قرار بدء المشاورات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان متغير هام يوسع أفق التداول بشأن تشكيل الأغلبية الحكومية المقبلة

ينطوي إعلان رئيس الحكومة المعين سعد الدين العثماني عن بدء مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة مع الاحزاب السياسية الممثلة في البرلمان حسب نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، على متغير هام من حيث المقاربة والمنهجية يوسع أفق التداول بشأن تشكيل الاغلبية الحكومية المقبلة.

هذه الخطوة جاءت بعد مضي أقل من 48 ساعة على التعيين الملكي للعثماني وتكليفه بتشكيل الحكومة، وساعات فقط على انعقاد المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذي زكى هذا التعيين، وأشاد بالحرص الملكي على احترام مقتضيات الدستور وتكريس الخيار الديمقراطي.

وقد أكد المجلس الوطني للحزب (أعلى هيئة تقريرية بعد الامانة العامة)، والذي التأم في دورة استثنائية أول أمس السبت، الحاجة الماسة للإسراع بتشكيل الحكومة استجابة للتوجيهات الملكية، مشددا على أن الحكومة الجديدة يتعين أن تتوفر فيها مواصفات “القوة والانسجام والفعالية مع مراعاة المقتضيات الدستورية والاختيار الديمقراطي والارادة الشعبية المعبر عنها خلال الانتخابات التشريعية الماضية، وأن تحظى بثقة جلالة الملك”.

والراجح ، وفقا للمتتبعين، أن تفتح المشاورات المرتقبة صفحة جديدة مع الأحزاب السياسية وتخفف من حدة التوتر الذي ساد جراء رفض الفرقاء السياسيين للعرض الذي كان تقدم به الرئيس المكلف السابق عبد الإله ابن كيران والقاضي بالاقتصار في تشكيل الحكومة على الاغلبية التي قادت التجربة الحكومية السابقة.

وتعزز هذا الطرح بمواقف الأحزاب السياسية المرحبة بتعيين العثماني بما في ذلك حزب الاصالة والمعاصرة الذي اختار التموقع في المعارضة بعيد ظهور نتائج انتخابات السابع من اكتوبر 2016، والذي سيجد نفسه في المرحلة الراهنة أول حزب يستقبله رئيس الحكومة المعين بوصفه المحتل للمرتبة الثانية من حيث النتائج.

ويعد هذا المعطى في حد ذاته، مؤشرا دالا على تحول كبير في المقاربة التي سيعتمدها رئيس الحكومة المعين في مشاوراته مع كل الاطراف.

وفي هذا السياق، أعرب إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عن متمنياته لرئيس الحكومة بالنجاح في مهمته والاسراع بتشكيل الحكومة تفاديا للتكلفة الكبيرة للتأخير على البلد”.

وبخصوص الموقف من المشاركة في الحكومة المقبلة، أكد العماري أنه سيتحدد بناء على طبيعة الموقف السياسي لرئيس الحكومة المكلف، مشددا على أن تصريف هذا الموقف سيتم من خلال أجهزة الحزب.

وعلاوة على كون القرار الذي أعلن عنه السيد العثماني يضع عمليا حدا لقطيعة سياسية مع حزب الأصالة والمعاصرة كرسها بشكل أوضح سلفه ابن كيران، فقد جدد الوصل بحزب الاستقلال المحتل للمرتبة الثالثة من حيث النتائج (46 مقعدا) وهو الذي شكلت مشاركته في الحكومة من عدمها عقبة كأداء في وجه المشاورات السابقة، زادتها تعقيدا تصريحات سياسية لأمينه العام مع ما استتبع ذلك من تداعيات وارتدادات باتت تهدد تماسك البناء الداخلي لحزب الميزان.

وبخصوص القراءة السياسية للمنهجية الجديدة التي قرر رئيس الحكومة المعين اعتمادها بخصوص المشاورات، ربط الاستاذ الجامعي ورئيس معهد الدراسات الاستراتيجية، طارق أتلاتي بين الاختلاف الحاصل في المقاربة والاختلاف في الشخصية المكلفة بتدبير المشاورات الحكومية. وأوضح الاستاذ الجامعي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء، أن السيد العثماني يريد أن يعطي انطباعا بأنه “رئيس حكومة للجميع ينتصر في المقام الاول للمصلحة الوطنية العليا”، غير أنه اعتبر أن النقطة الأساسية في هذا القرار، تتمثل في مدى تيسير حزب العدالة والتنمية نفسه لشروط التفاوض مع الفرقاء السياسيين، وبالتالي التعامل مع التفويض الذي منحه المجلس الوطني للحزب للأمانة العامة في ما يخص المشاورات “بروح ايجابية”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة