تم أمس الخميس بمقر سفارة دولة فلسطين بالرباط تسليم الشاعر المغربي محمد بنيس وسام الثقافة والإبداع والفنون (مستوى الإبداع) في “لقاء الاعتراف والوفاء”، وذلك بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقد سلم الوسام لمحمد بنيس سفير دولة فلسطين بالمملكة المغربية زهير الشن ، والشاعر الفلسطيني مراد السوداني رئيس لجنة التربية والثقافة والعلوم في فلسطين النائب الثاني لرئيس الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، وعبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب النائب الأول لرئيس الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب.
ورأى المنظمون أن تسليم وسام الثقافة والإبداع والفنون نيابة عن الرئيس الفلسطيني، لمحمد بنيس، الشاعر والباحث الأكاديمي والمترجم، وأحد أهم شعراء الحداثة العرب، هو “عرس مغربي فلسطيني بامتياز”، يحتفى فيه بابن مدبنة فاس التي “تحظى بمكانة خاصة لدى أبناء الشعب الفلسطيني”.
وتحدث المنظمون عن الوضع الحالي في فلسطين التي ما زالت تعاني من الاحتلال الصهيوني، وتسعى للسلام المنشود، وتتساءل كيف يرضى العالم باستمرار الظلم الممارس على شعب متعلم ومثقف ومتحضر ومحب للسلام، داعين العالم إلى الاعتراف بفلسطين المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشريف.
وأعربوا عن امتنانهم للمملكة المغربية على مواقفها المشرفة في خدمة القضية الفلسطينية العادلة، كما أعربوا عن متمنياتهم بانتهاء معاناة الشعب الفلسطيني، والأمة العربية جمعاء.
وفي كلمة تحمل عنوان “القرطبي الأخير يشهر كتاب الحب”، قال الشاعر مراد السوداني إن هذا التكريم المستحق، “أمام عتبات الرياط العلياء”، يأتي في فترة ما بين تاريخ مولد “الصائغ الجمالي الأمهر” محمود درويش (13 مارس) واليوم العالمي للشعر (21 مارس)، مضيفا أنه تكريم ل”شاعر جماعي” في تحية من أدباء فلسطين لكل الشعراء المغاربة وفي مسعى لمد جسور التثاقف بين المغرب وفلسطبن التي لا تغيب أبدا عن وجدان المغاربة.
وأكد عبد الرحيم العلام ، من جانبه، أن تسليم الوسام لمحمد بنيس “لحظة احتفالية استثنائية بأحد رموز الثقافة المغربية والعربية، ولحظة اعتراف من فلسطين”، التي “تختزل التاريخ والوجدان ورمزية الأشياء”، والتي تكرم في بنيس “أفقا إنسانيا وجماليا رحبا طافحا بالمعاني والدلالات، وفي صلبه تتوهج فلسطبن”.
ونقل العلام عن بنيس قوله إن “فلسطين وطننا الجماعي”، مؤكدا أن الشاعر المحتفى به انتصر للشعر وللقضية وآوى محمود درويش في بيته بالمحمدية ليكتب ملحمة عن الوطن، وأصدر مجلة “الثقافة الجديدة”، الصوت الموازي لمجلة “الكرمل”، التي نشرت موادها حين توقفت عن الصدور في “استضافة درويشية نادرة”.
وأضاف عبد الرحيم العلام أن محمد بنيس انتصر في كتاباته للحداثة في اللغة والثقافة والشعر والحياة، معربا عن جزيل الشكر والامتنان للرئيس الفلسطيني الذي ينتصر بمنحه وسام الثقافة والإيداع والفنون لمحمد بنيس انتصارا نبيلا لثقافة الوفاء والاعتراف.
وفي كلمة للشاعر محمد بنيس، استحضر شعر محمود درويش وكتابات إدوار سعيد وروايات إميل حبيبي باعتبارها نماذج عليا وبوصلة للتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني في سعيه للفرح بالاعتراف بدولته المستقلة، كما استحضر وعدا من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات له شخصيا بإيلاء الثقافة المكانة التي تستحقها في فلسطين بعدما كانت الشعلة التي تنير الطريق، وهو وعد لم يتأخر تنفيذه.
وعن صلة بنيس بفلسطين، تحدث عن نشأته على الانحياز للحق الفلسطيني منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وعن انخراطه بعد نكسة 1967 رفقة أدباء ومثقفين في الدفاع عن فلسطين في كتاباته الصادرة عن تلقائية واقتناع، وعن علاقته الشعرية والإنسانية مع محمود درويش التي بنياها معا، معتبرا هذا التكريم تحية رمزية وتشريفا لكل الأدباء والفنانين والصحافيين المغاربة الذين نحتوا فلسطين في أعمالهم.
وبالمناسبة، أنشد الشاعر محمد بنيس قصيدته “الطريق إلى القدس” بعدما وعد أن يجمع كل قصائده التي تدور مناخاتها حول فلسطين وأن تكون طبعتها الأولى في ديوان بمدينة رام الله، وأعرب عن أمله في “زيارة قريبة لفلسطبن مستقلة وكاملة السيادة”.
تخللت حفل التكريم لحظات موسيقية وغنائية أدى خلالها الفنان رشيد شناني مقاطع من قصيدة “أنا لا أنا …أنا الأندلسي” للشاعر المحتفى به، يشار إلى أن حفل تسليم الوسام، الذي استهل بأداء النشيدين الوطنيين الفلسطيني والمغربي، حضره بالخصوص عدد من الشخصيات التي تنتمي لعوالم الثقافة والسياسة والديبلوماسية والإعلام.