عام على مقتل سمّاك الحسيمة فكري .. مأساة ما تزال تُشعل الغضب

بعد عام على الوفاة المأساوية لسمّاك الحسيمة محسن فكري يقول شقيقه عماد إن التحقيق لم يكن شفافا ونزيهاً كما وُعدوا بذلك معتبراً أن أخاه ذهب ضحية “فساد إداري مازال مستشرياً”. DW تسلط الضوء على أوضاع الأسرة المكلومة وقضيتها.
بعد مرور عام على وفاة بائع السمك، محسن فكري، في مدينة الحسيمة، ومصرَعه مسحوقاً بطريقة مأساوية في شاحنة لشفط النفايات بعد محاولته استعادة أسماكه التي صادرتها السلطات المحلية منه، تعود الذاكرة بعائلة “شهيد لقمة العيش”، كما اشتُهِر فيما بعد، بكثير من الأسى والحزن، إلى وقائع وفاة ابنها محسن ذات ليلة من ليالي أكتوبر 2016.

مياهٌ كثيرة جَرَتْ تحت الجسر الرابط بين منطقة الريف والعاصمة الرباط، ومحطاتٌ حاسمة عرفها مسار القضية التي تحوّلت مع مرور الأسابيع والشهور إلى قضية رأي عام وطني، بل تخطّت حدود المغرب لتصير حديث وسائل إعلام دولية.
بيدَ أن عائلة محسن فكري، الذي أطلقت الاحتجاجات حول وفاته ما عُرف إعلامياً بـ”حراك الريف”، طالما ظلت على الهامش، خاصة بعد إصدار أحكام قضائية في حق 11 متهماً في واقعة وفاة بائع السمك، وأخذ الاحتجاجات لأبعاد أخرى وصلت حدَّ الإطاحة بوزراء في الحكومة إثر تحقيق حول أسباب تعثر تنفيذ مشاريع تنموية كان قد دشنها الملك محمد السادس بالحسيمة عام 2015.

“أخي ذهبَ ضحيّة فساد إداري”

“أخي رحمه الله، وباختصار شديد، راحَ ضحية فساد إداري، وحتى ملف وفاته بالمحكمة شابَتْهُ تناقضاتٌ كثيرة أثناء أطوار محاكمة المتهمين”، بهذه العبارة استهلّ عماد فكري، شقيق الراحل محسن، حديثه لـ DW عربية، وهو يروي بأسىً كبير كيف أنه فقد الأمل في ما سيؤول إليه ملف محاكمة المتهمين في قضية مقتل أخيه، معتبراً أنه لا ينتظرُ شيئاً كبيراً من القضاء يعيد الاعتبار لعائلة الراحل بعد عام من وفاته.

وأضاف عماد فكري أن “قضية الحراك الذي  شهدته منطقة الريف بعد وفاة شقيقه الجوهرية تبقى هي قضية الشهيد محسن، والنفس البشرية عزيزة عند الله”، داعياً في الوقت ذاته الدولة، وبدَل إجراء تحقيق شكلي، إلى النفاذ لجوهر المشاكل التي يعاني منها سكان المنطقة، وهو الفساد الإداري خاصة المستشري في قطاع الصيد البحري والذي ذهب محسن ضحية لحساباته.
“سألتُ مسؤولاً عن مصلحة الدولة في عدم إجراء تحقيق شفاف ونزيه ومعمق يصل إلى المتورطين الحقيقيين، كما وَعَدنا الوفد الوزاري الذي زار الحسيمة بعد وفاة أخي”، يقول شقيق فكري، الذي أكد أن “المشاكل الحقيقية في قطاع الصيد البحري، خاصة ما يعاني منه البحَّارة البسطاء، لم يتم التطرق إليها فيما بعد”.

عماد فكري كشف، في حديث مع DW عربية، أنه تقدم شخصياً بطلب إلى قاضي التحقيق أثناء مراحل إجراء التحقيق في ظروف وفاة أخيه، يقضي بتوسيع دائرة التحقيقات “بكل نزاهة وشفافية قصد الوصول لحقائق غير تلك التي توصَّل إليها التحقيق” الذي فُتح بعد واقعة “طحن” محسن فكري، لكنه لم يتوصل بأي جواب إلى غاية اليوم.
شقيق فكري، شدّد على أهمية الحوار كحلًّ لأزمة الريف، مسترسلِاً في الحديث عن مسار الحراك الذي عرفته المنطقة وتحوُّل الحراك الشعبي من مطلب تقديم المتورطين في مصرع فكري إلى العدالة إلى مطالب اجتماعية واقتصادية لتنمية منطقة الريف شمال المغرب، قائلاً إنه ومنذ شهر دجنبر 2016، قال للنشطاء إن الحل يكمن في الجلوس إلى طاولة الحوار مع محافظ الإقليم.

“عائلة فكري غير راضية عن حكم القضاء”

على عكس الوعود التي قدّمها وزير الداخلية السابق محمد حصاد لعائلة الراحل محسن بشفافية التحقيق وضمانات من أجل الوصول لحقيقة المتورطين في الملف، بعد زيارته لها في منزلها قصد التعزية بأمر من الملك محمد السادس، قال عماد فكري، “لا أحد من أفراد العائلة راضٍ عن الحكم الذي أصدرته المحكمة”.
عماد فكري أضاف، لـDW  عربيةّ، أنه تقدّم بطلب لقاضي التحقيق في وفاة أخيه، بكشف حيثيات الساعات الأخيرة التي سبقت مصرع محسن، قائلاً إنه تم اعتقال أخيه ومصادرة أسماكه عند الساعة الخامسة مساء اليوم الذي وقعت فيه حادثة “الطحن”، لكنه لم يُتوفّى إلا في حدود الساعة العاشرة ليلاً.

السلطة تمنع الاحتجاج ووالد فكري يرفض “استغلال القضية”

تطورٌ مثير آخَر عرفته الأيام التي سبقت الذكرى الأولى لوفاة محسن فكري، بعدما استبقتْ السلطات المغربية تنظيم مظاهرات في الشوارع، في محافظة الحسيمة شمالي البلاد، بالإعلان عن منعها لأي مظاهرات.
وحسب ما أوردته “وكالة المغرب العربي للأنباء” الرسمية المغربية (MAP)، أول أمس الخميس، فإن السلطات المحلية في مدينة الحسيمة، حظرَت المظاهرات العامة لمدة يوميْن متتاليين اعتبارًا من يوم الجمعة 27 أكتوبر تشرين الأول، بعد أن تم توجيه دعوات عبر الإنترنت لتنظيم مظاهرات احتجاجية.
وفيما نقلت الوكالة عن السلطات قولها، في بيان لمحافظة الإقليم، إن “هذه الدعوات التي لم تحترم القواعد القانونية تأتي بعد عودة الأمن والهدوء الى المحافظة”، خرَج والد الراحل محسن، علي فكري، في بيان موقّع باسمه عُمّم في وسائل التواصل الاجتماعي إلى الرأي العام المحلي والوطني بالمغرب، ليوضِّح أنه ضد دعوات التظاهر والاحتجاج يوم 28 تشرين الأول أكتوبر 2017، وهو اليوم الذي يوافق مرور عام على وفاة ابنه محسن.
ويأتي توضيح الأب علي فكري بعدما قال ابنه عماد في تصريحات إعلامية سابقة، إنه “مستعد للخروج إلى مكان وفاة أخيه، ليس تخليداً لذكراه، ولكن من أجل إبلاغ المسؤولين برسالة مفادها أنه على الدولة أن تجد حلاً”.

عماد فكري أوضح، لـ DW عربية، أن “محافظ الإقليم أبلغَ أباه بتحريض ابنه للناس على التظاهر والاحتجاج في ذكرى وفاة محسن”، لكن شقيق هذا الأخير يرفض تلك الاتهامات معتبراً إياها “واهية”، حسب تدوينة له نشرها على صفحته بـ”فيسبوك”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة