حسب تقرير بنك المغرب الأخير عن المديونية، فإن الدين العمومي برمته (بما فيه دين الخزينة ودين المؤسسات العمومية والديون الخاصة المضمونة من طرف الدولة) يصل إلى 750 مليار درهم أي 81 % من الناتج الداخلي الخام، الشيء الذي يعد تنبيها قويا من المؤسسة موجه للحكومة ولوزارة المالية تحديدا، مما خلق نوعا من التوتر بين الوزير بوسعيد ووالي بنك المغرب الجواهري.
ولاحظ عدد من أطر التفتيش المالي، أن التقرير يشير ضمنيا إلى تفاقم المديونية منذ تولي بوسعيد قيادة وزارة المالية، حيث اقترض المغرب في عهده حوالي 70 مليار درهم إضافية خصصها الوزير لتمويل مخطط المغرب الأخضر الذي يلتهم 17 مليار درهم سنويا دون نتائج كبرى تذكر، من ناحية القيمة التصديرية أو فيما يخص الرفع من الإنتاجية التي تبقى متدنية، وهو القطاع الذي يشرف عليه زعيم حزبه التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش.
أخنوش أيضأ لجأ إلى المديونية بواسطة وزارة الفلاحة عندما اقترض هذا العام 88 مليون دولار بفوائد، حيث منح البنك الإفريقي للتنمية المغرب قرضا بقيمة 88 مليون دولار لتمويل السقي الاصطناعي الفلاحات الكبرى أي موجه للبورجوازية الفلاحية الجديدة، بدل دعم فلاحات المزارعين الصغار.
مولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة أيضا اقترض هذه السنة مبلغ 200 مليون دولار من البنك نفسه، لدعم التصنيع موجه لبورحوازية الصناعات الكبيرة بالمغرب.
كما يلاحظ أيضا أن بوسعيد استعمل المديونية لتمويل مخطط الإقلاع الصناعي الذي يشرف عليه زميله في الحزب مولاي حفيظ العلمي، والذي هو فقط عبارة عن ريع صناعي جديد تعطى فيه تسهيلات ضخمة لمصانع تنتج في المغرب وتصدر للخارج وتلتهم العملة الصعبة دون أدنى تأثير على التشغيل وعلى القاعدة الصناعية المغربية، مع العلم أن الصناعة المغربية تفقد ما بين 30 ألف و60 ألف منصب شغل منذ دخول وزراء الأحرار حكومة بنكيران.
كل هذا يرى الخبراء أنه حدث في وقت عرف فيه الاقتصاد المغربي ركودا منذ 2013، وأنه ليس هناك بوادر للإقلاع في المستقبل القريب.
وعلق مختصون في مادة المديونية، أن “سياسة بوسعيد والأحرار فاشلة اقتصاديا”، وستجعل المغاربة يؤدون 3 مليارات درهما شهريا لتسديد الديون، وستؤدي إلى تفاقم عجز الميزانية (رغم أن بوسعيد قطع وعدا مع صندوق النقد الدولي لخفض العجز إلى 2 % في أفق 2021)، كما سينتج عنها تفاقما للبطالة نظرا لتسريح العمال من قطاع النسيج والبناء، وارتفاع الدعم للفلاحين الكبار عبر مشروع المخطط الأخضر على حساب صغار الفلاحين، إضافة إلى وعدم الاستثمار في القطاعات الخالقة للثروك مثل الخدمات والتكنولوجيا والسياحة والتجارة وغيرها. وبذلك فإن بوسعيد لم يبدع حلول جديدة منتجة لجبايات وضرائب جديدة على المستثمرين الكبار من شأنها تمويل المشاريع.
سياسة بوسعيد في الاقتراض المتزايدة، كحل سهل غير مكلف سياسيا أمام ضعف البرلمان والمجتمع من ناحية مراقبة هذا الجانب التقني من إدارة الدولة، ستؤدي بالمغرب في غضون عشر سنوات إلى أن تصل ديونه مائة بالمائة من ناتجه الداخلي الخام والذي هو أصلا في حالة انكماش، وإلى وضع المغرب في مستوى من المديونية والعجز والركود لم تشهد البلاد مثله منذ بدايات ثمانينات القرن الماضي، زمن التقويم الهيكلي حسب رأي الخبراء.
وخلص عدد من المهتمين إلى أن هذا كله يعزز فرضية خدمة وزراء الأحرار لفئة اقتصادية معينة، وللوبي تجاري صناعي قوي يتحكم في قرارات الحكومة.