بعد الفشل في التأهل للنسخ الأربع الماضية من كأس العالم، يتأهل أسود الأطلس إلى الموعد الكبير بروسيا وكلهم أمل في البصم على حضور جيد خلال هذا الموعد العالمي الكبير وتحقيق نتيجة أفضل من مونديال فرنسا 1998 ،الذي يسعفهم الحظ في تجاوز دور المجموعات.
فخلال المقابلة الأولى التي ستخوضها النخبة الوطنية بمدينة سان بطرسبورغ ضد المنتخب الإيراني ، يتعين عليها استثمار، بأفضل شكل ممكن، المسار الجيد الذي بصمت عليه خلال الأدوار التأهيلية طيلة فترة الإقصائيات المؤهلة لكأس العالم روسيا 2018.
وستكون المباراة الأولى ضد إيران حاسمة، حيث سيكون الفوز مرادفا للأمل ،وسيجعل النخبة المغربية في وضعية جيدة من الناحية النفسية، و ستقل عليها الضغوط، وتخوض اللقاءين الأخيرين بأريحية أمام المنتخبين المرشحين للتأهل ،على الورق ، عن المجموعة (البرتغال وإسبانيا).
وثمة العديد من أوجه الشبه بين المنتخبين المغربي والإيراني على مستوى الخصائص والإحصائيات، فالفريقان يتأهلان معا للمرة الخامسة لكأس العالم، لكن في ظل تفوق واضح للمنتخب المغربي الذي بصم على حضور مميز سنة 1986 بفضل الجيل الذهبي للمنتخب آنذاك الذي احتل صدارة المجموعة بعد تحقيقه نتيجة التعادل أمام كل من إنجلترا وبولونيا، وانتصاره البين على البرتغال بنتيجة ثلاثة أهداف لواحد، فيما لم يتجاوز المنتخب الإيراني دور المجموعات في أي من مشاركاته الأربع السابقة في البطولة في نسخ 1978 و1998 و2006 و2014.
كما أن المنتخبين المغربي والإيراني بصما على مسار متميز خلال الأدوار المؤهلة للمونديال ،حيث لم تستقبل شباك المنتخب المغربي أي هدف خلال الأدوار التأهيلية، فيما استقبل رجال المدرب البرتغالي كارلوس كيروش هدفين فقط خلال اللقاء الأخير برسم الأدوار التأهيلية ،الذي واجهوا خلاله المنتخب السوري.
وبعدما تمكن من تجاوز منتخبات عتيدة لها وزنها، في طريقه للوصول إلى مونديال روسيا، يبدو أن ملامح التشكيلة النموذجية للمنتخب الوطني بدأت تتضح، كما أن مستوى الفريق تطور بشكل تدريجي خلال الفترة الأخيرة ،وينتظر أن يبصم على حضور جيد ومتميز بأرض القياصرة.
وستكون العناصر الوطنية مطالبة بالتركيز والاستعداد الجيد طيلة الأسبوعين ،اللذين ستجرى فيهما منافسات الدور الأول (دور المجموعات) ، كما سيتعين عليها إبراز شخصيتها القوية وإظهار مدى قدرتها على المواصلة بنفس الأداء الذي بصمت عليه خلال مرحلة التصفيات النهائية.
وقد أكد أسود الأطلس ،قبل التوجه إلى روسيا للمشاركة في نهائيات كأس العالم ، مستواهم الجيد وثقتهم العالية بالنفس وحالتهم الذهنية الجيدة ولعبهم المتجانس، وتمكنوا من هزم إستونيا ب 3-1 ، وتحقيق الانتصار على سلوفاكيا ب 2-1 والتعادل بنتيجة صفر لمثله أمام أوكرانيا، لكن شباكهم تلقت ، في المقابل، هدفين، وهو ما يجب الانتباه له.
وقد أثبت الفريق الوطني تلاحمه منذ نقاط التحول التي شهدتها التصفيات النهائية لكأس العالم، بتوفره على دفاع محكم، ووسط ميدان مجتهد وهجوم ناري. وفي الواقع، جدد المنتخب الوطني التأكيد خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم على أن التداريب الجادة وتصميم المجموعة هو العامل الأساسي للنجاح والحضور الجيد والإقناع في الأداء، وتحقيق الحلم المتمثل في التأهل للمونديال.
وقد بنى هذا الفريق، الذي شهد لحظات قوية ومفحمة بالحماس وأثار إعجاب الجميع، أسسه حول هذا الهدف. وستكتسي المقابلة التي ستجمعه بإيران خصوصية مميزة، حيث يتعين استغلالها بالشكل الأمثل وعدم إضاعتها بالخسارة أو الاكتفاء بتحقيق نتيجة التعادل، لاسيما أن مباراة القمة التي ستجمع المنتخبين الإسباني والبرتغالي ستجرى في نفس اليوم وقد تحمل فوز أحد المنتخبين.
ومن هذا المنطلق، يتعين على الناخب الوطني هيرفي رونار أن يراهن بشكل أساسي على جودة وسرعة مهاجميه، ومحاولة الحد من خطورة اللاعبين الإيرانيين البارزين كعلي رضا جاهان باخش ، الذي أنهى الموسم كأفضل هداف للدور الهولندي ب 21 هدف ، وكذا اللاعب الواعد سردار أزمون (23 سنة) الذي يمارس في الدوري الروسي الممتاز رفقة فريق روبين كازان، ويعتبر خامس أكبر هداف في تاريخ المنتخب الإيراني برصيد 22 هدفا في 30 مشاركة رسمية له.
وبالتالي، يتعين على المنتخب الوطني التركيز على نقاط القوة التي يتوفر عليها والتفكير بعد ذلك في الحد من خطورة الفريق المنافس، وينبغي السعي إلى تحقيق الفوز “الذي يعتبر النتيجة الوحيدة الكفيلة بإبقاء آمال النخبة الوطنية قائمة في حجز بطاقة التأهل للدور الثاني”.
وسيكون مشوار المنتخب الوطني خلال اللقاءين المتبقيين ،اللذين سيواجه فيهما كلا من إسبانيا ، بطلة العالم سنة 2010، والبرتغال ، بطل آخر نسخة من كأس أوروبا للأمم، في مباراة ستكون بطعم الانتقام، صعبا لكنها لن تكون مهمة مستحيلة. فلتبدأ المغامرة إذن.