أعادت لعبة خلط الأوراق التي قام بها معارضو حكومة العثماني بقيادة عبد الإله ابن كيران، واتهام بعض وزراء البيجيدي بـ”الخيانة”، طرح سؤال الثقة بين الدولة والحزب الأغلبي، وبخاصة علاقة الأخير مع القصر.
منتصر حمادة، مدير المركز المغربي الأقصى للدراسات والأبحاث، قال لـ”آخر ساعة” في عدد نهاية الأسبوع الحالي إن هناك أهدافا في المشروع الإخواني لكل من حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، وكذا المواقف والأحداث التي واكبت انتخابات 7 أكتوبر الماضي، وأن تسمية حكومة العثماني تضع سؤال الثقة بين مؤسسات الدولة والقصر وبين الحزب الأغلبي.
وأكد حمادة أن الإسلاميين المغاربة، المنخرطين في العمل السياسي، كسبوا جولة الانتخابات ولكنهم فشلوا في جولة كسب ثقة المجتمع والنخبة السياسية ومؤسسة القصر.
وقال الباحث، في هذا الصدد، إن “ما صدر عنهم أثناء الحملة الانتخابية لم يكن ليؤسس بشكل من الأشكال أجواء الثقة، إضافة إلى الإصرار على شيطنة وتشويه سمعة جميع المخالفين، بل وصل الأمر إلى فبركة أشرطة فيديو ضد السلطة، ووصل الأمر أيضاً إلى تعامل جزء كبير منهم مع الاستحقاق الانتخابي كما لو أنه يتم في الجاهلية، مع الاستشهاد بفتاوى من المشرق حول المشاركة السياسية في مجتمع جاهلي”.
وعدّد مدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، ثقوب جسر الثقة بين الجناح الراديكالي في الحزب الأغلبي وحركته الإخوانية، والدولة، بقوله: “عاينا أيضاً انخراط بعض أصوات المشروع الإسلامي الحركي في تهديد الدولة بالخروج إلى الشارع في حال عدم فوزه في الانتخابات، وغيرها من الإشارات التي لا يمكن أن تؤسس لأجواء الثقة”، مضيفا: “لذلك نرى أن نتيجة التشكيلة الحكومية تبقى نقطة إيجابية في الواقع، عند المشروع الإسلامي المعني، أخذاً بعين الاعتبار ما مرّره في الحملة الانتخابية، لأنه كان ممكناً أن تتطور الأمور لما هو أسوأ”.
ورصد الباحث المتخصص في الإسلام السياسي، أن هناك معطى آخر مؤرق مع المشروع الإسلامي الحركي، ويضم الحزب والحركة والنقابة والإعلام والكتائب الإلكترونية والقطاعات الطلابية والنسائية، وما إلى ذلك، وهي تنظيمات يشرح الباحث: “لازالت تشتغل بعقلية الاختراق، أي اختراق مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، والاشتغال في حينه بعقل التقية، أي لا يكشف عن طبيعة المرجعية الدينية شبه الطائفية التي ينتصر لها، والتي تخول له الاهتمام بقضايا المشرق وقضايا المشروع الإخواني أكبر من الاهتمام بقضايا الساحة”.
وخلص مدير المركز المغربي الأقصى للدراسات والأبحاث، الذي يوجد مقره بالرباط، إلى أن من ضمن النقاط المثيرة للجدل، والتي لا يمكن أن تؤسس لأجواء الثقة المطلوبة في عمل المؤسسات التي تنتصر لمشروع الوطن لا الأمة، هناك موضوع الارتباطات الإيديولوجية مع المشرق”.
ولفت منتصر حمادة النظر في هذا الصدد بقوله: “يكفي تأمل طبيعة الانتماء الإسلامي الحركي للعديد من الإعلاميين والباحثين المقيمين في قطر مثلاً، أو تأمل مواقف الداعية الإخواني أحمد الريسوني، الذي يُقيم هنا ويشتغل مع ما يصطلح عليه “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، وهو منظمة دعوية إخوانية، تابعة للإخوان المسلمين، وتابعة سياسيا وأمنياً واستراتيجياً لقطر وتركيا، وغيرها من المحددات التي لا يمكن بالمرة أن تؤسس لأجواء الثقة بين الإسلاميين المنخرطين في العمل السياسي والقصر تحديدا”.
وكان توديع عبد الإله ابن كيران كرسي رئاسة الحكومة، من داخل القصر الملكي بالرباط، بتوجيه رسائل خطيرة إلى جهات لم يسمها حينما قال، في ختام حفل تسليم السلط بينه وبين خلفه سعد الدين العثماني، “إن وزير الدولة الراحل عبد الله باها مات شهيد الواجب”، وهو ما خلف جدلا واسعا على غرار مواقف العديد من قادة الحزب الأغلبي وحركته الدعوية، المناوئة لحكومة العثماني، وأعاد من جديد سؤال الثقة بين حزب رئيس الحكومة ومؤسسات الدولة، ومنها مؤسسة القصر.