لم يخطر يوما ببال لطيفة أحلامي، عسكرية سابقة بالقوات المسلحة الملكية، والتي وقعت ضحية لعملية نصب من قبل وكالة أسفار مزيفة، أن يتحول حلمها بأداء مناسك الحج إلى كابوس يقض مضجعها.
لم تتردد السيدة لطيفة، التي سبق لها أن زارت الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة سنة 2016 مع وكالة الأسفار ذاتها، في قبول دعوة مسيري الوكالة للذهاب هذه المرة معهم لأداء مناسك الحج، في إطار المساعدة الإدارية “تأشيرة المجاملة”.
وتحكي الضحية في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء “كانت فرحتي غامرة برؤية إحدى أغلى أمنياتي تتحقق. دفعت في الوهلة الأولى 40 ألف درهم، نصف المبلغ المطلوب، مقابل توصيل أداء”، مضيفة أنه بعد شهرين اتصلت بها الوكالة مطالبة إياها بمبلغ 40 ألف درهم المتبقي.
وأضافت “بما أنني أثق ثقة عمياء في مسيري الوكالة، بالنظر إلى أن سفري السابق معهم إلى العمرة تم بدون مشاكل، استبعدت كل الشكوك في مصداقيتهم، حتى عندما طلبوا مني دفع بقية المبلغ في حساب بنكي آخر”.
وتابعت أحلامي “انتظرت طويلا أن يتصل بي مسؤولو الوكالة قبل موعد الحج، لكن دون جدوى، لذلك قررت الاتصال بهم”، مضيفة أن “ردهم انصب في البداية على أن تأشيرتي غير جاهزة، قبل أن يتغير خطابهم أياما بعد ذلك ويؤكدوا لي أنهم غير معنيين بهذا الامر”.
لم تقو لطيفة، التي تعاني من مرض السرطان، على هذه الصدمة، لاسيما وأن مبلغ 80 ألف درهم الذي دفعته للوكالة ليس إلا تأمينها عن المرض، وهو ما أثر سلبا على وضعها الصحي الذي بدأ يتدهور يوما عن يوم.
طرقت العديد من الأبواب، تقول لطيفة، بنبرة حزينة، حتى باب وكيل الملك على أمل التوصل إلى حل لمشكلتي، التي قضت مضجعي.
ومن جانبه، قرر المهدي بناصر، وهو موظف بوزارة المالية، أن ينخرط في رحلة سفر إلى أوروبا بعد عدة أشهر من العمل المتواصل، قبل أن تتبخر أحلامه بسبب وعود كاذبة لوكالة أسفار أخرى لجشعها في الربح السهل والسريع.
وبالنسبة لبناصر، فإن خدمات هذه الوكالة، التي يوجد مقرها بمدينة القنيطرة “ضعيفة للغاية”، خصوصا وسائل النقل التي لا تستجيب لمعايير السلامة ، والفندق الذي لم يكن في المستوى المطلوب، علاوة على إلغاء الكثير من الزيارات للعديد من المآثر التاريخية، التي كانت مبرمحة في الرحلة.
وانتظر بناصر نهاية الرحلة ليتقدم باحتجاج لدى الوكالة على نوعية الخدمات المتردية، ليفاجأ بالرد العنيف لمديرها الذي حاول مصادرة جواز سفره، قبل التهجم عليه بالضرب.
وقال هذا الشاب، الذي لا يزال يضع ضمادة على عينه اليسرى، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “عندما أخبرته بعدم احترام وكالته للبرنامج المسطر للرحلة، وكذا نوعية الخدمات المقدمة مقارنة مع المبلغ المطلوب، امتنع مدير الوكالة عن الإصغاء، لأجد نفسي بعد ذلك في قسم المستعجلات”.
ومن جهتهم، أعرب عدد من مسؤولي وكالات الأسفار بجهة الرباط سلا القنيطرة، خلال لقاء صحافي حول موضوع “وكالة الأسفار بين النصب ووكلاء الأسفار المزيفين وسلبية الوزارة الوصية”، عن الأسف لكون مهنة وكيل الأسفار أضحت مجالا خصبا لعدد من ممارسات النصب المشينة بكافة أشكالها، طمعا في الربح السهل و”دون حسيب ولا رقيب”.
وأبرز المسؤولون أن الارتفاع المقلق في عدد عمليات النصب والاحتيال التي راح ضحيتها الحجاج والمعتمرون وزبناء الرحلات المنظمة، يضر بشكل كبير بصورة وكالات الأسفار وأيضا بالسياحة الوطنية، داعين إلى مكافحة وكالات الأسفار المزيفة، التي غالبا ما تكون ضالعة في عمليات الاحتيال.
يذكر أن وزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي أعلنت أمس الاثنين في بيان لها أن تحقيقا معمقا يجري حاليا لتحديد مسؤوليات وكالات الأسفار في حادث تنظيمي ذي صلة بظروف إيواء بعض حجاج بيت الله الحرام، مؤكدة أنه سيتم اتخاذ العقوبات اللازمة بشكل سريع وحازم في حق الوكالات التي قد تكون أخلت بالتزاماتها.