كان الكاتب الإسباني، خوان غويتيسولو، الذي توفي مساء أمس السبت في مراكش عن عمر ناهز ال86، واحدا من أشد المدافعين عن التنوع كمصدر للثراء والتقدم، لاسيما الثقافي والمجتمعي، رغم أن ذلك عرضه للانتقاد في إحدى الفترات ببلده، إسبانيا.
وأكن غويتيسولو طوال حياته، شغفا بل وإعجابا بالمغرب، لاسيما مدينتي طنجة ومراكش، إلى حد أنه قرر الاستقرار نهائيا منذ تسعينيات القرن الماضي بالمدينة الحمراء، التي شكلت بالنسبة له رمزا للتنوع والتمازج والتلاقح الثقافي.
ودفعه حبه لمدينة سبعة رجال لإطلاق، إلى جانب مثقفين مغاربة آخرين، مبادرة ترشيح ساحة جامع الفنا ك”تراثا ثقافيا لا ماديا للإنسانية”، وهو ما سيتأتى إثر تصنيف اليونسكو لهذا الساحة كذلك في سنة 2001.
ولعب الراحل، الذي كان رمزا للحوار والتحالف بين الحضارات، دوره كصلة وصل بين ضفتي المضيق حتى آخر أيامه، كما أن غويتيسولو، المتخصص في العالم العربي وعرف به من خلال أعماله، كان يعتبر نفسه مواطنا عالميا وجسرا بين الشرق والغرب.
وإلى جانب دفاعه عن قيم التقاسم والتبادل والتفاعل الثقافي، فإن هذا الكاتب والروائي الإسباني، كان يعد واحدا من الكتاب الأكثر التزاما في عصره، خاصة لصالح حقوق الإنسان، وقد اعترف له باستقلاليته المعنوية والفكرية في الحقل الأدبي.
ويعد خوان غويتيسولو، الذي ازداد سنة 1931 ببرشلونة، واستقر في مراكش منذ سنوات، واحدا من الكتاب الإسبان الأكثر شهرة خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
كما أن هذا الكاتب والروائي، الذي انحدر من عائلة أرستقراطية، كان مثقفا معارضا لفرانكو، فقد سجن والده على يد الجمهوريين خلال الحرب الأهلية الإسبانية، فيما قتلت والدته في غارة لفرانكو على برشلونة سنة 1938.
استقر الراحل بباريس في سنة 1956، حيث اشتغل في دار غاليمار، وبين سنتي 1969 و1975 درس الأدب بجامعات كاليفورنيا وبوسطن ونيويورك، وساعدته نظرته النقدية في بناء فكر وأسلوب أصيلين، كما تبني موقفا سياسيا أصيلا تجاه النظام العالمي الجديد في أواخر القرن الماضي.
لغويتيسولو نحو خمسة عشر عملا في الرواية وأجناس أدبية أخرى، وقد توج سنة 1985 بجائزة أورولاليا عن مجموع مؤلفاته، وفي سنة 2002 حصل على جائزة أوكتافيو باز، وجائزة خوان رولفو للأدب الأمريكي اللاتيني ومنطقة بحر الكاريبي (2004)، ثم جائزة ثربانتيس المرموقة (2014).