توجه الهولنديون الذين ما زال كثيرون منهم مترددين بعد حملة طرحت فيها قضايا مرتبطة بالهوية وتخللتها ازمة دبلوماسية مع تركيا، الى مراكز الاقتراع الاربعاء في انتخابات تشريعية ستشكل اختبارا للتيار الشعبوي قبل عمليات اقتراع مماثلة في اوروبا.
فبعد تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الاوروبي وفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الاميركية، تتوجه الانظار الى حزب النائب اليميني المتطرف المعادي للاسلام غيرت فيلدرز الذي تراجع في استطلاعات الرأي الاخيرة بعد تقدم استمر اشهرا.
وادلى فيلدرز بصوته في مدرسة في احدى ضواحي لاهاي امام عدد كبير من الصحافيين. وقال “ايا كانت نتيجة انتخابات اليوم، الامور لن تبقى على حالها وهذه الثورة الوطنية موجودة لتبقى”.
وفي صف الانتظار في المركز نفسه، قالت ايستر وانت (52 عاما) ان فيلدرز “رجل مزعج”. واضافت “لا اريد ان اعيش في عالم يهيمن عليه اليمين الشعبوي لذلك قمت بالتصويت ضده”.
وحاول مرشح الابقاء على الوضع القائم تحويل الاقتراع الى معركة مع فيلدرز، قائلا ان امام الهولنديين احد خيارين: اما الفوضى او الاستقرار.
وبدأ الناخبون البالغ عددهم 12,9 مليونا التوجه الى مراكز التصويت اعتبارا من الساعة 07,30 (06,30 ت غ) وهم في طريقهم الى العمل او المدرسة اذ ان هذه المراكز اقيمت في محطات القطارات والمحلات التجارية وحتى في منازل خاصة.
وستغلق مراكز الاقتراع ابوابها عند الساعة 21,00 (20,00 ت غ) وينتظر صدور التقديرات الاولية للنتائج بعيد ذلك بينما ما زال عدد قياسي من الناخبين لا يعرفون اي مرشح سيختارون عند التصويت.
وقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية السابقة 74 بالمئة.
تشير استطلاعات الرأي الاخيرة التي نشرت نتائجها الثلاثاء الى ان الحزب الشعبي الليبرالي والديموقراطي الذي يقوده روتي يتقدم بفارق كبير على حزب فيلدرز، حزب الحرية.
وتعد النتيجة التي سيحققها الحزب الشعبوي اختبارا قبل انتخابات الاشهر المقبلة في فرنسا ثم في المانيا. وقالت المرشحة اليمينية المتطرفة للرئاسة ان فيلدرز “وطني”، كما قالت لمحطتي فرنسا الدولية و”فرانس 24”.
وسيحصل حزب رئيس الوزراء على ما بين 24 و28 مقعدا من اصل 150 في مجلس النواب في البرلمان الهولندي، لكنه بعيد جدا عن الاربعين مقعدا التي يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته، حسب الاستطلاعات الاخيرة.
اما حزب الحرية الذي تصدر اللائحة لاشهر، فلن يحصل على اكثر من 19 الى 22 مقعدا، تليه الاحزاب التقليدية مثل حزب النداء المسيحي الديموقراطي والتقدميين في حزب الديموقراطيين-66.
ويمكن لحزب النداء المسيحي الديموقراطي الذي هيمن لفترة طويلة على الحياة السياسية في هولندا، ان يصبح ايضا اكبر حزب في البلاد ومن شبه المؤكد ان يشارك في الحكومة.
وخلال الحملة اقترح هذا الحزب الزام التلاميذ بترديد النشيد الوطني واعاد فتح الجدل حول مسألة ازدواج الجنسية.
ووعد هذا الحزب، كما قرر حزب روتي، بالامتناع عن التعاون مع فيلدرز.
يتلخص برنامج فيلدرز الذي يقع في صفحة واحدة باغلاق الحدود امام المهاجرين ومنع بيع القرآن واغلاق المساجد في بلد يشكل المسلمون خمسة بالمئة من سكانه.
وقد جلبت له افكاره دعما كبيرا خلال ازمة الهجرة لكن عددا كبيرا من الهولنديين يرون انه يبالغ فيها. وقال نيلز وهو يتابع المناظرة في حانة في لاهاي “من حقه اعطاء رأيه لكنه لا يقترح اي حل ولا يقوم سوى ببث الخوف”.
يرى الخبراء انه اذا خرج حزب النداء المسيحي من الاقتراع كاكبر حزب سياسي في البلاد، فيفترض الا يشارك فيلدرز في الحكومة اذ ان غالبية الاحزاب الاخرى ترفض التعاون معه.
ويلزم النظام الانتخابي الهولندي النسبي بشكل شبه كامل، الحزب الفائز على تشكيل تحالفات حكومية.
وما عقد المشهد السياسي، اندلاع ازمة سياسية في نهاية الاسبوع الماضي بين لاهاي وانقرة بعد منع السلطات الهولندية وزيرين تركيين من المشاركة في تجمعات مؤيدة للرئيس رجب طيب اردوغان.
وقدم 28 حزبا وهو عدد قياسي، لوائح. وفي مشهد مشرذم الى هذا الحد، يمكن ان يستغرق تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد اشهرا — الفترة القياسية حتى الآن بلغت 208 ايام –، وسينبثق نتيجة اتفاق بين اربعة او خمسة احزاب.
وخوفا من الهجمات الالكترونية، سيتم احتساب الاصوات بالكامل يدويا هذه المرة وستعلن النتائج الرسمية الاسبوع المقبل.
وفي صف الانتظار ايضا، اكد روجر اوفيديفيست انه صوت “استراتيجيا ضد اليسار”. وقال انه لا يعتقد ان فيلدر يمكنه الفوز. واضاف “اعتقد ان الناس رأوا ما حدث اذا كان الرئيس شعبويا”.