يفتتح الاتحاد الاشتراكي، اليوم السبت، بصفة رسمية، مؤتمره الوطني العاشر ببوزنيقة، في سياق مطبوع برغبة القيادة في تكريس خياراتها المرتكزة على إعادة الاعتبار للحزب، من خلال تعزيز تموقعه في الخريطة السياسية والانتخابية، حسب ما جاء في صحيفة “آخر ساعة” في عدد نهاية الأسبوع.
ومن المرتقب أن يعرف المؤتمر مشاركة ما يقرب 2000 مؤتمر، سينخرطون في مناقشة وثائق المؤتمر وانتخاب الكاتب الأول للحزب، وهي المهمة المحسومة للكاتب الأول الحالي، باعتباره المرشح الوحيد لهذه المهمة.
وقبل الشروع في أشغال المؤتمر التي انطلقت أمس الجمعة، وذلك بتقديم التقريرين الأدبي والمالي وانتخاب رئاسة المؤتمر ورؤساء ومقرري اللجن ولجنة فرز العضوية ولجنة البيان العام وكتابة المؤتمر والمصادقة على مسطرة انتخاب المجلس الوطني، حرصت قيادة الحزب على عقد لقاء مع المسؤولين الاتحاديين بالأقاليم، حيث ذكّر الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر، بالرهانات الأساسية المعلقة على المؤتمر وضرورة التعبئة من أجل إنجاح هاته المحطة.
وركز الكاتب الأول في كلمته على أهمية المؤتمر الوطني العاشر في تكريس الطابع المؤسساتي للحزب، مشيرا إلى أن مؤتمرات “الوردة” كانت تشكل دائما محطات رئيسية لجلب اهتمام الرأي العام الوطني، بالنظر إلى مكانة الحزب في المشهد السياسي الوطني.
وانتقد لشكر الأصوات الداعية إلى تأجيل المؤتمر، منبها في الوقت نفسه إلى أنه واع بالمرحلة الصعبة التي يجتازها الاتحاد الاشتراكي، والتي تتطلب تضافر جهود الاتحاديين والعمل الجماعي من أجل تجاوزها في إطار مؤسسات الحزب.
وأكد لشكر أن أزيد من 30 ألف اتحادية واتحادي انخرطوا بقوة في كل محطات التحضير للمؤتمر، وليس هناك ما يستوجب تأجيل المؤتمر، معتبرا أن الدعوة إلى تأجيل المؤتمر أسوأ إشارة يمكن إرسالها إلى متتبعي الشأن الاتحادي، وأكد على أهمية الالتزام بعقد مؤتمرات الحزب في آجالها احتراما لمؤسسات الحزب والتزام الحزب تجاه المناضلين.
وتواصلت التحضيرات للمؤتمر الوطني للحزب طيلة الشهور الماضية بوتيرة متسارعة، رغم انشغال الحزب بمسار المشاورات الحكومية وتشكيل الحكومة الجديدة. وطبع الإعداد لمحطة المؤتمر الانفتاح على كل الاتحاديين، و”سيتم خلال هاته المناسبة مناقشة الوثائق بروح من المسؤولية وفي إطار ممارسة النقد الذاتي، والتوجه نحو المستقبل”، بحسب مصادر قيادية تحدثت إلى “آخر ساعة”، مضيفة أن الكاتب الأول للحزب عزز موقعه، وسيدخل محطة المؤتمر من موقع قوة، رغم حملات التشويش التي تعرض لها الحزب قبل وبعد الإعلان عن تشكيل الحكومة، وما فجره من تداعيات ألقت بظلالها على الحزب، ورغم الأصوات التي ارتفعت من داخل المكتب السياسي للمطالبة بتأجيل موعد المؤتمر.
وكانت قيادة حزب الوردة قد سجلت، في وقت سابق، الطابع الإيجابي للمناقشات العميقة والغنية التي عبر فيها أعضاء اللجنة التحضيرية عن وجهة نظرهم، المختلفة والمتعددة، حول المشاريع الأولية بخصوص الوثيقتين التوجيهية والتنظيمية، في اللجنتين المخصصتين لذلك، وبعد عرض نتائج الأشغال على اللجنتين التحضيرية والإدارية والمجلس الوطني، في اجتماع فاتح أبريل ببوزنيقة، تمت المصادقة بالإجماع على مختلف القضايا والنقاط الواردة في مشروع المقررين التوجيهي والتنظيمي.
والتزمت قيادة الحزب بعقد المؤتمر في آجاله القانونية، وفقا لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب، التي تنص على أنه يتعين على كل حزب سياسي أن يعقد مؤتمره الوطني على الأقل مرة كل أربع سنوات، وفي حالة عدم عقده خلال هذه المدة يفقد حقه في الاستفادة من التمويل العمومي. وكان حزب الوردة قد عقد مؤتمره الوطني التاسع في دجنبر 2012، والذي أسفر عن انتخاب إدريس لشكر كاتبا أول للحزب خلفا لعبد الواحد الراضي.
ويتطلع الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إلى استكمال عملية إعادة بناء الحزب وتحصينه من المشاكل التي أعاقت لفترة طويلة تطوره، أبرزها الانشقاقات التي عانى منها في مساره التاريخي، والتي أسهمت في إضعافه وتراجع حجمه السياسي والانتخابي.
ووضع لشكر ضمن أولوياته خلال الأربع سنوات الماضية إعادة الاعتبار للحزب، والعمل على تقويته، إذ بادر في هذا الإطار إلى لم شمل الاتحاديين، ونجح نسبيا في ذلك بعد عودة الذين كانوا منضوين في إطار الحزب العمالي والحزب الاشتراكي.
وعرف الاتحاد خلال الأربع سنوات الماضية خلافات داخلية كادت تعصف به، مع بروز تيار تزعمه الراحل أحمد الزايدي، قبل أن يتكتل حول علي اليازغي نجل القيادي التاريخي للحزب محمد اليازغي، الذي بادر إلى تأسيس حزب جديد (البديل الديمقراطي) لم يكتب له أن يرى النور. وانعكس خروج عناصر اتحادية من الحزب، ضمنهم برلمانيين، على تموقعه في الانتخابات التشريعية التي جرت في 7 أكتوبر الماضي، إذ لم يحصد سوى 20 مقعدا، من ضمنها 14 مقعدا برسم الدوائر الانتخابية المحلية. ورغم هده النتائج التراجعية، حافظ إدريس لشكر على بعض من قوة الحزب، ونجح في فرضه معادلة أساسية خلال المشاورات الحكومية الأخيرة، إذ تم انتخاب الحبيب المالكي رئيسا جديدا لمجلس النواب، ثالث منصب في هرم السلطة.
وكان أعضاء في المكتب السياسي، وعددهم عشرة، قد انتقدوا في خرجات إعلامية المنهجية التي اعتمدت في التحضير للمؤتمر العاشر، معتبرين أنها “لا تستجيب لتطلعات الاتحاديين والاتحاديات في جعل المؤتمر محطة لتقويم الاختلالات العميقة التي تعيق انبعاث الفكرة والأداة الكفيلتين بردم الهوة التي تفصل الحزب عن المجتمع”.
كما طالب هؤلاء، في بلاغ أصدروه في وقت سابق، بضرورة إعادة النظر في منهجية التهييء لمشاريع مقررات المؤتمر “التي ستؤدي إلى التضييق على مبدأ الاختيار الديمقراطي الحر للاتحاديات والاتحاديين في لحظة فارقة في مسار حزب الوردة”.