الاشتراكية المحرمة في الماضي تشق طريقها بين الشباب في الولايات المتحدة

عندما كان لي كارتر، عامل كهرباء في الولايات المتحدة، أصيب بصعقة في حادث عمل، نقله بشكل ما إلى الساحة السياسية وإلى الاشتراكية.
فالصعوبات التي واجهها للحصول على تعويض دفعته إلى مهنته الجديدة ليفوز الرجل الذي يعد من الاشتراكيين الجدد، بمقعد في المجلس المحلي لفرجينيا — مجلس المندوبين — في الشرق الاميركي في الانتخابات الاخيرة.
وفي بلد كانت فيه كلمة “اشتراكية” أقرب الى شتيمة، ينتمي الديموقراطي، البالغ من العمر 31 عاما، إلى موجة جديدة من الاشتراكيين الذين يحققون الفوز تلو الآخر في البلديات والولايات الاميركية، بعد عام واحد فقط على وصول دونالد ترامب الى الرئاسة.
وهو يشكل ايضا رمز حركة للشباب الاميركي الذي يميل اكثر فاكثر الى الديموقراطيين الاشتراكيين في الولايات المتحدة، المجموعة اليسارية التي تشهد اكبر نمو في هذا البلد الذي لا وجود لحزب اشتراكي قائم بحد ذاته فيه.
وهذه الحركة مصدرها الى حد كبير ترشح بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية للاقتراع الرئاسي للحزب الديموقراطي العام الماضي، الذي اثار حماس جزء كبير من الجيل واعطى دفعا جديدا للاشتراكية.
وارتفع عدد المسجلين لدى منظمة “الديموقراطيين الاشتراكيين في اميركا” من ستة آلاف الى اكثر من ثلاثين الفا منذ الحملة الخارجة عن المألوف التي قام بها ساندرز في 2016.
لكن هذه الارقام ما زالت بعيدة عما تسجله الاحزاب الاشتراكية في اوروبا او في فرنسا حيث كان اكثر من 136 الف شخص مسجلين في الحزب الاشتراكي في 2016، وخصوصا بالنظر الى عدد السكان البالغ نحو 325 مليون نسمة.
ويرى مسؤولو الديموقراطيين الاشتراكيين في ذلك حركة غير مسبوقة مشيرين الى ان معدل اعمار المنتسبين تراجع من ستين عاما الى 35 عاما، ويصفون ذلك “بطفرة اشتراكية”.
وتبلغ جاكلين سميث الثانية والعشرين من العمر فقط، وكانت واحدة من المسؤولين عن الحملة الناجحة للي كارتر في فرجينيا بعدما التحقت بالديموقراطيين الاشتراكيين في يناير فقط.
وقالت لوكالة فرانس برس خلال تجمع بالقرب من واشنطن انها قامت بذلك “لمعالجة جذور المشاكل لا عوارضها”. واضافت “تهمني الاسباب التي اوصلت دونالد ترامب الى هنا اكثر مما تهمني معارضته”.
وتابعت سميث ان جيلا جديدا مستعد اليوم “لاعتناق العقيدة الاشتراكية والدفاع عنها علنا بشكل فعلي”، وهو تغيير كبير في الولايات المتحدة.
ومنذ عقود، لم يكن وزن الاشتراكية على الساحة السياسية الاميركية كبيرا كما هو اليوم. وقالت كاثي شنيدر الاستاذة في الجامعة الاميركية في واشنطن ان نمو “الديموقراطية الاشتراكية في اميركا” يثبت ان الناخبين المعارضين لترامب لا يجدون هدفهم في الحزب الديموقراطي بالضرورة.
واضافت ان “هناك شريحة في المجتمع الاميركي تشعر ان الاحزاب السياسية لا تستجيب لمخاوفها”، مشيرة الى ان “الديموقراطيين الاشتراكيين قالوا +لدينا حل لكم+”.
لكن “الديموقراطيين الاشتراكيين في اميركا” لا ينوون التحول الى حزب. وما زالت المجموعات اليسارية المتطرفة على هامش الساحة السياسية الاميركية التي يهيمن عليها الحزبان الجمهوري والديموقراطي بشكل لا يترك الا مساحة قليلة للآخرين.
والهدف هو ان يشغلوا منصب ممكن بالانتخاب، عبر التحالف مع الديموقراطيين بشكل عام ولكن ليس منهجيا. ومع ان بيرني ساندرز سمح بنفض الغبار عن الاشتراكية على الطريقة الاميركية، يؤكد مسؤولو “الديموقراطية الاشتراكية في اميركا” انهم اصبحوا يريدون بناء حركتهم على افكار اساسية مثل التأمين الصحي للجميع بدلا من اي شخصية.
وقالت كاثي شنيدر انهم يستطيعون الاستفادة من ان “السمعة السيئة” للاشتراكية بدأت تزول. واضافت ان “الناس لم يعودوا يربطون بين الاشتراكية والحكم الديكتاتوري في الاتحاد السوفياتي والصين”.
لكن هذا لم يمنع المنافس الجمهوري للي كارتر من شن حملة ضد الشيوعية بشكل واضح. فقبل الانتخابات تماما وزع حوالى احد عشر الف منشور تحمل صور المرشح الاشتراكي وشخصيات شيوعية مثل كارل ماركس او ماو تسي تونغ.
لكن كارتر قال لفرانس برس انه حتى الناخبين الجمهوريين اسروا لناشطين اشتراكيين قاموا بالحملة من منزل الى آخر، ان المحاولة كانت “فجة”.
واضاف ان “نشر شائعات تنذر بالخطر حول ما هو في الاساس خلاف في الفلسفة الاقتصادية لم يعد مفيدا”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة