أخيرا وصلنا إلى محمد الاعرج، وزير الثقافة والاتصال، بعد محاولات عدة متكررة نظرا لانشغالاته الكثيرة وتنقلاته بين الوزارتين وكذا أسفاره ضمن مهامه الوزارية لحضور التظاهرات الثقافية والفنية والإعلامية والبرلمانية أيضا.
أردنا أن تُتوج المقالات التي تطرقنا فيها لفضائح مدير أول مؤسسة تعليمية عمومية لمهن السينما بالمغرب بإجراء حوار يضيء فيه الوزير هذا المعهد والمرتبطين به، لذا اقتصرنا في هذا الحوار على نقطة واحدة مهمة ومستعجلة تهم مستقبل أبناء وبنات هذا الوطن الذين اختاروا دراسة السينما، كما تهم أيضا مستقبل هذه المهنة الإبداعية التي تعاني من التشويه في هذا المعهد (أنظر النصوص السابقة في الشهر الماضي بموقع “إحاطة” وفي صحف أخرى في السنة الماضية).
- ماذا يجري ب “المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما”؟
توجد حاليا مسطرة فتح ملفات الترشيح لمنصب مدير المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما وفق الإجراءات والمساطير القانونية، وأجل محدد لوضع الترشيحات. ونسعى حاليا لتشكيل لجنة مختصة التي ستكون لها كامل الصلاحية والكفاءة لاختيار أحد المرشحين كمدير للمعهد وفق المساطير القانونية.
- هل أنتم على علم بالمشاكل التي يتخبط فيها المعهد منذ إنشائه إلى حدود اليوم؟
أي نوع من المشاكل؟
- المعهد مشاكل غزيرة، فمثلا تم تسجيل الطلبة ولم يكن المعهد موجودا كبناية حيث كان الطلبة عبارة عن رُحل بين مؤسسات أخرى التي قد تقبلهم في ساعات محددة في أوقات فراغها، وكذا غياب أي توجيه بيداغوجي ومهني مما أدى بمجموعة كبيرة من الطلبة المسجلين حينها في الفوج الأول مثلا مغادرة المعهد بحثا عن فضاء سليم للدراسة
لم ينهوا دراستهم بالمعهد؟
- لا، لأنهم عاشوا ارتباكا بسبب غياب كل شيء والفراغ في المحتوى والفوضى في أعلى درجاتها فخافوا على مستقبلهم بعد اكتشافهم بأنه مجرد “معهد الوهم”.
إن معلوماتي الحالية هي أن هناك صراعا بين الأساتذة والمدير الذي مازال يمارس مهامه في هذه الفترة الانتقالية. وقد أطلعت على المذكرة ومطالب الأساتذة الذين حضروا إلى الوزارة وأخذت بعين الاعتبار بعضها، واستمعت كذلك إلى مدير المعهد فيما يتعلق بالشكاية التي توصلت بها من طرف الأساتذة. وقد طلبت من المدير إعداد تقرير بخصوص ما ورد في شكاية الأساتذة وأنتظر منه جوابا وفق المراسلة الإدارية التي أرسلتها له. وأضيف لك فيما يخص التدبير الإداري بأن هناك بعض المناصب الإدارية غير موجودة في المعهد لحد الآن. ولكن نسعى لفتح الترشيحات بهدف ملء تلك المناصب الشاغرة وفق المساطير القانونية.
- الطلبة بدورهم عانوا الكثير في هذا المعهد كما سبق لي أن قلت فخاضوا نضالات وإضرابات ووقفات احتجاجية في السنوات الماضية
أنا لا علم لي بها إذ بدأت في ممارسة مهامي حوالي ثلاثة أشهر وبالتالي لم أتوصل بعد بأي طلبات أو شكايات من طرف الطلبة الذين يدرسون في المعهد. وإذا كانت هناك شكايات من لدن الطلبة فإنني لم أطلع عليها إلى حد الآن. أنا على أتم الاستعداد لاستقبال الطلبة وأوليائهم للنظر فيها، يكفي أن يطلبوا موعدا لنستمع إليهم، ونحن في الوزارة، هدفنا هو أن نعطي للمعهد قيمته النوعية باعتبار أن تخصصه هو من التخصصات المهمة في مجال التكوين السينمائي وبالتالي فهو من المؤسسات التي نعتز بها في بلادنا، ونحن مستعدون كمؤسسة الوزير للاستماع للطلبة وأوليائهم، وكذلك للأساتذة والعاملين في المعهد.
- يستحسن الاستماع إلى سينمائيين ومهنيين أيضا …
بطبيعة الحال خصوصا أننا سنحدث معهدا عاليا للدراسات الاستراتيجية في السينما.. لنا حاليا استراتيجية فيما يتعلق بسنة 2018، ومقاربة جديدة في التعامل مع هذه المؤسسة، ومن أهم المقاربات هو انشاء وإحداث معهد عالي للدراسات الاستراتيجية في مجال الإخراج والسيناريو والسينما. وبالتالي فنحن نعكف على دراسة إحداث هذا المعهد على مستوى التكوينات وعلى مستوى التخصصات، ونعتقد أن هذا المعهد العالي للدراسات الاستراتيجية في مجال السيناريو والإخراج والسينما سيكون لبنة من لبنات الأساسية للدفع بهذا المجال المتألق والذي أعني به طبعا السمعي البصري السينمائي، وبالتالي ستكون لدينا أيضا في هذا الإطار مقاربة وتعامل جديد مع المركز السينمائي المغربي باعتباره مؤسسة عمومية، إذ نشتغل حاليا على مشروع قانون جديد يواكب تطور هذه المؤسسة السينمائية والذي ستكون له مقاربة جديدة بالتعامل مع هذه المعاهد السينمائية التي نتصورها ستكون مهمة خصوصا أن المغرب يعرف مجموعة من المهرجانات لها صيت عالمي كالمهرجان الدولي للسينما بمراكش، المهرجان الوطني بطنجة والمهرجان المتوسطي بتطوان ومهران السينما الإفريقية بخريبكة وبالتالي لابد من مواكبة هذه المهرجانات من خلال إحداث بنيات أساسية ترافق التكوين في الدراسات العليا في القطاع السمعي البصري والسينما.
- يتضمن بلاغ وزارة الاتصال للترشيح لمدير المعهد نقطة تشير بأن على أي مرشح أن يتقدم بمشروع يصلح لمدة 4 سنوات…
طبعا، التعيين في المناصب السامية لابد أن يكون لصاحبه مشروعا
- تماما، إننا متفقون، وأنتم سيادة الوزير من أهم رجالات القانون…
أستاذ جامعي وسبق لي أن كنت في مجموعة من لجن الترشيحات واختيار عمداء الكليات، واختيار بعض الأشخاص في مناصب المسؤولية ولذلك فإن كل مرشح لابد أن تستوفي فيه مجموعة من الشروط ومن أهم الشروط أن يكون له مشروع يرتبط بتطوير هذه المؤسسة العمومية. وبالتالي ندرس تلك الملفات ونبرز منها التي تحتوي على مشروع متكامل ومندمج ورؤية واضحة حول الإشكاليات المرتبطة بالمعهد وكيف يمكن أن تتجاوز تلك الإشكاليات وكيف يمكن تطويرها سعيا إلى إيجاد مؤسسة لها مكانة متميزة في الفضاء العلمي المغربي خصوصا في مجال تخصص كالسينما.
- وباعتباركم رجل قانون فإن سؤالي محدد، كيف للمدير الحالي أن يترشح لإدارة المعهد من جديد رغم أنه هو السبب الرئيسي في فشل تلك المؤسسة، وأكثر من هذا أنه لم يبق له سوى سنتين للتقاعد وأنتم أعلنتم وأكدتم الآن بأن على المرشح أن يكون له مشروعا لمدة 4 سنوات؟
أنا مسؤوليتي مرتبطة بتعيين أعضاء اللجنة التي ستبث في ملفات الترشيح، وهذا التخصص مرتبط باللجنة. ونحن سنسعى أن تكون اللجنة مكونة من كفاءات عالية ومشهود لها بالنزاهة والحياد وبالتالي هذه من النقط التي ينبغي للجنة أن تبث فيها. أنا من الأشخاص الذين يعطون المسؤولية للجن لكي تتحمل مسؤوليتها فيما يتعلق بمختلف النقط. وأعتقد أن اللجنة ستبث أيضا في مجموعة من الشروط إن كانت متوفرة أم لا في المرشحين. وأعتقد أن هذا من صلاحيات اللجنة وليس من صلاحيات الوزير.
- وهل تفكرون، اعتمادا على مطالب الأستاذة التي رفعوها في شعاراتهم وسطروها في بيانتهم، القيام بافتحاص مالي وإداري في المعهد لكي يولد من جديد في الموسم القادم؟
لابد من التسجيل أن المغرب له العديد من المؤسسات التي تشتغل وفق مقتضيات قانونية محددة، هناك المجلس الأعلى للحسابات يقوم بمهامه، هناك المفتشية العامة للمالية تقوم بمهامها أيضا، وإذا اقتضى الحال حتى مفتشية الوزارة لها صلاحيات التي يمكن أن توظفها عند الضرورة. وبما أنه لم تصلني لحد الآن بكون المشكل بين المدير والأساتذة يرتكز على المالية ولم تُثر مثل هذه شكايات التي تتعلق بالمالية لا يمكنني التدخل …
- … مشار إليها سيدي في لائحة مطالب الأساتذة وفي بيانهم وكذا مكتوبة بالبنط العريض على إحدى لافتاتهم .. والبيان منشور بكامله في موقع “إحاطة” وبالصور، وأنتم بدون شك توصلتم ببلاغ الأساتذة
أنا أنتظر جواب وتقرير السيد المدير على جميع النقط الواردة في شكاية الأساتذة وكل نقطة على حدة. وبناء على أجوبته في هذا الأسبوع سنتخذ الإجراءات اللاحقة بعد ذلك، ولي جميع الصلاحيات التي نراها مناسبة لأن ما نسعى إليه دائما هي الحكامة، هي الشفافية، هي الموضوعية، هي النزاهة وبالتالي كل مخالفة للقانون بين يدي تترتب عليها مجموعة من الآثار القانونية، هذا ما نُدَرِّسُه كأساتذة في كليات الحقوق.
أنا لا يمكنني أن أحكم حاليا إذا لم يكن بين يدي التقرير الذي أنتظره من السيد المدير وعلى ضوئه نرسم الإجراءات المستقبلية فيما يتعلق بهذه المؤسسة.