فاطنة خراز- بشرى أزور /ومع/ تشهد جهة الرباط سلا القنيطرة خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا على مستوى منظومة النقل، يتجسد من خلال عدد من المشاريع والأوراش الكبرى المهيكلة في مجال البنية التحتية الطرقية التي تروم الارتقاء بمنظومة النقل، بهدف الاستجابة لحاجيات التنقل المستدام.
في هذا الإطار، يشكل مشروعا تمديد الخط الثاني لسكة ترامواي الرباط – سلا وتهيئة الطريق المداري الحضري، المندرجان في إطار البرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط 2014- 2018 “الرباط مدينة الأنوار”، ورشين هامين من شأنهما استيعاب الدينامية التي تشهدها حركة التنقل بالعاصمة ونواحيها، سواء في مجال النقل الجماعي المستدام أو على مستوى تخفيف الاكتظاظ الذي تعرفه المحاور الطرقية القائمة.
ففي مجال النقل الجماعي المستدام، يحمل تمديد الخط الثاني من سكة ترامواي الرباط – سلا، قيمة مضافة ضمن مختلف المشاريع المهيكلة، التي تروم الارتقاء بمدينة الرباط وتطويرها لتستجيب للحاجة المتزايد لتأمين تنقل انسيابي ذي بعد إيكولوجي.
هذا المشروع، الذي أشرف الملك محمد السادس، في أكتوبر الماضي على إعطاء انطلاقته، يندرج ضمن أهداف البرنامج المندمج للتنمية، عاصمة المغرب الثقافية”، إذ يروم تمكين الحاضرتين من شبكة متطورة للتنقل المستدام، تضمن للساكنة خدمة ذات جودة تشجع على استخدام وسائل النقل الجماعي.
وحسب مدير تطوير الشبكة بشركة ترامواي الرباط، حسن النحيلي، فإن مشروع تمديد الخط الثاني من ترامواي الرباط سلا يعد مشروعا مهيكلا للمدينتين، حيث يمتد على مسافة سبع كيلومترات، 2,4 كلم منها بالرباط و4,6 كلم بمدينة سلا، وتبلغ قيمة الاستثمارات في المشروع حوالي 1,7 مليار درهم.
وينطلق مقطع الرباط (2,4 كلم)، من المحطة النهائية الحالية لمستشفى مولاي يوسف (حي العكاري) مرورا بشارع “السلام” إلى غاية التقاطع مع شارع “الكفاح”. كما يرتقب في إطار هذا التمديد، بناء أربع محطات للتوقف وإعادة التأهيل الحضري لحي يعقوب المنصور مع إحداث ثلاثة فضاءات خضراء وحدائق للقرب.
أما على مستوى مدينة سلا، فسيتم تمديد الخط 2 انطلاقا من المحطة النهائية الحالية لشارع الحسن الثاني، ليمتد على طول 4,6 كلم وصولا إلى المستشفى الجديد لسلا (في طور الإنجاز) مرورا عبر شارع الزربية. وسيتم في هذا الإطار إنجاز 8 محطات للتوقف، وبناء منشأة فنية مخصصة للترامواي “جسر على طريق عين حوالة” بطول 390 متر.
وسيمكن تمديد هذا الخط، الذي يرتقب الشروع في استغلاله خلال شهر يوليوز 2019، من الربط بأحياء عالية الكثافة السكانية (نحو 400 ألف نسمة)، لاسيما حي يعقوب المنصور بالرباط وحيي مولاي إسماعيل وقرية اولاد موسى بسلا. وسيتم تمويل المشروع من طرف صندوق مواكبة إصلاحات النقل الحضري (وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية)، ومؤسسة التعاون بين الجماعات “العاصمة”، ووكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، وشركة ترامواي الرباط وسلا، وكذا بواسطة القروض الخارجية المضمونة من طرف الدولة المغربية (قروض الوكالة الفرنسية للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار).
ويبرز النحيلي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المشروع يوجد حاليا في مرحلة الأشغال التحضيرية التي تكتسي أهمية قصوى، وأشغال تحويل الشبكات قبل انطلاق أشغال تمديد الشبكة، مشيرا إلى أنه تم بمدينة الرباط الانتهاء من الأشغال الابتدائية.
فقبل وضع السكة الحديدية، يوضح المسؤول، هناك مرحلة أساسية ومهمة تتعلق بتحويل الشبكات تحت الممر المرتقب للترامواي، كما أن المشروع يشكل أيضا فرصة لإعادة تهيئة الشوارع التي يمر منها، من قبيل شارع السلام الذي تم توسيعه وبناء أسوار لتوسعة محرم الطريق لتوفير امكانية مرور التراموي إلى جانب العربات، فضلا عن تهيئة ثلاثة فضاءات عمومية للساكنة حتى يكون الترامواي وسيلة للنقل وأيضا فرصة لإعادة تهيئة وتأهيل المدينة.
وأضاف أن المشروع، الذي سيهم إحداث أربع محطات جديدة بمدينة الرباط، سيشكل قيمة مضافة كبيرة للحاضرة، مبرزا أنه سيستلزم أزيد من 30 صفقة عمومية تشمل صفقات البنية التحتية وشبكات وأنظمة الجر الآلي والأنظمة المعلوماتية.
وأشار إلى أن شبكة ترامواي الرباط سلا، التي تؤمن حاليا أكثر من 110 ألف راكب يوميا، ستعرف إضافة 40 ألف مستفيد يوميا بفضل تمديد الخط الثاني للشبكة، موزعة بين مدينتي الرباط وسلا، مؤكدا أن إنجاز المشروع، انطلاقا من مرحلة تصوره، تم في إطار مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين المحليين في قطاع النقل الحضري، بما فيهم السلطات المحلية والمنتخبون والمجتمع المدني.
وللحفاظ على وتيرة التنقل الحالية للشبكة، المتمثلة في ثماني دقائق بالنسبة للخط الأول وتسع دقائق بالنسبة للخط الثاني، أبرز النحيلي أن الشبكة، التي تتوفر على 44 عربة، ستعرف اقتناء 22 عربة جزئية أي 11 عربة زوجية مستقبلا للحفاظ على الوتيرة التي اعتاد عليها مستعملو ترامواي الرباط سلا.
ويظهر التأثير الإيجابي لهذا الورش لدى العديد من مستعملي وسيلة النقل هذه، إذ يؤكد العديد منهم أن تمديد هذا الخط سيشكل قيمة مضافة حقيقية للمواطن، من خلال تسهيل الربط بين العاصمة ونواحيها عبر وسيلة متطورة، تتمتع بإقبال كبير.
في هذا الإطار، تعتبر نجية، 45 سنة، أن تمديد خط ترامواي بمدينة الرباط سيمكن من تسهيل التنقل اليومي نحو وجهة عملها، حيث سيمكنها من تفادي معاناة البحث عن وسائل نقل متعددة لبلوغ وجهتها.
ويشاطرها الرأي عبد العالي، 39 سنة، أحد مستعملي الترامواي بشكل يومي، إذ يعتبر أن هذا المشروع الواعد سيتيح لساكنة المدينة اللجوء إلى وسيلة نقل واحدة، تجنبهم مشقة الانتقال بين محطات مختلفة لوسائل النقل الجماعي، والاستفادة من خدمة الترامواي التي تتميز بجودة عالية.
من جهة أخرى، وبغية الارتقاء بالبنية التحتية الطرقية، يهدف مشروع تهيئة الطريق المداري الحضري الرابط بين الرباط وسلا، إلى جعل العاصمة الإدارية للمملكة حاضرة تضاهي المعايير الدولية، لتحقيق الإشعاع السوسيو اقتصادي والثقافي المتميز.
هذا المشروع، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في 11 ماي 2015، يدخل ضمن أبرز الأوراش الكبرى التي تروم تغيير ملامح المدينة، لتجعل منها قطبا حضريا واعدا، وذلك في إطار البرنامج المندمج للتنمية الحضرية “الرباط مدينة الأنوار عاصمة المغرب الثقافية” 2014-2018، الذي سيمكن عاصمة المملكة، المصنفة من طرف منظمة “اليونسكو” تراثا عالميا للإنسانية، من تعزيز موقعها الريادي والانخراط في دينامية تنموية فاعلة، ترقى بها إلى مرتبة كبريات الحواضر العالمية.
وتتمثل وظيفة هذا الطريق المداري، الممتد على 18,6 كلم بكلفة إجمالية تقدر ب850 مليون درهم، في المساهمة بشكل كبير في حل مشكل اكتظاظ حركة المرور بين المدينتين وتقليص الضغط الذي تشهده المقاطع الطرقية الحالية، إذ سيستقطب حوالي 30 بالمائة من حجم التنقلات أي ما يعادل 30 ألف سيارة يوميا.
في هذا الإطار، يؤكد المدير الجهوي للتجهيز والنقل لجهة الرباط سلا القنيطرة، عبد الله الرايس، أن الهدف من مشروع الطريق المداري الحضري يتمثل في تحسين الطاقة الاستيعابية للطريق وتوسيعها لثلاث ممرات في الاتجاهين، وإزالة الملتقيات الطرقية التي كانت في نفس المستوى.
وتهم العملية، يوضح الرايس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنجاز خمسة ممرات تحت أرضية (أولاد مطاع وكيش الأوداية وتقاطع عبد الرحيم بوعبيد، وشارع النخيل وكذا بشارع الميليا) وبدال، مسجلا أن قيمة تدخل الوزارة في هذه المشاريع، التي انطلقت في 2015 وتنتهي في 2018، تبلغ 58 مليون درهم.
وأبرز الرايس أن أشغال المشروع، المندرج في إطار الاتفاقية الاطار الموقعة أمام أنظار جلالة الملك في ماي 2014، التي تهم تحسين مستوى الخدمة بهذا الطريق المداري، متواصلة، حيث تم الانتهاء من الأشغال الخاصة بالمقطع الأول على امتداد 1,4 كلم بين الطريق السيار والطريق الوطنية رقم 1 ، وأيضا بالممرات تحت الأرضية بكل من تقاطعي أسواق السلام والنخيل. كما أن الأشغال متواصلة في الممرات تحت الأرضية المتبقية، فضلا عن أشغال توسيع الطريق المداري في مقاطع مختلفة.
وتشمل المشاريع التي تسهر عليها الوزارة أيضا، يضيف المسؤول، مداخل الرباط من الطريق السيار المحيطي للرباط بتوسعة الطريق الجهوية رقم 401 على طول 10 كلم التي انتهت بها الأشغال، وأيضا المدخل الثاني الذي يهم بدال أم عزة الطريق المداري من الطريق الإقليمية 4025.
هي إذن مشاريع مهيكلة طموحة، غايتها الارتقاء بخدمة النقل بكافة تجلياتها، والاستجابة لحاجيات حاضرة تتطور وفق رؤية شمولية ومندمجة.