كتب إلياس العماري، الأمين العام لحزب الاصالة والمعاصرة، في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، أنه يحن إلى قريته الصغيرة التي ترعرع فيها.
وقال العماري في التدوينة ذاتها “في هذه الأيام كثيرا ما نقرأ في الفضاء الأزرق وفي المواقع والصحف عن خيانة شخص لحزبه أو للقرار الجماعي للحزب، أو تغيير المواقف والتراجع عن الالتزامات، أو خيانة أشخاص لبعضهم البعض في الأمور الحياتية العادية، أو الانقلاب على روابط الصداقة بمجرد قضاء المآرب الشخصية”.
وتابع العماري قائلا “وأنا أتابع وأقرأ بعضا من هذه القصص الواقعية، أستحضر القيم التي ترعرعت عليها في قريتي الصغيرة، قبل أن يقذف بي القدر إلى المدن الكبرى التي لاتعج فقط بالضجيج والأضواء، وإنما تنضح كذلك بالخيانات والنفاق”، مبرزا “في قبيلتي كان كل شيء يبنى على العهد، والعهد كان يربط بالكلمة، سواء في علاقة الفرد بالفرد، أو في علاقة الجماعة بالجماعة. لم تكن العهود والوعود تدون لدى القاضي أو الموثق أو العدل أو الفقيه أو العالم، بل حتى الشهود لم يكونوا ضروريين لإعطاء العهد أو تقديم الوعد”.
وأضاف العماري “بعد انصهاري في المدينة بدأت أشعر بأن الكلمة في عقد العهود والوعود فقدت القوة التي كانت لها في قريتي. وعندما وجدت مستقري في عاصمة المملكة، اكتشفت عالما آخرا، عالم الخداع والنفاق، وضجيج النميمة والغيبة، عالم تتعدد فيه وجوه الشخص الواحد، عالم تتبدل فيه شخصية الفرد من مجلس إلى مجلس، يتحدث في واحد لغة الرفاق، وفي آخر لغة الإخوان، وعرفت أن الشخص يمكن أن يعيش على أكثر من عهد في لحظة واحدة…والمصيبة أن هذه السلوكات لم يصب بها أفراد فقط، بل تحولت إلى سلوكات جماعية تكاد تكون مهيمنة في حركاتنا الحقوقية والثقافية والسياسية. فأصبحت أصادف في اليوم الواحد شخصا بأكثر من وجه”.
وأبرز الأمين العام لحزب الجرار قائلا “إن كنت أتفهم تغير خطابات السياسيين والنقابيين والمثقفين حسب تغير الفئات والشرائح التي يتوجه إليها الخطاب، وحسب مقتضيات الضرورة السياسية في التأطير والاستقطاب، أعتبر أنه من المخيف أن تنتشر عدوى انفصام الشخصية وانتشار الخيانة والنفاق في العلاقات الانسانية، بشكل يهدد نظام واستقرار هذه العلاقات، فأنا اقتنعت دائما بأن المجتمع في حاجة إلى فصل العلاقات الانسانية عن الاصطفافات الإيديولوجية والسياسية، فالإنسان إنسان بالدرجة الأولى، والروابط الإنسانية سابقة على العلاقات الايديولوجية والسياسية”.
وتابع “أكتب هذه التدوينة خارج سياق الحكومة، رغم أن الكثير من وجوهها لم تسلم من عدوى الانفصام. أكتبها لأن بعد تجربتي التي تجاوزت ثلاثين سنة في بعض المدن الكبرى، أدركت أنني أخطأت عندما صدقت العلامات البادية على بعض الوجوه، وعندما صدقت وعود الكثير من الأشخاص”.
وختم كلامه قائلا “اليوم أكتب، علني أجد فرصة كي أعود من حيث أتيت، إلى أعماق المغرب المنسي، حيث لا سلطة للمال ولا سلطة للسلطة، حيث البراءة والعيون الصافية والصادقة، وحيث الوجوه الطبيعية الخالية من المساحيق. أتمنى أن يسعفني الزمن يوما لأتلمس طريق العودة”.