أكد رئيس مجلس المستشارين، حكيم بن شماش، على ضرورة العمل وفق “منطق شراكة تضامنية” بين المغرب وبلدان أمريكا الوسطى والكاريبي لتطوير التعاون المشترك ومواجهة القضايا المشتركة المطروحة، والمرتبطة أساسا بالتنمية والنهوض بحقوق الإنسان وبأدوار الأحزاب السياسية وتعزيز المشاركة السياسية للنساء والشباب على الخصوص.
وشدد بن شماش، في كلمة خلال افتتاح “الملتقيات الإقليمية السنوية” لبرلمان أمريكا الوسطى، مساء الاثنين بسانتو دومينغو، والذي تم بحضور سفير المملكة بجمهورية الدومينيكان، زكرياء الكوميري، على أن هذه التحديات المشتركة تقتضي ايضا بناء شراكات على أساس التعاون جنوب-جنوب والمضي قدما في إطلاق ديناميات مشاريع تكاملية لضمان الرفاه الاجتماعي في تساوق مع توطيد مسارات الدمقرطة وتعزيز مشاركة المواطنات والمواطنين في صناعة القرارات الوطنية.
وأبرز، في هذا الصدد، أن المملكة المغربية تتوفر على كل المقومات لتكون شريكا فريدا وجديرا بالثقة، بفضل الأوراش الكبرى التي باشرها المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس، خاصة في مجالات المصالحة والعدالة الانتقالية وتوطيد البناء الديمقراطي وتعزيز حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، مؤكدا أن “المغرب يتقاسم مع بلدان أمريكا الوسطى والكاريبي، عبر التاريخ، تراثا ثقافيا وقيما حضارية غنية شكلت النواة الصلبة لصمود علاقاتنا”.
وأشار بن شماش، الذي يقود وفدا برلمانيا مغربيا للمشاركة في أشغال هذه الملتقيات، والتي تتواصل إلى غاية 30 غشت الجاري، إلى أن الواقع اليوم بالقارتين الإفريقية والأمريكية اللاتينية، وإن كانت تطبعه العديد من الاكراهات والتحديات والتعقيدات، فإنه يوفر آفاقا وفرصا تاريخية لإرساء شراكة حقيقية تكون في مستوى نموذج للتعاون جنوب- جنوب، مذكرا، في هذا الصدد، بعودة المملكة إلى كنف الاتحاد الإفريقي، والتي جاءت “كتتويج لمسار من المبادرات والتحركات الدبلوماسية التي أشرف عليها الملك محمد السادس وقادها بشكل مباشر”.
وأضاف، بالمقابل، أن بروز قوى إقليمية صاعدة بأمريكا اللاتينية والكاريبي في السنوات الأخيرة، وما تعرفه المنطقة من نهضة على المستويات السياسية والفكرية والاقتصادية، كفيل لا محالة بجعل علاقاتنا الثنائية نموذجا للتعاون جنوب جنوب قادر على رفع التحديات المرتبطة بالحاضر وصنع مستقبل مشترك يسوده السلم والأمن والحرية وتلازمية العلاقة بين الأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون واحترام الوحدة الوطنية للدول والتضامن بين الشعوب.
واعتبر رئيس مجلس المستشارين أن حضور الوفد البرلماني المغربي في هذه الملتقيات يشكل فرصة لتجديد اللقاء بمكونات البارلاسين، بعد الاجتماع المشترك الذي انعقد بمدينة العيون، والذي توج بالإعلان التاريخي المشترك “إعلان العيون” (11 يوليوز 2016)، الذي “سطرنا فيه خارطة طريق للعمل المشترك، وعبرتم فيه عن موقفكم النبيل الداعم للقضايا العادلة للمغرب”.
وأعرب بن شماش، في هذا السياق، عن الارتياح الكبير لمستوى تحقيق وبلوغ الأهداف التي تم تسطيرها في إعلان العيون، مبرزا المسار “الغني والمثمر” لعلاقات البرلمان المغربي سواء مع برلمان امريكا الوسطى، كمؤسسة صديقة وشريكة، أو مع برلمانات بلدان المنطقة، والذي تغذيه ذاكرة تاريخية مشتركة وعمق حضاري وثقافي متقاسم.
واشار إلى أن انعقاد هذه الملتقيات يأتي بعد أربع سنوات من انضمام المملكة المغربية لنظام الاندماج بأمريكا الوسطى (سيكا) كعضو مراقب، مبرزا ان الانضمام لهذا التكتل الإقليمي الهام جاء تجسيدا لقناعة المغرب الراسخة بأهمية الدور الطلائعي الذي تلعبه اليوم التكتلات الإقليمية والجهوية في عالم شديد التعقيد ومتسارع التحولات والتغيرات، ورغبة منه في دعم مسلسل الاندماج الجهوي الذي يوجد ضمنه نظام “سيكا”، كمنظمة إقليمية نوعية ووازنة.
وشدد على أن هذا الانضمام جاء أيضا انسجاما مع الخيار الاستراتيجي للمملكة بتعزيز التعاون جنوب جنوب، من اجل تقاسم التجارب في مختلف المجالات وبلورة تدابير ومبادرات ملموسة للتعاون تستثمر الفرص المشتركة المتاحة، وعلى رأسها مكانة المغرب الجهوية والإقليمية المتميزة وموقعه الجيو استراتيجي كبوابة تربط بين أمريكا الوسطى والكاريبي وأمريكا اللاتينية على العموم والعالم العربي وإفريقيا، مبرزا أن المغرب يتطلع دائما إلى مزيد من التعاون والشراكة مع بلدان الجنوب، وهو ما جسدته الزيارة التاريخية لجلالته لبلدان أمريكا اللاتينية سنة 2004، والتي شملت جمهورية الدومنيكان الصديقة.
وقد تميز حفل افتتاح أشغال هذه الملتقيات بتلاوة كلمة لرئيس جمهورية الدومنيكان، دانيلو ميدينا، وبكلمتين للأمين العام لنظام “سيكا”، فينيسيو كريثو، ولرئيس البارلاسين، طوني رافول، على الخصوص، أكدت على دور المؤسسة التشريعية الإقليمية في تعزيز التعاون والاندماج الإقليمي ورفع عدد من التحديات الراهنة المرتبطة، على الخصوص، بالتنمية المحلية، والجهوية، وبمكانة النساء في الحياة السياسية، وأدوار الأحزاب السياسية في أفق 2030.
ويضم الوفد المغربي المشارك في هذه الملتقيات، فضلا عن بن شماس، كلا منعبد القادر سلامة الخليفة الرابع لرئيس مجلس المستشارين، وأحمد الخريف، أمين المجلس وممثله الدائم لدى برلمان أمريكا الوسطى، ونجية لطفي وفاطمة السعدي، عضوي الشعبة الوطنية بمجلس النواب الخاصة بالبارلاسين.