تشد العديد من الأسر المغربية المقيمة في الولايات المتحدة الامريكية، وتحديدا بمنطقة واشنطن الكبرى، الرحال بمناسبة عيد الاضحى، إلى الضيعات المنتشرة في منطقة فرجينيا وضواحيها، بحثا عن أجواء تحاكي طقوس إحياء المغاربة لهذه الشعيرة الدينية، والتي تفتقدها هذه الأسر في ديار الغربة.
ويحرص أفراد الجالية المغربية بهذه الربوع على استمرارية هذا التقليد السنوي الذي يتجدد فيه الوصل مع عادات مغربية أصيلة، ويشكل فرصة للتلاقي وتوطيد اللحمة بين الأسر، وكذا، وهو الأهم، الإبقاء على جذوة الارتباط بالوطن متقدة من خلال صون موروثه ونقله الى الاجيال الصاعدة.
فباقتراب حلول “العيد الكبير” كما يحلو للمغاربة تسميته، تنخرط ربات الأسر المغربية المهاجرة في الاستعداد لهذه المناسبة الدينية باقتناء مختلف مستلزمات الاضخية من توابل وبهارات وأداوت المطبح المختلفة، فيما ينصرفالرجال في مجموعات للبحث عن الضعية المناسبة لتمضية يوم العيد من حيث الموقع والمرافق والشروط المتوفرة سواء لأداء الصلاة أو نحر الاضحية وتوضيبها، أو تناول الاطباق التي يتم اعدادها في عين المكان.
وفي هذا السياق، دأبت إحدى الجمعيات المغربية النشيطة “جمعية أمانة” التي تأسست قبل نحو عقدين، على تنظيم عملية الاحتفال بعيد الاضحى بتنسيق مع الأسر المغربية، بدءا بتوفير الاضاحي وتحديد الضيعة المناسبة لإقامة هذه الشعيرة الدينية، فضلا عن تيسير تنقل الاسر في إطار من التكافل بين افراد الجالية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء، قال رئيس الجمعية، ابراهيم نشيق، الذي يقيم في الولايات المتحدة منذ نحو عقدين، إن الاسر المغربية “ماتزال متشبثة بالاحتفال بعيد الاضحى طبقا للتقاليد المغربية المتوراثة جيلا عن جيل، وبنقلها الى الابناء كعربون اعتزاز بالهوية المغربية المتعددة الروافد”.
وأبرز رئيس الجمعية أن الاحتفال الجماعي لأفراد الجالية بعيد الاضحى، الذي ستقيمه الجمعية هده السنة بضيعة “ستوني” بمدينة بورش فيل (ضواحي واشنطن)، يعد مناسبة كذلك لإبراز قيم التضامن والتعاضد التي جبل عليها المغاربة، وتقديم صورة حضارية عن البلد الأم للجاليات المسلمة التي تشاطر الأسر المغربية احتفالها بهذه المناسبة الدينية.
وذكر نشيق أن بعض الولايات الامريكية تسمح لأبناء الجالية المغربيةالمتمدرسين بالاستفادة من يوم إجازة بمناسبة عيد الاضحى وكذلك الامر بالنسبة للعمال المهاجرين الذين يتفرغون خلال هذا اليوم لاقامة هذه الشعيرة.
وأكد رئيس الجمعية أن هذه المناسبة الدينية “تنطوي على مغزى عميق يتمثل في كون الانصهار في مجتمع بلد الاستقبال لا يعني بأي حال من الاحوال التفريط في حس الانتماء الى الوطن والحفاظ على الخصوصية الهوياتية” .
بدوره ، سجل حسن السغموني، وهو فاعل في المجال السياحي مقيم بالولاياتالمتحدة الامريكية منذ ثلاثة عقود، أن ما يحفز أفراد الجالية على الاحتفال بعيد الاصحى داخل إحدى الضيعات، هي “الاجواء الحميمية التي تعيد الى الأدهان ذكريات العيد في البلد الام، وتخفف من وطأة الاحساس بالغربة، كما تتيح فسحة للخروج من دوامة المشاغل اليومية”.
وأوضح السغموني، في تصريح مماثل، أن أفراد الجالية المغربية الذين يتعذر عليهم التنقل الى الضيعات يظل البديل المتاح أمامهم هو اقتناء الاضحية من أحد محلات الجزارة التي تتكفل بعملية النحر وتوضيب الاضحية ونقلها.
من جهته، أكد ادريس الراوي، المقيم في الولايات المتحدة منذ 19 سنة، حرصه على إحياء العيد رفقة العديد من الاسر المغربية في احتفال جماعي “يحيي الوصل مع تقاليد البلد”، غير أنه لاحظ أن أسعار الاضاحي أخذت منحى تصاعديا مع تعاقب السنوات، وكذلك الامر بالنسبة لتكاليف استغلال فضاءات الضيعات بهذه المناسبة الدينية.
وشدد الرواي ( عامل بأحد المطاعم) على أن هذا الامر لم يثن الجالية المغربية عن الاحتفال بالعيد الذي يعد فضلا عن بعده الديني “مناسبة للتلاقي بين الأسر وتفقد أحوال بعضها البعض وكسب صداقات جديدة”.