” و”دار السلطان “بجماعة ايت سيبرن بالمجال الترابي لإقليم الخميسات، لعمليات هدم وتخريب تقوم بها مجموعة من “الباحثين عن الكنوز”، وهو ما حدا بمسؤولين وفعاليات مدنية محلية والسلطات للتحرك لوقف هذه الأفعال التي تهدد بإتلاف معالم تاريخية وطنية.

ويتعلق الأمر ب “قنطرة الفلوس” وهي جسر تاريخي ومعلمة عمرانية من الفترة الموحدية (القرن 12) فريدة من نوعها كانت تربط رباط الفتح بفاس ، بهندسة معمارية تحيل على تلك التي تميز صومعتي حسان بالرباط، وجامع الكتبية بمراكش. أما الموقع الثاني فهو “دار أم السلطان” الذي شكل إقامة للسلطان وحاشيته خلال تنقلاته بين الرباط وفاس.

وفي تعليقه على هذه الأعمال التخريبية ، وصف مدير مديرية التراث بوزارة الثقافة عبد الله العلوي ما يتعرض له الموقعان الأثريان من تخريب متعمد ب”العمل الإجرامي الذي يطال معالم تاريخية وطنية”.

وشدد المسؤول، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء،على أن الموقعين الأثريين “قنطرة الفلوس” و”دار السلطان” يتمتعان بقيمة تاريخية وعمرانية هامة يتعين الحفاظ عليها.

وأضاف العلوي أن “باحثين عن كنوز” استعملوا معدات ثقيلة لحفر ثقب كبير في أعلى وجانب الهيكل الحامل للجسر ، كما قاموا بحفر ثقب آخر بعمق ستة أمتار بموقع “دار السلطان”.

وأكد أن الوزارة عملت فور علمها بالموضوع على إخطار عامل عمالة الخميسات ورئيس الجماعة القروية لأيت سيبرن ومصالح الدرك الملكي، كما أوفدت اثنين من الأركيولوجيين المتخصصين من مكناس لمعاينة الوضع وتقييم حجم الاضرار، فيما قامت السلطات بفتح تحقيق لتحديد المسؤولين عن هذه الأعمال التخريبية.

ولم يفت العلوي التشديد على أن آفة “الباحثين عن الكنوز” تساهم بشكل كبير في تدهور المواقع الأركيوليوجية والمآثر التاريخية المتواجدة بكافة التراب الوطني، مشددا على أن الوزارة منفتحة على أي طلب للبحث يحترم القوانين الجاري بها العمل ويضمن سلامة هذه المآثر والمواقع.

أما الاستاذ الباحث في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط يوسف بوكبوط، فقد أكد أن “قنطرة الفلوس”، تعرضت منذ ثلاثة اشهر لتخريب ممنهج من قبل عصابة تبحث عن الكنوز، حيث تم حفر نفق بداخلها تجاوز طوله أربعة امتار.

وأوضح بوكبوط، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن قنطرة الفلوس التي كانت عبارة عن جسر تاريخي يربط رباط الفتح بفاس، تمر عبره القوافل التجارية، تعد معلمة وطنية فريدة من نوعها من حيث زخرفتها المعمارية الشبيهة بتلك التي تعرف بها صومعة حسان بالرباط والكتبية بمراكش.

وأضاف أن الموقع الأثري “دار السلطان” الذي يبعد مسافة كيلومتر واحد عن قنطرة الفلوس، تعرض بدوره للتخريب، مشيرا إلى أن مديرية التراث بوزارة الثقافة أعدت تقريرا في الموضوع منذ ثلاثة أشهر تم إرساله لمصالح عمالة الخميسات والمديرية الجهوية للدرك الملكي ورئيس الجماعة القروية آيت سيبرن.

وسجل أنه أمام هذه العمليات التخريبية المتكررة التي تتم ليلا، تم اللجوء لوسائل الإعلام المرئية والسمعية من أجل إثارة الانتباه لهذا العمل الإجرامي الذي يطال معالم تاريخية وطنية.

ومن جهته، أكد رئيس جماعة آيت سيبرن أن أعمال التخريب التي تعرضت لها قنطرة الفلوس من طرف عصابة إجرامية مكونة من باحثين عن الكنوز “وصلت إلى مراحل متقدمة”.

وأضاف أن الجماعة قامت بمراسلة عامل إقليم الخميسات والدرك الملكي بهدف وضع حد لمثل هذه الأعمال التخريبية، مبرزا أن الجماعة بصدد التوقيع على اتفاقية مع عدد من الجهات التي تعنى بالشأن الثقافي والحفاظ على التراث لضمان سلامة هذه المآثر.

واعتبر رئيس الجماعة أن هذه القنطرة التي شيدت في عهد الموحدين تعد كنزا بحد ذاتها، داعيا إلى المحافظة عليها وتثمينها بهدف جلب سياح ومختصين في الآثار من المغرب والخارج.

من جانبه، قال حميد عصمة وهو فاعل جمعوي بالمنطقة إن” قنطرة الفلوس المتواجدة بجماعة آيت سيبرن والتي تحمل صبغة وطنية وعالمية، تتعرض لعملية هدم وتخريب من طرف عصابة إجرامية مكونة من باحثين عن الكنوز”، داعيا السلطات إلى اتخاد الإجراءات اللازمة في حقهم.

واعتبر عصمة أن هذه القنطرة “تعاني من الإهمال”، مضيفا أن فعاليات جمعوية تقدمت بشكاية في الموضوع لسلطات المنطقة.

كما شدد على أهمية أن تسترجع هذه المعلمة التاريخية أهميتها التاريخية والسياحية حتى تكون مرة أخرى قبلة للزوار، مؤكدا أن ذلك لن يتأتى إلا بتنسيق جهود مختلف المصالح المختصة سواء في الإقليم أو على الصعيد الوطني، ليخلص إلى أنه من الضروري إيجاد البنية التحتية، لاسيما المسالك الطرقية والإنارة، لتمكين الزوار من الوصول للموقعين التاريخيين في ظروف مواتية.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة