قضاة المغرب يهاجمون نبيلة منيب ويطالبون بوقف العبث ويلوحون بمقاضاتها

هاجم قضاة المملكة المغربية نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، العضو في فدرالية اليسار الديمقراطي، التي سبق أن اتهمت القضاء بـ”جرجرة المحاكمات” المتعلقة بمعتقلي أحداث الريف والحسيمة، وطعنت في استقلالية القضاء، حين كتبت في تدوينة، على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي قايسبوك، تحت عنوان “تحية لهيئة الدفاع ولهيئة دعم المعتقلين وعائلاتهم، تحية للزفزافي ورفاقه الصامدين أمام الغطرسة والظلم”، أن “القضاء يجرجر المحاكمات، وكأنه ينتظر توجيهات لم تأت بعد، ويحاول التيئيس بعدما فشل مخطط التخويف، والتخوين”. كما أشارت إلى أن “الفساد والاستبداد وعدم استقلال القضاء هو ما يهدد السلم والأمن، قبل أن تختم “أطلقوا سراح المعتقلين # مصلحة الوطن في تجاوز المقاربات البائدة و في احترام حقوق الانسان و صيانتها #أطلقوا سراح المعتقلين #أوقفوا العبث# لنطلق حملة وطنية للتضامن ولنتعبأ من أجل المطالبة بالإفراج عن المعتقلين الأبرياء..”.
ولوح القضاة بمتابعة الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد قضائيا، مشيرين في بيان للودادية الحسنية للقضاة إلى أنه “اليوم لا أحد فوق سلطة القانون ولا أكبر من المحاسبة. وستكون بيننا محطة أخرى يكون الفيصل فيها للإجراءات القانونية والتدابير المؤسساتية التي لن نتوانى في اتباعها والاحتكام إليها”.
وأشار بيان للودادية الحسنية للقضاة إلى أن “منيب كانت محقة وهي تختم تدوينتها التي تعبر فيها عن مشاعرها بعدما شهدت أطوار جلسة لمحاكمة جنائية يتتبعها الرأي العام بعبارة (أوقفوا العبث).
ولعلها العبارة الوحيدة التي كانت موفقة فيها على امتداد كل هذه التدوينة”.
وأضاف البيان أنه “حقا يجب أن يقف هذا العبث عبث الاستخفاف بنصوص دستورية أجمع عليها المغاربة أكدت كلها على استقلال السلطة القضائية وعلى واجب حماية استقلال القضاة وضمانه، واستخفاف بقوانين تنظيمية كانت موضوع حوار وطني كبير، وعبث بتقاليد راسخة وواجبة الاعتبار في كل المجتمعات الديموقراطية والتجارب العالمية العريقة.
لكن يبدو أن قدرنا في كل القضايا التي يتتبعها الرأي العام أن يطالعنا البعض من ممتهني السياسة ومحترفي النضال الحقوقي ويعمد إلى صنع ادوار وبطولات من خلال تبني خطاب يمس بشكل مباشر باستقلال القضاء وكرامة القضاة والتشكيك في حيادهم وكفاءتهم في مشهد عبثي يضرب بكل القيم والأخلاقيات التي يفترض أن يكرسها الأشخاص ذوي المكانة الاعتبارية بالنظر للمؤسسات التي يمثلون باعتبارهم القدوة والنموذج الذي يجب أن يحتذى”.
وقال “سيدتي قواسم كثيرة بين ما دونتي بصفحتك وبين ما سبق أن عانى منه قضاة عبر العالم من تدوينات وتصريحات ومواقف غير ملائمة وغير قانونية لمسؤولين ولصناع القرار، وأحيلك هنا للاستئناس على مقال بجريدة LE FIGARO تحت عنوان « POLITIQUES ET JUGES : JE T AIME MOI NON PLUS«
وتابع البيان “أننا أمام صورة بشعة للاستغلال السياسوي لمحاكمات ولحقوق الناس ولحق الوطن”.
وبعد أن أشار إلى أنه “لا شك أن كل هذا العبث تمنعنا اخلاقنا من التصدي له بنفس الأسلوب انتصارا لذواتنا”، استدرك متابعا، “لكنها معركة تكريس الثقة وتغيير العقليات والواجب الدستوري الذي ينقلنا من واجب التحفظ الذي يطوقنا كقضاة إلى واجب الذوذ عن استقلال القضاء وحماية القضاة من التأثير، ومواجهة مثل هذه الظواهر السلبية التي يريدنا البعض أن نطبع معها ونسكت عنها”.
وقال إن “الصمت الآن أمام هذه الخروقات الدستورية والقانونية لا يمكن أن يكون إلا تخاذلا وإخلالا بالتزام وليس حكمة أو تبصرا كما أكد عليه قرار سابق للمجلس الأعلى للقضاء الفرنسي.
لا بد سيدتي ان نحتكم جميعا لصوت القانون ولدينا كل الثقة في مؤسسة القضاء لرد الاعتبار لكل من تجرأت على إهانتهم والمس بكرامتهم”.
وفي تعليق عى تدونة منيب أضاق البيان “القضاء يجرجر المحاكمات وكأنه ينتظر توجيهات لم تأتي بعد” “ويحاول التيئيس”، “المحاكم والمظالم”، “المناخ البئيس الذي كان يخيم على الجلسة” هي جملك التي اثتت بها لخطاب البؤس ورسائل التبخيس والتيئيس الحقيقية من عمل سلطة، ومؤسسة وقاضيات وقضاة يعيش الوطن في داخلهم وهم يبتون يوميا في آلاف القضايا بمختلف المدن والقرى والمراكز التي ربما لا تعرفين أي توجد بخريطة المملكة”.
وأشار إلى أن “قضاة المملكة يعرفون جدا أنه من الصعب أن يتحمل بعضكم هذه الدينامية الجديدة لاستقلال القضاء ببلادنا، ومتأكدون أن تغيير العقليات هو صيرورة تاريخية ورهان شاق يكتسب بالتراكمات وبالنضال اليومي في ساحات المحاكم بدعم من كل مهني العدالة، وبمواجهة مثل هاته الخطابات والمواقف التي تعمد إلى التأثير على حياديهم واستقلاليتهم من أجل الضغط والتشويش”.
وتساءل ساخرا “ماذا لو كانت الهيئة التي تنظر في الملف موضوع تدوينتك قد أسرعت وبثت في الملف ” دون جرجرتها كما زعمت “الن تبادري إلى تدوينة مغايرة تؤكدين فيها أن المحاكمة صورية مفبركة وأن الأحكام كانت جاهزة ومعدة سلفا؟”. “ثم وأنت تتابعين أطوار هذه المحاكمة لماذا لم تتساءلي عمن يتسبب في تأخير الملفات والقضايا بسوء نية؟”.
وفي إشارة إلى ما يمكن أن تجره عليها تدوينتها من متابعة قانونية قال “لقد كان بإمكانك أن تستشيري مع احد المتخصصين في القانون ما دمت تجهلين الكثير منه على ما يبدو ليوضح لك أسباب التأخير ومصادره وكان سيكفيك مشاق تدوينتك وما ستجره عليك من متاعب قانونية وقضائية”.
وذكرت الودادية نبيلة منيب بتاريخ القضاة النضالي مشيرة إلى أن “الوطن الذي ينعم فيه أمثالك اليوم بالحرية ويتطاولون فيه على القضاء لا بد أن تتذكري أنه ذات يوم ساهم القضاة المغاربة في حماية ثوابته في الصفوف الأولى للمقاومين الإبرار في معارك خلدتها كتب التاريخ ومنها معركة النملان سنة 1905”. مسترسلة “واليوم سنواصل هذا النضال جميعا في معركة الوطن من أجل تكريس الاستقلال خدمة للمواطنين وضمانا للحقوق والحريات وصيانة للمكتسبات”.
وخلص بلاغ الودادية إلى أن نبيلة منيب “لم تسيء إلى الهيئة القضائية المحترمة التي تنظر في القضية بكل حيادية واستقلال بقدر ما أسأت إلى نفسها والى النموذج والقدوة الذي يفترض أنها تمثليها”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة