يتلازم تاريخ حركات ما يسمى بالإسلام السياسي، بقتل المثقفين والسياسيين اليساريين والصحافيين، كأحد الثوابت التي يتشكل منها هذا الفكر الظلامي المتطرف، الذي قد يتلون بألوان مختلفة، ويتخذ لبوساً متعددة، حسب السياقات والظروف، لكن جوهره المتأصل يتجلى في موقفه الحقيقي من مثل هذه الجرائم، عبر ارتباطاته وتواطؤاته والإشادة بأفعال القتل والإرهاب والبحث عن تبريراته الدينية.
ويمكن القول إن لائحة هذه الجرائم طويلة، لكن أشهرها يظل هو اغتيال الشهيد عمر بنجلون في المغرب، والمفكر المصري، فرج فودة، والمفكر اللبناني، حسين مروة، ومحاولة اغتيال الكاتب المصري الحائز على جائزة نوبل، نجيب محفوظ، واغتيال السياسي اليساري التونسي، شكري بلعيد، وغيرهم من الحالات التي يعرفها العالم.
ويرتبط تاريخ حركة “الإخوان المسلمون” في مصر بالإغتيالات السياسية، كما تعرض عشرات المثقفين والكتاب والصحافيين، في الجزائر، لحملة تصفية ممنهجة، على يد الجماعات الإرهابية، التي كانت تجد السند من قادة جبهة الإنقاذ، حيث كان أنوار هدام، أحد زعمائها، الذي جعل من أمريكا مكان إقامته، يصرح بأن الأمر لا يتعلق باغتيال، بل بتنفيذ حكم.
وعلى هذا النهج سارت عمليات الإغتيال والعنف في الجامعات المغربية، تحت رعاية هذه الجماعات، التي كان أعضاؤها معروفين، منهم من يتولى مسؤوليات اليوم، واستمر تصريف خطاب التطرّف والإشادة بالإرهاب، في مناسبات متعددة، ضد الخصوم السياسيين والمخالفين لهم في الرأي، آخرها كانت عملية الإشادة باغتيال السفير الروسي في أنقرة.
فرغم كل محاولات إخفاء هذه الحقيقية، لما يتطلبه الوضع السياسي، فإن جوهر الفكر الأصولي يجيز قتل أولئك الذين يعتبرونهم خطرا على مشروعهم الإيديولوجي والسياسي، كما أن هناك أنظمة تستغل عداءهم للمثقفين والمفكرين اليساريين، لتحرضهم وتتواطؤ معهم لارتكاب الجرائم في حقهم، مثلما حدث في قضية الشهيد عمر بنجلون، الذي طمست فيه العديد من الحقائق في الملف القضائي للمنفذين المباشرين، قصد التستر على المخططين الفعليين.
لقد شكل تنظيم “داعش” التجلي الهمجي للفكر الظلامي، غير أن كل حركات الإسلام السياسي، تتبنى نفس هذا الفكر، بكل مرجعياته، وخاصة فتاوي ابن تيمية الذي يسمى عندهم “شيخ الإسلام”، والتي تصل إلى حوالي 430 فتوى، في كل الشؤون والأمور، حتى أبسطها مثل قصر الصلاة في السفر، ومن خالفه في الرأي “يُستتاب وإلا قُتِلٓ”.