الإفراط في صيد سمك التونة الحمراء وأسماك القرش: بين جشع صيادين وغضب المنظمات غير الحكومية

هشام لوراوي /ومع/ في مواجهة المخاطر المتزايدة الناجمة عن تفشي ظاهرة الإفراط في صيد أسماك التونة الحمراء وأسماك القرش في العالم، تعالت أصوات العديد من المنظمات غير الحكومية خلال سنة 2017 للحد من الآثار الوخيمة الناجمة عن هذه الممارسة تجاه هذين النوعين من الأسماك البحرية وعلى النظام الإيكولوجي البحري بشكل عام.
وأدى التطور المضطرد في تقنيات الصيد، واستخدام السفن الكبيرة المزودة بأجهزة أكثر تطورا، وارتفاع الطلب، في تزايد وتيرة هذا الصيد الجائر الذي يهدد مخزونات هذين النوعين المهددين بالانقراض.
وفي ظل هذه الوضعية التي لها تداعيات خطيرة على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي، فقد سارعت العديد من المنظمات غير الحكومية، كالصندوق العالمي للطبيعة و”ذو بيو شاريتابل تروست” إلى التحذير من مغبة تزايد استغلال المخزونات السمكية الهشة.
وهكذا، فإن صيد سمك التونة الحمراء على مستوى البحر الأبيض المتوسط يتم من خلال استخدام سفن تتوفر على شبكة كبيرة تحيط بأسراب سمك التونة بشكل كلي وقادرة على اصطياد حوالي 100 طن من الأسماك .
وكانت اللجنة الدولية لحفظ أسماك التونة في المحيط الأطلسي، قد اعتمدت منذ سنة 2007 خطة للحفاظ على أسماك التونة الحمراء وتجديد هذا المخزون في أفق سنة 2020.
وعلى الرغم من أن هذا المخزون لم يتم تجديده بالكامل، إلا أن هذه الخطة أعطت ثمارها لدرجة جعلت اللجنة العلمية لهذه المنظمة غير الحكومية تقترح زيادة حصص الصيد لتصل إلى 36 ألف طن في أفق سنة 2020، أي أكثر من ضعف حصة سنة 2015، في حين يسير الاتحاد الأوروبي في اتجاه الدعوة إلى وقف مبكر لهذه الخطة التي يفترض أن يمتد العمل بها إلى غاية سنة 2022.
وفي هذا السياق، فقد احتضن المغرب في نونبر الماضي اجتماعا بين الاتحاد الأوروبي وغيره من البلدان الأعضاء في اللجنة الدولية لحفظ أسماك التونة في المحيط الأطلسي لمناقشة الزيادة المحتملة في حصص صيد سمك التونة الحمراء في البحر الأبيض المتوسط وشرق المحيط الأطلسي.
وحذر الصندوق العالمي للطبيعة، الذي يرى أن هذه الزيادة تقوم على انتهاك “الحذر”، من أن أي زيادة في حصص الصيد الطبيعية ستهدد عملية تجديد مخزون سمك التونة وتدمر نتيجة عشر سنوات من عملية تجديد هذه الثروة.
ودعا أليساندرو بوزي، مدير مشاريع الصيد بالصندوق العالمي للطبيعة- البحر الأبيض المتوسط، في هذا الصدد، إلى اتخاذ التدابير المعتمدة إلى غاية إعلان العلماء إعادة تجديد مخزون أسماك التونة بشكل كامل.
وأضاف “إننا نحث الحكومات على المساهمة في هذا النجاح، والانتظار إلى غاية تجديد كامل لسمك التونة”، مشيرا إلى أن الأمر استغرق أكثر من عقد لتجديد سمك التونة الحمراء.
ومن جانبها قدمت المنظمة غير الحكومية “ذو بيو شاريتابل تروست” عدة توصيات خلال الاجتماع السنوي ال 25 للبلدان الأعضاء في اللجنة الدولية لحفظ أسماك التونة في المحيط الأطلسي (14-22 نونبر بمراكش)، من بينها تحديد مجالات الصيد الخاصة بأسماك التونة الحمراء، أخذا بعين الاعتبار آراء المتخصصين في هذا المجال.
كما دعت المنظمة اللجنة الدولية لحفظ أسماك التونة في المحيط الأطلسي إلى احترام الالتزام الوارد في القرار 15-12 الذي ينص على “تبني مقاربة وقائية عندما تكون المعلومات العلمية غير مؤكدة”.
أما بالنسبة لسمك القرش، فإن غالبية أنواعه تعاني من الإفراط في الاستغلال، ولا سيما بسبب بطء معدل نموها وانخفاض معدل تكاثرها.
وتكمن التهديدات الرئيسية لأسماك القرش في الصيد العرضي أو الصيد غير المقصود لأنواع غير مستهدفة، وارتفاع الطلب على زعانف سمك القرش، وكذا تأثر المحيط البحري بممارسات الصيد المدمرة، ورمي النفايات في والبحر، والتغير المناخي وأثره على النظام الإيكولوجي البحري.
ومن هذا المنطلق، دعت “ذو بيو شاريتابل تروست”، اللجنة الدولية لحفظ أسماك التونة في المحيط الأطلسي إلى تحسين استدامة أسماك القرش من خلال اعتماد حدود الصيد.
وحسب المنظمات غير الحكومية، فإنه يتعين على اللجنة الدولية لحفظ أسماك التونة في المحيط الأطلسي “تعزيز التدابير لحماية أنواع أسماك القرش المهددة والضعيفة، وجميع مصائد أسماك القرش بمنطقة اتفاقية الصيد بطريقة مستدامة”.
وأضاف المصدر نفسه أنه يجب أيضا تبني المعيار الدولي في مجال تفريغ سمك القرش بزعانفه من أجل تنفيذ ومراقبة الحظر المفروض على بتر الزعانف بشكل أفضل، مشيرا إلى أنه غالبا ما تكون هذه الأنواع محدودة، مما يؤدي إلى تقييمات غير مؤكدة أو غير حاسمة.
ولذلك، فإن “ذو بيو شاريتابل تروست” تعتقد أنه يتعين على اللجنة أن تضع تدابير لحماية أنواع أسماك القرش حتى يتسنى إجراء تقييمات موثوقة لعددها.
وبشكل عام، لا تزال المنظمات غير الحكومية مقتنعة بأن التدبير الأمثل لمخزون أسماك التونة وسمك القرش لا يمكن أن تفيد إلا النظم الإيكولوجية البحرية والصيادين والمستهلكين.
وتدعو هذه المنظمات جميع المتدخلين، كل من موقعه، إلى تحمل مسؤولياتهم وتعزيز جهودهم بهدف الحفاظ على مخزونات هذين النوعين من الأسماك وضمان تجددها.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة